في مواجهة مظاهرات الغضب العراقية لم يتردد رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي في استخدام كل ما لديه من أسلحة زودته بها قوات الاحتلال الامريكي ودربته عليها قوات وزير الداخلية المصري الاسبق حبيب العادلي. فالوزير السابق المحبوس رهن التحقيق افتتح لحسابه اكاديمية اقليمية لتدريب "شرطة مكافحة الشغب" علي كيفية التصدي للمتظاهرين وقمعهم وتصفيتهم جسدياً واعتقال من يبقي حياً منهم. وبينما استطاع المالكي (وهو يشغل ايضاً منصب وزير الداخلية والدفاع بالاضافة الي رئاسة مجلس الوزراء) ارهاب المتظاهرين العراقيين بعد ان قتل منهم العشرات واعتقل المئات باسناد معلوماتي وميداني امريكي، فشل العادلي في الامتحان حيث يكرم المرء أو "يدخل الليمان" وانتصرت ثورة الشعب المصري. ولأن المالكي أحد "مبدعي" هذا الزمان الاجرب فقد قرر منع التظاهر في ساحة التحرير وسط بغداد وحصر التظاهر في ثلاثة مواقع لم تخطر علي بال اتحاد كرة القدم الدولي "الفيفا" ولا رئيسه جوزيف بلاتر! الموقع الاول هو ملعب الشعب الدولي أكبر ملاعب العراق، والموقع الثاني هو ملعب الكشافة ثاني أكبر ملاعب العراق. وكلاهما في بغداد العاصمة ويسهل حصارهما ومنع الدخول اليهما أو الخروج منهما. وبذلك لن تستطيع قناة "الجزيرة" أو غيرها تصوير المظاهرات ولن يسمح بدخول "الموبايلات" مع المتظاهرين، وليقل المتظاهرون ما يشاءون ولتفعل بهم الشرطة ما تشاء فليس هناك شهود ولا فضائيات ولا حقوق انسان! ولان الملعبين المذكورين يقعان في جانب الرصافة من بغداد علي الجهة اليمني من نهر دجلة فقد قرر المالكي تسمية موقع ثالث للتظاهر في جانب الكرخ علي الجهة اليسري من النهر، واختار لذلك حديقة الزوراء وهي أكبر حديقة عامة في وسط العاصمة. واختيار هذه الحديقة لم يكن اعتباطاً فهو أراد الترفيه عن المتظاهرين خلال مظاهراتهم من خلال استخدام العاب مدينة الالعاب ثم قضاء اوقات ممتعة في حديقة حيوانات الزوراء ومشاهدة الزرافات والدببة والاسود! وطبعاً نحن لا نتهم المالكي بانه كان سيئ النية حين اختار الزوراء وحديقة حيواناتها مكانا لمظاهرات الغاضبين من فساد الحكومة وسوء الخدمات العامة والاعتقالات التعسفية التي طالت مئات الالاف من العراقيين طوال السنوات الخمس الماضية. فاذا لم يكن لدي العراقيين مسئولون يسمعون استغاثاتهم فما عليهم الا ان يتحدثوا عن همومهم لتلك الحيوانات ويطالبونها بنقل معاناتهم الي كبار المسئولين! وفجأة قرر المالكي تنظيم مظاهرات من الاحزاب المؤيدة له رداً علي مظاهرات المطالبين بسقوطه ورحيله. وانطلق ألوف من موظفي وزارة العدل ووزارات أخري حاملين صور المالكي ومطالبين بحقوقهم الديمقراطية! وهذه الحقوق الديمقراطية ليست منعهم من المشاركة في الانتخابات أو تبوؤ مناصب عليا أو زيادة رواتبهم، ولكنها ضرورة اعتراف الحكومة بشهاداتهم المزورة واستمرارهم في وظائفهم العليا بعد ان تعالت الاصوات التي تدعو الي طردهم من تلك الوظائف واحالتهم الي المحاكم. لقد شجعت الاحزاب الحاكمة في ظل الاحتلال اعضاءها وانصارها ممن لا يحملون شهادات من معاهد ما انزل الله بها من سلطان بهدف احتلال المناصب العليا في البلد. وهكذا امتلأت دواوين الحكومة وسفاراتها وثكنات جيشها ومراكز شرطتها.. بل وحتي مقاعد وزرائها ونوابها باصحاب شهادات الدكتوراه والماجستير المزورة. بل ان مسئولاً كبيراً في الدولة اكتشفوا في ملفه شهادة دراسة ثانوية مزورة من ثانوية للبنات في بغداد! الاغرب من كل ذلك ان وزير العدل العراقي الحالي وهو من حزب رئيس الحكومة قال انه يتعاطف مع أصحاب الشهادات المزورة وان وزارته العادلة تضم أكثر من أربعة الاف من مزوري الشهادات! لقد دفع المالكي هؤلاء المزورين الي التظاهر في شوارع بغداد ليس دفاعاً عنهم، ولكن للاساءة الي كل المتظاهرين ضد هذه الحكومة المزورة.