عبد الرحمن مقلد حصد الشاعر المصري عبد الرحمن مقلد بقصيدته "من الحرب" الجائزة الأولي في مسابقة الشعر العربي التي نظمها المكتب الثقافي المصري بباريس، وهي المسابقة التي نظمت لأفضل نص مكتوب باللغتين العربية والفرنسية، تحت شعار "من أجل العيش المشترك". وتنشر القصائد الفائزة بالمراكز الأولي في مجموعة شعرية باللغتين العربية والفرنسية، تصدر عن مركز ذرا للدراسات والأبحاث، وذلك للمساهمة في كسر حدود الزمان والمكان، طالما أن الشعر هو لغة الإحساس العابر للقارات. ومن المقرر أن يسافر مقلد إلي باريس لحضور حفل توزيع الجوائز، والمشاركة في تكريم الشعراء الفائزين. تحدث مقلد إلي "الأخبار" عن تجربته مع الشعر فدار هذا الحوار: ماذا يعني لك فوزك بجائزة الشعر العربي التي نظمها المكتب الثقافي المصري ؟ الفوز بأية جائزة أمر مهم، وتأتي أهميته من إتاحة الفرص للتواصل، ووصول أدبه وكتابته لأكبر حيز ممكن، وهذا هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلي، أنا تقدمت إلي المسابقة، وهمي كله أن تصل قصيدتي إلي الناس، وتترجم، وهذا طموح مشروع، حققته الجائزة لي. لماذا اخترت قصيدة "من الحرب" لتقدمها في المسابقة ؟ القصيدة الفائزة من ديواني الجديد "مساكين يعلمون في البحر"، ويدور كله حول أفكار الصراع، ومفارقة العالم الذي أصبح الدم والحرب والهلاك أكثر مفرداته تداولا، والقصيدة تدور في هذا الإطار، وتتكون من مقطعين، الأول بعنوان "الدم" وهي معارضة لقصة قابيل وهابيل، والثاني بعنوان "عدوان" وتنطلق من رصد أسباب الصراع والصدام بين الأمم. جاء عنوان ديوانك الأول "نشيد للحفاظ علي البطء" مناقضًا للمنطق الشعري، عبر التركيب اللغوي المفارق...فكيف يحافظ النشيد علي البطء؟ يحمل الديوان اسم قصيدة "نشيد للحفاظ علي البطء" وهي تعني بتتبع حياة "السلحفاة"، هذا الكائن الراسخ والمضاد للسرعة والذي يحافظ علي الرتم الأساسي للحياة في مواجهة السرعة والتهور، ويصنع مثالا للهدوء والسكينة والمعرفة والعمق والتأمل، وكل هذا ضروري لنشيدي الخاص، والمنقذ لي ولكائناتي وأشيائي وأفكاري وبيتي وأصدقائي من الضياع الحتمي. تجلت في الديوان أدواتك الشعرية المغايرة من خلال تجاوزك للغة النمطية والصور الشعرية المستهلكة.. يبدو أنك منشغل بالتجريب والتجديد..أليس كذلك؟ آمنت منذ اللحظة الأولي لمعرفتي بالشعر بأن القصيدة الحية لابد أن تتنفس بشكل صحي، والتجريب يمدها بالأكسجين الكافي والجديد دائما، شرط أن يكون الهواء الذي هو التجريب نقيًا وخاليًا من الأتربة والغازات الضارة أو "الغريبة" علي أحسن تعبير. قصيدتي عربية البناء والمشرب، وجسدها محُملٌ بإرث وافر من المعرفة واللغة العربية والروح المحلية، وفي الوقت ذاته متفتحة للتراث الإنساني، ومنطلقة للأمام، وتحاول الابتعاد عن حيازات الغير وتحرث بدقة متناهية وبمودة أراضيها الجديدة. بين "نشيد للحفاظ علي البطء"، و"مساكين يعملون في البحر" الذي سيصدر قريبا، ماذا نجد من اختلاف؟ الاختلاف بين "النشيد" و"المساكين" الذي سيصدر مطلع العام المقبل، له أكثر من رافد، أولها تشبع التجربة ونموها مع التقدم في المعرفة والقراءات والإدراك الحسي والروحي، والخلاص إلي ما سميته "الكشف" ويمكن أن أسميه "الباطنية" القائمة علي التمازج اللغوي والمجازي والمعرفي، لإنتاج نص يتحرك من إطار واقعي ويتعامل مع بشر عاشوا في لحظة مرتبكة، وعاصروا مذابح وانتكاسات إنسانية حاولوا النجاة منها، كما في قصيدة "يعملون في البحر" الذي تعني بمجموعات من البشر وصل بهم التجرد لحد أنهم فقدوا خيالاتهم وانعدمت رؤيتهم المخملية للغد. لا أخفي أن بديوان "النشيد" كعادة الدواوين الأولي، ارتباكات ما، تنتج عن بحث حثيث ومحاولات التعامل المختلف مع معطيات التجربة الشعرية، وهي محاولات أحيانا "تصيب" وأحيانا "تخيب". ماذا تريد أن تحقق من خلال الشعر؟ أدين بكل ما في حياتي للشعر، وهذا ليس كلامًا في الهواء، ولكن الشعر أنقذني مراتٍ ومراتٍ، وأنجاني كثيرا، وضمن لي عملا، وأصدقاء، وحيثية للبقاء، ومبررات للتصعلك. في إحدي هذه المرات، أنقذتني قصيدةٌ من التورطِ في مأساةٍ ما لآخر عمري، واختارت لي حياة أجمل وأنقي.