معركة الدعاية الانتخابية تشتعل وزيارة لأهل المدد والأضرحة في أسيوط    المنيا تُجهز 469 مقرًا لانتخابات الشيوخ (صور)    محافظ دمياط يُهنئ مدير الأمن لتوليه مهام عمله الجديد    انتخابات مجلس الشيوخ.. "بدوي": الدعاية الانتخابية مستمرة حتى نهاية الشهر دون رصد أي خروقات    الديون خطورة للخلف |وزير المالية: بدأنا خفض المديونية.. والمؤشرات «مشجعة جداً»    تباين أداء الأسهم الأمريكية في مستهل التداولات بعد إعلان اتفاق تجاري مرتقب مع الاتحاد الأوروبي    قطع التيار الكهربائي عن 18 منطقة بمدينة فوه بكفر الشيخ لمدة 3 ساعات    المنيا تخصص أراضٍ لإنشاء 20 مدرسة ومعاهد أزهرية جديدة    عاطف زايد يكتب: القضية الفلسطينية في قلب مصر    عماد الدين حسين: هناك من حاول التشكيك في دور مصر الداعم لفلسطين    ألمانيا في ظلام دبلوماسي مع إعادة تقييم واشنطن لانتشار قواتها العسكرية في أوروبا    العراق: اعتقال المتسبب الرئيسي في القتال بين قوات الأمن والحشد الشعبي    منتخب الريشة الطائرة يحصد برونزية إفريقيا المدرسية في الجزائر    رسميًا.. الأهلي يعلن عدم إذاعة مباراة إنبي الودية    «انتقال أليو ديانج إلى بيراميدز؟».. شوبير يكشف الحقيقة    ديفيد ديفيز: "سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير"    وضعتها في دولاب.. حبس المتهمة بقتل الطفلة سارة بقنا    عودة لمسرح الجريمة.. الزوج القاتل يمثل الواقعة بمنزله بالبحيرة    ميمي جمال: أُهدي تكريمي ب«القومي للمسرح» لرفيق دربي الفنان حسن مصطفى    ب "ملابس البحر".. جنا عمرو دياب تستمتع بإجازة الصيف وسط البحر بصحبة أصدقائها    مفتي الجمهورية يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة تعزيز التعاون    سميرة صدقي تتحدث عن تجربتها في فيلم «الجواز العرفي»    هل يجوز إلقاء بقايا الطعام في القمامة؟.. أمينة الفتوى تجيب    تفاصيل إصابة طبيب بجرح قطعي في الرأس إثر اعتداء من مرافق مريض بمستشفى أبو حماد المركزي بالشرقية    طريقة بسيطة وسهلة لتقديم كيك الشوكولاتة    8 أنواع من الفاكهة مهمة ل مرضى السكري    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    مصطفى: مؤتمر حل الدولتين يحمل وعدا لشعب فلسطين بانتهاء الظلم    محمد عبد السميع يتعرض لإصابة قوية فى ودية الإسماعيلى وزد    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    توقعات: دوري ملتهب وحار جدًا!    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    بيراميدز يعلن رسمياً التعاقد مع البرازيلي إيفرتون داسيلفا    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    التحقيق في مصرع شخصين في حادث دهس تريلا بدائرى البساتين    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    منال عوض تتابع ملفات وزارة البيئة وتبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    "13 سنة وانضم لهم فريق تاني".. الغندور يثير الجدل حول مباريات الأهلي في الإسماعيلية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    "اوراسكوم كونستراكشون" تسعى إلى نقل أسهمها إلى سوق أبو ظبي والشطب من "ناسداك دبي"    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    محاكمة 8 متهمين بقضية "خلية الإقراض الأجنبي" اليوم    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
داعش والأهرام
نشر في الأخبار يوم 09 - 06 - 2016

