1695 طالبًا يؤدون الامتحانات العملية والشفوية بتمريض القناة    «تربية بني سويف» تنظم المؤتمر السنوي الأول لقسم الصحة النفسية    أسعار الخضروات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في قنا    وزير النقل يبحث مع 9 شركات نمساوية تصنيع مهمات السكك الحديدية محلياً    عاجل| أونروا: 450 ألف شخص نزحوا من رفح الفلسطينية منذ 6 مايو الجاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء القصف الإسرائيلي إلى 35173 شخصا    طلائع الجيش يستضيف الإسماعيلي بالدوري    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في محافظة قنا    يوسف زيدان يهدد بالانسحاب من "تكوين" بسبب مناظرة عبد الله رشدي    احذر.. الهواء داخل السيارة قد يتسبب في إصابتك بمرض خطير    الإسكان تعلن تسليم الأراضى بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر.. الأحد    توريد 178 ألف طن قمح في كفر الشيخ    سعر طن الحديد اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في مصر.. كم يبلغ الآن؟    إطلاق مبادرة «اعرف معاملاتك وأنت في مكانك» لخدمة المواطنين بسفاجا    سويلم يتابع إجراءات وخطة تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    وزارة الدفاع الروسية تعلن تدمير 25 صاروخًا فوق منطقة بيلجورود    البيت الأبيض: بايدن يوقع قانونا يحظر استيراد اليورانيوم المخصب من روسيا    اليوم.. «صحة النواب» تناقش موازنة الوزارة للعام المالي 2024-2025    الزمالك يدرس توجيه دعوة إلى مجلس الأهلي لحضور نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024    آينتراخت فرانكفورت الألماني يكشف حقيقة خضوع عمر مرموش لعملية جراحية    المفتي يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي    مليون طالب بالدقهلية يؤدون امتحانات النقل    تعرف على الحالة المرورية في شوارع وميادين القليوبية.. اليوم    استراتيجيات الإجابة الصحيحة على أسئلة الاختيار من متعدد لطلاب الثانوية العامة في العام 2024    ضبط 56 بلطجياً وهارباً من المراقبة بالمحافظات    اللمسات النهائية قبل افتتاح الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي الدولي    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الثلاثاء 14 مايو    بعد التحديثات الأخيرة ل عيار 21.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الصاغة    "إكسترا نيوز" تعرض تقريرا عن تفاصيل مشروع الدلتا الجديدة    قافلة طبية مجانية لأهالي قرية الجراولة بمطروح.. غدا    جامعة حلوان تستقبل وفدًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لبحث سبل التعاون    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    معلومات عن فيلم «ريستارت» لتامر حسني قبل انطلاق تصويره اليوم    نائب وزير الخارجية الأمريكي: نؤمن بحل سياسي في غزة يحترم حقوق الفلسطينيين    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقعًا حيويًا في إيلات    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    خالد الغندور: الجميع يتفنن في نقد حسام حسن وأطالب القطبين بالتعاون مع المنتخب    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    القصة الكاملة لهتك عرض الطفلة لمار وقتلها على يد والدها بالشرقية    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الخميس.. تقديم أعمال محمد عبدالوهاب ووردة على مسرح أوبرا دمنهور    الأوبرا تختتم عروض "الجمال النائم" على المسرح الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
داعش والأهرام
نشر في الأخبار يوم 09 - 06 - 2016

نشرت داعش خلال الأسبوع الماضي مقطعا من مقاطع الفيديو، تصور جرائمها النكراء في تدمير معبد (نابو) الواقع في مدينة نمرود الآشورية في العراق، وتدمير الآثار الموجودة داخله، وفيه صور جرافة تدمر الآثار بينما يقوم أفراد التنظيم الإرهابي بتفجير بقية أنحاء المعبد، وهكذا فعل التنظيم الإجرامي في آثار الموصل ومدينتي نمرود والحضر، وعدد من مواقع الآثار في سوريا، وأشاروا إلي أنهم يريدون أيضا تدمير الأهرام وتمثال أبي الهول، وصدر مثل هذا الكلام من داعية كويتي، بل صدر أيضا من أشخاص هنا في مصر قبل بضع سنوات، حينما خرج أحدهم بتصريح ينادي فيه بتغطية الأهرام والآثار بالشموع، فأثار هذا في نفسي عدة تعليقات:
أولها: انتشر المسلمون في العالم من جيل الصحابة الكرام فمن بعدهم، جيلا من وراء جيل، فدخلوا إلي أرض مصر، والهند، والعراق، والشام، إلي أقصي الغرب الأفريقي، وشاهدوا المعابد والأهرام والتماثيل والأبنية التاريخية الضخمة، من الآثار الفرعونية والآشورية واليونانية، فما تعرضوا لها بتدمير ولا تخريب ولا هدم، بل شاهدوها، وتعجبوا منها، وتجشموا المصاعب لأجل رؤيتها، بل صعدوا فوق الأهرام، وقرأوا القرآن الكريم هناك، والحديث النبوي الشريف، بل نقش الصحابة أسماءهم علي الأهرام، وشوهدت كتابات الصحابة الكرام علي الهرم بلفظ (يوحد الله فلان)، كما نقل ذلك العالم الجليل أبو جعفر محمد بن عبد العزيز الإدريسي في كتابه الجليل: (أنوار عُلْويِّ الأجرام، في الكشف عن أسرار الأهرام).
