نعم إن الإنسان ليطغي إذا واتته الفرصة.. فأصبح مثلا رئيسا للبلاد للبلاد، ولم يراجعه أو يحاسبه أو يسائلة أحد.. بل نافقه الجميع إلا من رحم ربي.. فكل قول يقوله هو الحكمة بعينها، وكل زيارة يقوم بها للخارج وما أكثرها ناجحة، وكل بيان يلقيه في أي مناسبة هو بيان هام!! وإن كان فارغا من المضمون.. سبحان الله.. لقد عاملناه وكأنه إله أو شبه إله.. وقال له البعض إن كل كلمة يتلفظ بها سيادته هي دستور نمشي علي هداه!! أفلا يطغي ويستبد؟! بل ويستخف بهذا الشعب إستخفافا لامزيد عليه؟ وإذا قال قولته الشهيرة »إني منحاز للفقراء ومحدودي الدخل« إلتهبت الاكف بالتصفيق، ولم يكن منحازا للفقراء أو لمحدودي الدخل، ولم يكن مطلوبا منه كرئيس للبلاد أن ينحاز لفئة دون أخري أو طبقة إجتماعية دون أخري، بل المطلوب أن يعدل مع الجميع، ويكون الجميع عنده سواسية كأسنان المشط، وإنما كان يطلق هذه الجملة إنتزاعا للتصفيق، ولم يكن يعنيها بحال من الاحوال، وإلا لما كانت العشوائيات، و إن نسبة كبيرة من الشعب عاشت في عهده المديد تحت خط الفقر.. واذا تجرأ أحد علي نقده ولو بالتلميح من بعيد، كانت أجهزته الامنية له بالمرصاد فصبوا عليه سوط عذاب.. حقا إن الله يمهل ولايهمل.. وقد سبقه في هذا فرعون.. وقد قيل في الامثال »يافرعون مالك إتفرعنت، قال ما لقيتش حد ردني« وكان الفرعون الجديد يتمثل قول الفرعون القديم »ما علمت لكم من إله غيري« »القصص 83« فطغي وتجبر، وتأله علي خلق الله، مع أنه لم يكن لديه حل للمشكلات التي تنغص عيش المصريين، وكان يكتفي بالقول »وأنا هاعمل لكو إيه؟ إنتو عمالين تكتروا« وطالما لم يكن عندك حل لتلك المشكلات، فلم لاتترك غيرك يتولي أمور البلاد والعباد، لعله أن يكون لديه حل؟! ولكن كيف يترك كرسي الحكم الوثير ولمن؟ إن كان ولابد فليكن لإبنه من بعده.. وهو نفسه كان متمسكا بالحكم إلي النفس الأخير.. له ولشعبه!! أتمني علي الله، وقد من علينا بهذه الثورة المجيدة التي لا أري لها مثيلا في التاريخ، ألا نفسدها بأن نؤله الرئيس القادم أيا كان، وكأنك يا أبوزيد ما غزيت!! نريد أن نعامل رئيسنا القادم بإعتباره واحدا منا لا أكثر.. وأن نحاسبه ونراجعه ونسائله، ولانحجم عن ذلك أبي، حتي لايتفرعن علينا، فليس هو بأفضل من الصحابي الجليل أبا بكر الصديق حينما ولي الخلافة، قولته »يا أيها الناس لست بخيركم، فإن رأيتموني علي حق فأعينوني، وإن رأيتموني علي باطل فقوموني، اطيعوني ما اطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم« فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.. ومعصية الخالق بالنسبة للحاكم تتأتي في عدم إقامة العدل بين الناس، أو في قمع حرياتهم، أو في شيوع الفساد في عهده، أو في الإستئار بالرأي دونهم، حيث قال جل شأنه »وأمرهم شوري بينهم« »الشوري 83«.. لايجب أن نأتي بفرعون جديد، ليحكمنا بقبضة من حديد، وإلا راح دم الشهداء الأبرار والمصابين في ثورة 52 يناير هدراً.. وهذا مالا ينبغي ابدا ان يكون..