القرآن الكريم ليس إلا عظة للناس جميعا يتذكرون في آياته ما اشتملت عليه طباعهم من حب الخير.. ويذكرهم بحقيقة نشأتهم وحقيقة وجودهم وحقيقة الكون من حولهم وهم أعظم عظة للعالمين فمن أراد الحق واتجه بقلبه إلي الطريق القويم هداه الله إليه ويسرله أمره وأمده بالعون والتوفيق لهذا فليلجأ كل إنسان إلي ساحة مولاه وإلي عناية خالقه فعنده سبحانه العون والتوفيق والهدي والسداد «وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين» وتقول آيات الله «ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» أي أننا لابد أن نتوجه إلي الله بالدعاء ثم نطلب منه الحسنة في الدارين وليس لنا أن نحدد نوع الحسنة فالله يختار للناس ما يراه حسنة لهم ويقول بعض العلماء إن حسنة الدنيا العافية والصحة والمال، وقال البعض إنها العلم والعبادة أما حسنة الآخرة فهي الجنة وتعتبر هذه الآية من جوامع الدعاء لأنها جمعت بين خيري الدنيا والآخرة. ونتابع الآيات فيقول الله «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين» الله يدعو كل المؤمنين أن يكونوا مسالمين فيما بينهم ولا تثيروا العصبيات الجاهلية وغيرها من أسباب النزاع والخلاف ولا تسيروا في طريق الشيطان الذي يدفعكم إلي الشقاق فإنه لكم عدو مبين فالله يدعونا أن نكون متصالحين غير متعادين متحابين غير متباغضين متجمعين غير متفرقين حتي الذين من غير دين الإسلام أن تسالموهم لأن الإسلام جاء للهداية والسلام. ومن بين آيات الله «إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم» يخاطب الله الذين آمنوا إيمانا صادقا دفعهم إلي الهجرة لنصرة الدين ولإعلاء كلمته فأولئك ينتظرون عظيم ثواب الله لهم وإذا قصروا في شيء فإن الله غفور يغفر الذنوب رحيم يرحم عباده بالهداية والثواب. وتمضي آيات الله فتقول «حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وقوموا لله قانتين» إن من شأن القرآن الكريم أن يحث علي التقوي وطاعة الله حملا للنفوس علي الامتثال لأمر الله، وقد تكررت الدعوة في القرآن إلي المحافظة علي الصلاة فهي أول أركان الإسلام وهي الصلة بين المخلوق والخالق وهي الدواء العملي والعلاج الروحي لمشاغل الدنيا وفي وسط زحام الدنيا ومشاكلها يجد المؤمن ان الصلاة واحة الراحة يتطهر لها بالماء الطهور ويقف بين يدي الله خاشعا خاضعا مكبرا لله راكعا ساجدا متأملا عظمة الله مرتلا لآيات القرآن الكريم فيخرج من الصلاة وقد تطهرت نفسه وغسلت ذنوبه فيزيده ذلك إيمانا وتصميما علي طاعة الله ومرضاته.. ويطالبنا الله بأن نحافظ علي الصلاة ويقول الدكتور عبدالله شحاتة في كتابه تفسير القرآن إن المحافظة علي الصلاة تقتضي أداءها في أوقاتها وإتمام ركوعها وسجودها وحضور القلب والخشوع والتدبر والتأمل في معني ما يقول المصلي من القرآن ومن التسبيح والتكبير وبذلك تكون الصلاة وسيلة إلي مرضاة الله ورعايته وعنايته كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلا بشيء كتبه الله لك واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن يضروك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك جفت الأقلام وطويت الصحف» إن الله يقول احفظ الصلاة ليحفظك الله فالصلاة هي الصلة بين العبد والرب.