ثانيا: وعلي ذكر كتاب الإدريسي المذكور فإن الشجون تتحرك في القلب لهذا العالم الجليل وسبب تأليفه لكتابه، حيث جلس إلي بعض أساتذته ممن يعلمونه الحكمة، فسأله أستاذه أن يحدثه عن أهرام مصر، فلم يجد الإدريسي ما يقوله لشيخه، فوبخه شيخه علي هذه الهمة المتدنية التي لم تحركها الأشواق والشغف العلمي علي أن يري أمثال العجائب العلمية الكامنة في تلك الأهرام، ثم زاد أستاذه فقال له: لا تعد لقراءة كتاب من الحكمة عليّ، فرجع الإدريسيُّ إلي مصر، وظل سنوات يبحث في عجائب الهرم، حتي ألف كتابه هذا: (أنوار علوي الأجرام، في الكشف عن أسرار الأهرام)، وطبع الكتاب ضمن منشورات المعهد الألماني لأبحاث، بتحقيق أولريش هارمان، وكان العلامة أحمد تيمور باشا قد اطلع علي مختصره مخطوطا، ونقل خلاصة فوائده قبل طبعه في كتابه: (التذكرة التيمورية: معجم الفوائد ونوادر المسائل)، واطلعت شخصيا بعد ذلك علي كتاب للإمام الكبير جلال الدين السيوطي اسمه: (تحفة الكرام، في خبر الأهرام)، وهو مطبوع، بل رأيت من تصرف كبار علماء المسلمين ما يثير الدهشة من شغفهم بالأهرام، حتي يحكي العلامة شمس الدين السخاوي مشهدا عجيبا عن أستاذه الإمام ابن حجر العسقلاني شيخ علماء مصر في زمانه بل شيخ علماء الدنيا في الحديث النبوي وشارح صحيح البخاري، حيث يقول السخاوي إن ابن حجر توجه إلي الأهرام التي حارت الأفكار في شأنها، وتكلم الناس فيها نظما ونثرا، فصعد أعلي الهرم، ودخل السرداب الذي بأسفله، وفي الوصول إليه خطر، لأنه لا يتمكن في أول دخوله إلا أن يزحف علي بطنه، ولا يأمن حينئذ من الحيات والعقارب، ثم يقول السخاوي: وقد اقتديت به في ذلك، وقرأت بأعلاه شيئا من القرآن والحديث، فضلا عن كتابات العشرات والمئات من علماء الإسلام عن الأهرام في كتبهم في تقويم البلدان، أو رحلاتهم المدونة، كما فعل المقدسي البشاري في كلامه عن الأهرام في (أحسن التقاسيم، في معرفة الأقاليم)، أو ابن خرادزبه في كتابه: (المسالك والممالك)، وغير هؤلاء كثير جدا من العلماء.
ثالثا: قال العلامة الطبيب عبد اللطيف البغدادي المتوفي في القرن السابع الهجري- في رحلته: (الإفادة والاعتبار، في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) والكتاب مطبوع في الهيئة المصرية العامة للكتاب: (وقد سُلِكَ في بناية الأهرام طريقٌ عجيب من الشكل والإتقان، ولذلك صَبَرَتْ علي مر الزمان، بل علي مَرِّها صبر الزمان، فإنك إذا تبحرتها وجدت الأذهان الشريفة قد استهلكت فيها، والعقول الصافية قد أفرغت عليها مجهودها، والأنفس النيرة قد أفاضت عليها أشرف ما عندها، والملكات الهندسية قد أخرجتها إلي الفعل مثلا هي غاية إحكامها، حتي إنها تكاد تحدث عن قومها، وتخبر بحالهم، وتنطق عن علومهم وأذهانهم، وتترجم عن سيرهم وأخبارهم)، ثم يصف البغدادي بعض أسرارها الهندسية إلي أن يقول: (وعلي تلك الحجارات كتابات بالقلم القديم المجهول، الذي لم أجد بديار مصر من يزعم أنه سمع بمن يعرفه، وهذه الكتابات كثيرة جدا، حتي لو نقل ما علي الهرمين فقط إلي صحف لكانت زهاء عشرة آلاف صحيفة).
وأقول: إن الأهرام ليست أحجارا مرصوصة، بل هي وثيقة تاريخية فريدة، لا مثيل لها علي وجه الأرض، وأي إنسان عنده شذرات في فقه الإسلام ومعرفة نسق تفكيره وعلومه وآدابه ومعارفه، ومحبته للعمران، وعنايته بعلوم الحضارة، وطريقة الأجيال المختلفة من علماء المسلمين في فهم ذلك كله، يدرك أن هذين الهرمين من أثمن وأغلي وأعز ما علي ظهر الأرض، وأن مجرد التفكير في التعدي علي هذا الأثر النفيس يدل علي جهل مطبق، وعقلية مغرقة في الإجرام، وأن تلك الأهرام شاهد صادق علي عبقرية هذا الإنسان المصري، وأنه كان سابقا لزمانه ولمستوي العلوم الهندسية والرياضية المألوفة في زمانه بعدة عقود وقرون، وأن تلك الأهرام تزيد الإنسان المصري ثقة في ذكائه وعبقريته وسبقه العلمي والمعرفي، وأنه لايزال قادرا علي أن يكون امتدادا حقيقيا لذلك الجيل العظيم من عباقرة المصريين، وسوف تزول داعش، ويزول كل فكر إجرامي منحرف، وتبقي مصر وأهرامها وجيشها ومؤسساتها، ويبقي الإنسان المصري القادر بتوفيق الله تعالي علي أن يصنع في كل جيل إبداعا جديدا، ولولا ضيق مساحة المقال هنا لكتبت تفاصيل كثيرة في هذا الصدد، وقد توسعت في الكلام في كل ذلك في كتابي: (الشخصية المصرية: خطوات علي طريق استعادة الثقة)، وسلام علي الصادقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.