نتوقف فجأة.. نغلق الأجفان.. شريط الحياة.. تفاصيل قد نعيشها خلسة دون أن ندرك.. يتوقف شريط الروتين.. نرتاح ونتكئ علي المسند.. نتمهل.. يتمهل فينا الإنسان.. تمهل أيها الإنسان فينا.. لكننا لا نقنع بشيء ودائما نشك أن هناك الأفضل.. ربما المعلوم وربما المجهول وفجأة زوبعة في فنجان.. سعادة حب وحرية.. صور مفردات ولغة تعبر عن كل واحد منا.. ونتساءل إن كان ما مر بنا هو حلم.. أم هو الحياة..؟ نادرا ما تحل العقد لوحدها.. ولكن ربما نصبح مع الوقت بارعين في حل رموز عقدنا.. وكم من قرار علي مر الحياة.. نحوم حول أنفسنا.. نسأل.. نسأم.. ننام.. نصحو والمضحك أننا نكتشف أن القرار الذي تعثرنا كثيرا قبل اتخاذه.. كان أسهل قرار اتخذه الآخرون.. ربما من الغباء أن نفهم بعدما تجاوز الآخرون نفس الفكرة.. لكن في التمهل أحيانا والتدقيق منفعة لا تفسد للود قضية.. نرفع بصرنا ننظر لعقارب الساعة ويكاد ذلك الشيء الصغير يخنقنا.. يقتلنا يسارعنا يسابقنا وينذرنا.. لا ندري لماذا ؟ ويذكرنا أن العمر واحد ومهما امتد فهو قصير.. كلما تحركنا نرمقه بنظرة لنري من يسبق.. هو يتعمد أن يعدّ علينا اللحظات.. يلهينا بالحظ أحيانا ويتركنا بلا خطط أحيانا كثيرة.. أما هو فيدور بلا نهاية ونحن نرغب أن نستريح كثيرا.. لا نجاريه أبدا مهما فعلنا وإن توقف لسبب ما يختل ميزان الحياة.. حتي إذا ما توقف يوتّرنا يقلقنا ولا نهدأ إلا عند رؤيته يتحرك من جديد.. إنها دوامة الوقت... لحظات في الحياة سريعة قصيرة تخطف الأرواح والبشر ما زالوا يلهثون.. يعدون وهما وحقيقة.. قال لي شخص عزيز في مرة من المرات : الحركة حياة والسكون موت.. كم توقفت عند تلك الجملة التي كادت أن تختصر الكون بأكمله.. كيف لا يفكر البعض هكذا ؟.. الوقت يسبب لنا التثاؤب ونتعب وهو لا يتعب.. يثير الجنون ولايهتز... تخلد الشمس.. يغيب القمر وبعد ليل طويل يأتي الصباح.. نستفيق وأول ما نرفع إليه نظرنا ذلك الشيء - عقارب الساعة - ونقفز لنسبقه وتستمر المعركة..هذا هو طبع الأيام.. نخالف أعمارنا ونرجع للوراء نستعيد أعواما مرّت منا في غفلة دون أن ندري.. كلنا نقول لو عاد الزمان بنا لفعلنا كذا وكذا... ما سقط منا من أوراق العمر لا نستعيده إلا في أمنيات لا تتحقق.. الصديق يعيننا علي الحياة وبلاويها ولكن لا طريقة للتعامل مع طيور السنين التي تهاجر دوما بعيدا ولا تعود... تعطي فرصا.. وتأخذ فرصا.. فتتسرب الأعوام من بين أصابعنا وبالكاد يبقي ما بقيّ.. نشوة الذكريات تلاعبنا مع كل صباح تفتحت وروده الندية.. وأخيرا يحتل الأبيض رءوسنا فلا نعود نفكر ولا نقول لو فعلنا كذا وكذا... فلم يعد في العمر ما نزرعه للغد.. ونبدأ باسترجاع طعم حلاوة الثواني والدقائق التي عشناها وكم نراها عظيمة متخمة.. نماطلها وننتظر أن تمتد.. فلا تأخذنا الريح فجأة من وسط مساءات أحبتنا.. ولا تعيدنا.. إلاّ كعطر زكي كلما تحدثوا عنا.. واسترجعوا شريط الحياة !...