نشرت داعش خلال الأسبوع الماضي مقطعا من مقاطع الفيديو، تصور جرائمها النكراء في تدمير معبد (نابو) الواقع في مدينة نمرود الآشورية في العراق، وتدمير الآثار الموجودة داخله، وفيه صور جرافة تدمر الآثار بينما يقوم أفراد التنظيم الإرهابي بتفجير بقية أنحاء المعبد، وهكذا فعل التنظيم الإجرامي في آثار الموصل ومدينتي نمرود والحضر، وعدد من مواقع الآثار في سوريا، وأشاروا إلي أنهم يريدون أيضا تدمير الأهرام وتمثال أبي الهول، وصدر مثل هذا الكلام من داعية كويتي، بل صدر أيضا من أشخاص هنا في مصر قبل بضع سنوات، حينما خرج أحدهم بتصريح ينادي فيه بتغطية الأهرام والآثار بالشموع، فأثار هذا في نفسي عدة تعليقات:
أولها: انتشر المسلمون في العالم من جيل الصحابة الكرام فمن بعدهم، جيلا من وراء جيل، فدخلوا إلي أرض مصر، والهند، والعراق، والشام، إلي أقصي الغرب الأفريقي، وشاهدوا المعابد والأهرام والتماثيل والأبنية التاريخية الضخمة، من الآثار الفرعونية والآشورية واليونانية، فما تعرضوا لها بتدمير ولا تخريب ولا هدم، بل شاهدوها، وتعجبوا منها، وتجشموا المصاعب لأجل رؤيتها، بل صعدوا فوق الأهرام، وقرأوا القرآن الكريم هناك، والحديث النبوي الشريف، بل نقش الصحابة أسماءهم علي الأهرام، وشوهدت كتابات الصحابة الكرام علي الهرم بلفظ (يوحد الله فلان)، كما نقل ذلك العالم الجليل أبو جعفر محمد بن عبد العزيز الإدريسي في كتابه الجليل: (أنوار عُلْويِّ الأجرام، في الكشف عن أسرار الأهرام).
ثانيا: وعلي ذكر كتاب الإدريسي المذكور فإن الشجون تتحرك في القلب لهذا العالم الجليل وسبب تأليفه لكتابه، حيث جلس إلي بعض أساتذته ممن يعلمونه الحكمة، فسأله أستاذه أن يحدثه عن أهرام مصر، فلم يجد الإدريسي ما يقوله لشيخه، فوبخه شيخه علي هذه الهمة المتدنية التي لم تحركها الأشواق والشغف العلمي علي أن يري أمثال العجائب العلمية الكامنة في تلك الأهرام، ثم زاد أستاذه فقال له: لا تعد لقراءة كتاب من الحكمة عليّ، فرجع الإدريسيُّ إلي مصر، وظل سنوات يبحث في عجائب الهرم، حتي ألف كتابه هذا: (أنوار علوي الأجرام، في الكشف عن أسرار الأهرام)، وطبع الكتاب ضمن منشورات المعهد الألماني لأبحاث، بتحقيق أولريش هارمان، وكان العلامة أحمد تيمور باشا قد اطلع علي مختصره مخطوطا، ونقل خلاصة فوائده قبل طبعه في كتابه: (التذكرة التيمورية: معجم الفوائد ونوادر المسائل)، واطلعت شخصيا بعد ذلك علي كتاب للإمام الكبير جلال الدين السيوطي اسمه: (تحفة الكرام، في خبر الأهرام)، وهو مطبوع، بل رأيت من تصرف كبار علماء المسلمين ما يثير الدهشة من شغفهم بالأهرام، حتي يحكي العلامة شمس الدين السخاوي مشهدا عجيبا عن أستاذه الإمام ابن حجر العسقلاني شيخ علماء مصر في زمانه بل شيخ علماء الدنيا في الحديث النبوي وشارح صحيح البخاري، حيث يقول السخاوي إن ابن حجر توجه إلي الأهرام التي حارت الأفكار في شأنها، وتكلم الناس فيها نظما ونثرا، فصعد أعلي الهرم، ودخل السرداب الذي بأسفله، وفي الوصول إليه خطر، لأنه لا يتمكن في أول دخوله إلا أن يزحف علي بطنه، ولا يأمن حينئذ من الحيات والعقارب، ثم يقول السخاوي: وقد اقتديت به في ذلك، وقرأت بأعلاه شيئا من القرآن والحديث، فضلا عن كتابات العشرات والمئات من علماء الإسلام عن الأهرام في كتبهم في تقويم البلدان، أو رحلاتهم المدونة، كما فعل المقدسي البشاري في كلامه عن الأهرام في (أحسن التقاسيم، في معرفة الأقاليم)، أو ابن خرادزبه في كتابه: (المسالك والممالك)، وغير هؤلاء كثير جدا من العلماء.
