تظل الصداقة هي القيمة الثابتة عبر كل العصور، فالصديق مرآة صديقه.. هو الناصح والسند وقت الشدة ، تجده في السراء كما في الضراء، وفي وقت تتراجع فيه الكثير من الأخلاقيات لصالح المصالح تتعاظم قيمة الصديق الحقيقي في وقت الرخاء كما في وقت الشدة، في وقت الحزن والضيق كما في وقت الفرحة. في أوقات فارقة في حياتي، وفي أوقات الاختيارات الصعبة والقرارات الحاسمة كان الاصدقاء دائما هم السند والظهر بالنصيحة الخالصة لوجه الله .. وبالمساندة الحقيقية في وجه لهيب الشمس أو شدة البرد. صحيح أننا لا نحسن دائما اختيار الاصدقاء، وأننا ندفع الثمن غاليا عندما نخطئ الاختيار، لكن الأصح أن الصديق الحقيقي عملة نادرة وعندما تجده لا يجب أن تفرط فيه. تظل النصيحة الصادقة وكلمة الحق والمودة هدفا نبحث عنه ويستحق أن نضحي في سبيله بالجهد والوقت.. عندما تتعدد الاختيارات تحتاج نصيحة صادقة من قلب محب، عندما تسود الدنيا تحتاج لرأي مخلص، عندما تتلقي الطعنات تحتاج لمن يساعدك علي تحملها، وعندما تهم بتوجيه الضربات تحتاج لمن يمسك بيدك عندما يعتصر قلبك ألما أو حزنا تحتاج لمن يشاركك العبء، وعندما تضحك أو تفرح تحتاج لمن يسمع الضحكة ويتقاسم معك الفرحة. لكن الأهم أنه عندما تتقاطع المصالح وتختلف الوجهات والآراء ألا تسمح للمطامح بأن تختطف منك صديقك.. قد تشعر ببعض الوجع لكن الصداقة الحقيقية تحتاج لضريبة يجب أن تتحملها. والحقيقة أن الصداقة لا تختلف عن قيم كثيرة وجميلة تتراجع حاليا لحساب المطامح والمصالح، لحساب المكاسب والخسائر .. في أجواء الصراع والتنافس وتراجع القيم تبرز الأمراض النفسية وتعقيدات النفس البشرية لتتصدر المشهد.. وإذا كان القابض علي دينه كالقابض علي جمر النار.. فالمؤكد أن القابض علي الدين يستوجب القبض علي كل هذه القيم، فالدين الأخلاق ولا فائدة لدين أو عبادة ما لم يتحول إلي منظومة أخلاق وقيم تقودنا نحو الأفضل. محكمة: قضاة مصر كانوا كالعهد بهم.. رجال قانون يحترمون أدوارهم ولا تختلط عليهم المفاهيم.. عندما بدأ الحديث عن تعديلات قوانين الهيئات القضائية أعلنوا رأيهم في وقار، ولكن عندما صدر القانون وصار واجب النفاذ أكدوا التزامهم به، فهم رجال القانون وأول من يحترمه، يحبون وطنهم ولم يسمحوا لأحد بتعكير المياه والصيد فيها.. هذا هو الدرس الأول الذي يجب أن نتعلمه جميعا ، من حقنا أن نختلف ومن حق كل طرف أن يدافع عن رأيه بكل الطرق المشروعة.. لكن الخلاف لا يجب أن يتحول إلي معول يساعد أعداء الوطن والمتربصين به في الداخل والخارج.. الوطن يجمعنا، والوطن يجب أن يكون هو القصد والغاية من وراء كل ما نفعله.