صناعة مراكب الصيد مهنة لها تاريخ يعود إلي آلاف السنين، ولعل أشهر من عمل بها سيدنا نوح عليه السلام، لذلك فهي مهنة ذات طابع خاص، وتحتاج إلي مهارة واتقان لا يتوافران في أي نجار. وفي الإسماعيلية التي تعد واحدة من أهم المحافظات التي تنتشر حرفة الصيد بها توجد مجموعة من أهم ورش تصنيع مراكب الصيدالتي تشتهر بين الصيادين باسم »الفلايك» فالإسماعيلية بها أكبر بحيرة مياه مالحة في مصر، وهي بحيرة التمساح، لذلك يعتمد الآلاف من أبناء المحافظة علي الصيد، والصيد يعني التوكل علي الله وما تسوقه الأقدار من رزق، ولا يقتصر فقط علي الصيادين، بل أيضا يمتد الي المهن المرتبطة بالصيد، ومنها حرفة صناعة »الفلايك». وعلي ضفاف بحيرة الصيادين وتحديدا علي أطراف عزبه البهتيني تنتشر ورش صناعة مراكب الصيد أو»الفلايك» كما يعرفها أهالي المنطقة بمختلف أنواعها وأحجامها . »الأخبار» مع واحد من أشهر مصنعي مراكب الصيد بالمنطقة للتعرف عن قرب علي أسرار تلك الحرفة والعوائق التي تواجه أصحابها .. يقول أحمد شتا صاحب إحدي الورش أنني اعمل بتلك الحرفة منذ 27 عاما حيث توراثناها من أجدادنا الذين انتقلوا من قرية المنزلة بدمياط للإسماعيلية منذ عام 1980 وكان عمري لايتجاوز ثمانية اعوام ومنذ ذلك الحين وانا أعمل بجوار والدي وأخي الاصغر بتلك الحرفة. ويضيف شتا أن مراكب الصيد متنوعه ومختلفة الأحجام وهي كما يطلق عليها الصيادون »الفلايك» ومنها الصغير والمتوسط والفلوكة السويسي والاسمعلاوي بجانب اللنشات الكبيرة وجميعها يتم تصنيعها يدويا. وعن نوعية الأخشاب المستخدمة في تصنيع »الفلايك» يقول شتا اننا نستخدم الخشب السويدي في بناء الهيكل الخارجي للمركب وخشب التوت في الأعمدة الرئيسية داخل الفلوكة، كما يتم استخدام انواع معينة من الدهانات لتغطية جسم المركب بجانب الفايبر مشيرا الي ان المدة الزمنية لتصنيع الفلوكة الواحدة لا يتعدي 45 يوما . ويشير شتا إلي أن حرفة بناء وصناعة مراكب الصيد هي حرفة قديمة وأول من أمتهنها سيدنا نوح عليه السلام وقصته في هذا المجال معروفة ، وهي لها أسس وقواعد مختلفة في النجارة مختلفة كليا عن اي نجارة مماثلة ولها مواصفات لايعرفها الا العاملون بها . وعن تكلفة صناعة الفلوكة يقول أن الفلوكة الصغيرة يتراوح سعر تصنيعها من 20 إلي 22 الف جنيه وتلك الاسعار شهدت زيادة كبيرة خلال الفترة القصيرة الماضية بسبب غلاء أسعار المواد الخام ففي الماضي كان السعر لا يتعدي 14 الف جنيه ، اما المراكب او اللنشات الكبيرة فيصل متوسط سعرها إلي 35 الف جنيه . ويفجر شتا مفاجأة ان إجمالي عدد التراخيص الممنوحة للصيد علي مستوي الإسماعيلية لا يتعدي 984 ترخيص مزاولة الصيد وفي المقابل هناك مايزيد عن 4200 فلوكة متواجدة بالبحيرات تعمل بالصيد وهي بالطبع مخالفة نتيجة عدم فتح باب التراخيص ولم يتم حتي الآن توفيق اوضاع العاملين بها . ويوضح شتا ان الظروف الحالية التي تواجه الصيادين صعبة للغاية نتيجة بعض الإجراءات الأمنية بقناة السويس ومنع الصيد ليلا وهو ما يضع الصيادين في وضع صعب، فالحرفة الاساسية لسكان المنطقة هي الصيد ونعيش حاليا أياما صعبة بسبب غلاء المعيشة وضيق ذات اليد . ويؤكد أحمد شتا أنه كان يقوم بتصنيع ما بين 9 الي 10 مراكب في الموسم ولكن هذا العام جميع المراكب الموجودة بالورشة هي للإحلال أو الصيانة فقط لذا نطالب الدولة بتقنين اوضاع الصيادين الذين لايجيدون حرفة أخري سوي الصيد.