ثالثا: قال العلامة الطبيب عبد اللطيف البغدادي المتوفي في القرن السابع الهجري- في رحلته: (الإفادة والاعتبار، في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) والكتاب مطبوع في الهيئة المصرية العامة للكتاب: (وقد سُلِكَ في بناية الأهرام طريقٌ عجيب من الشكل والإتقان، ولذلك صَبَرَتْ علي مر الزمان، بل علي مَرِّها صبر الزمان، فإنك إذا تبحرتها وجدت الأذهان الشريفة قد استهلكت فيها، والعقول الصافية قد أفرغت عليها مجهودها، والأنفس النيرة قد أفاضت عليها أشرف ما عندها، والملكات الهندسية قد أخرجتها إلي الفعل مثلا هي غاية إحكامها، حتي إنها تكاد تحدث عن قومها، وتخبر بحالهم، وتنطق عن علومهم وأذهانهم، وتترجم عن سيرهم وأخبارهم)، ثم يصف البغدادي بعض أسرارها الهندسية إلي أن يقول: (وعلي تلك الحجارات كتابات بالقلم القديم المجهول، الذي لم أجد بديار مصر من يزعم أنه سمع بمن يعرفه، وهذه الكتابات كثيرة جدا، حتي لو نقل ما علي الهرمين فقط إلي صحف لكانت زهاء عشرة آلاف صحيفة).
وأقول: إن الأهرام ليست أحجارا مرصوصة، بل هي وثيقة تاريخية فريدة، لا مثيل لها علي وجه الأرض، وأي إنسان عنده شذرات في فقه الإسلام ومعرفة نسق تفكيره وعلومه وآدابه ومعارفه، ومحبته للعمران، وعنايته بعلوم الحضارة، وطريقة الأجيال المختلفة من علماء المسلمين في فهم ذلك كله، يدرك أن هذين الهرمين من أثمن وأغلي وأعز ما علي ظهر الأرض، وأن مجرد التفكير في التعدي علي هذا الأثر النفيس يدل علي جهل مطبق، وعقلية مغرقة في الإجرام، وأن تلك الأهرام شاهد صادق علي عبقرية هذا الإنسان المصري، وأنه كان سابقا لزمانه ولمستوي العلوم الهندسية والرياضية المألوفة في زمانه بعدة عقود وقرون، وأن تلك الأهرام تزيد الإنسان المصري ثقة في ذكائه وعبقريته وسبقه العلمي والمعرفي، وأنه لايزال قادرا علي أن يكون امتدادا حقيقيا لذلك الجيل العظيم من عباقرة المصريين، وسوف تزول داعش، ويزول كل فكر إجرامي منحرف، وتبقي مصر وأهرامها وجيشها ومؤسساتها، ويبقي الإنسان المصري القادر بتوفيق الله تعالي علي أن يصنع في كل جيل إبداعا جديدا، ولولا ضيق مساحة المقال هنا لكتبت تفاصيل كثيرة في هذا الصدد، وقد توسعت في الكلام في كل ذلك في كتابي: (الشخصية المصرية: خطوات علي طريق استعادة الثقة)، وسلام علي الصادقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.