الخروج من جلباب مبارك فرض عين علي أي نظام يريد تجنب النهاية المأساوية المدوية لذلك النظام والتي تسببت فيها منظومة أمنية قمعية وفاسدة وغبية.. «لا تحلموا بعالم سعيد.. فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد».. ترددت علي لساني كثيراً هذه الكلمات الرائعة للشاعر العبقري أمل دنقل منذ قراءتي لبيان الحكومة الذي لم يختلف في شيء عن بيانات حكومات مصر المتعاقبة منذ حكومة «شريف باشا» رئيس وزراء الخديو توفيق.. بيان حكومة شريف إسماعيل صورة طبق الأصل من بيانات حكومات نظام مبارك التي كانت تقول للناس شيئاً وتفعل عكسه.. فلطالما وعدت الشعب بالسمن والعسل ولكنها لم تترك له سوي الفقر والتخلف.. كما تعهدت باستعادة الريادة لمصر ولكنها حولت البلاد إلي أطلال دولة أو بالأحري خرابة.. أقر رئيس الجمهورية بأن مبارك خرب البلد فلماذا لا يُقدَم مبارك وعصابته لمحاكمة سياسية حقيقية من شأنها تطهير أجهزة الدولة من خلايا الفساد القائمة والنائمة وإعادة المليارات المنهوبة من أموالنا ؟.. التطهير هو المطلب العاجل والمُلِح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.. وما يجب تطهيره ليس فقط وزارة الداخلية أو الحكومة برمتها وإنما كل أجهزة ومؤسسات الدولة وخاصة الأجهزة الرقابية.. ولعلنا نذكر أن التطهير كان أحد أبرز مطالب ثورة 25 يناير العظيمة ولو كنا نفذنا مطالبها بدل الارتداد عليها لكنا الآن في حال آخر.... هناك أعداء لهذا الوطن يستهدفون تدميره وتركيعه وأخطرهم بالقطع أعداء الداخل.. وهم دولة الفساد التي رعاها نظام مبارك علي مدي 30 عاماً وهي التي تستميت للحفاظ علي مكاسبها وإجهاض أي محاولة للإصلاح والتطهير.. وهناك أدلة بلا حصر علي وجود خلايا «أمنية نشطة لدولة الفساد تمارس التخريب في كل مكان.. وهي لا تقف عند حادث تفجير الطائرة الروسية أو مقتل الطالب الإيطالي أو حادث اختطاف الطائرة المصرية الأخير حيث نجح المختطف «صاحب السوابق المتعددة» في اختراق إجراءات الأمن بمطار برج العرب والمفروض أنها مشددة للغاية نظراً لإقامة مباراة لكرة القدم بين مصر ونيجيريا كان من المقرر أن يشهدها سبعة وزراء وأكثر من خمسين ألف متفرج.. مسئولية هذا التسيب الواضح وتلك الثغرات الخطيرة تتحملها خلايا فساد تخوض معركتها الأخيرة ولن تتردد في التحالف مع الإرهاب لإنقاذ نفسها.. الخروج من جلباب مبارك فرض عين علي أي نظام يريد تجنب النهاية المأساوية المدوية لذلك النظام والتي تسببت فيها منظومة أمنية قمعية وفاسدة وغبية.. والأهم هو الخروج من صندوق سياسات مبارك التي دمرت الزراعة والصناعة وخربت الاقتصاد ولم تكتفِ بنشر ورعاية الفساد ولكنها قننته!!.. شريف إسماعيل لم يكتف باختيار شخصيات مجهولة من الصف الثاني لدولة مبارك وممن عملوا موظفين لدي كبار رجال الأعمال ومن الطبيعي أن ينفذوا رؤاهم وتعليماتهم، بل إنه يستنسخ نفس سياسات مبارك القائمة علي سحق الفقراء وخدمة السماسرة والتجار.. فقرارات وزير التموين علي سبيل المثال ضربت زراعة وصناعة القصب في مقتل لصالح سماسرة الاستيراد.. وآخر قراراته الكارثية الغريبة التعاقد علي استيراد 60 ألف طن قمح من فرنسا يتم تسليمها لمصر في ذروة توريد القمح المحلي وذلك سيفتح الباب أمام «الفاسدين» لتوريد المستورد «الأقل جودة وسعراً» علي أنه قمح مصري بفارق ألف جنيه في الطن مما سيوفر 60 مليون جنيه تذهب لجيوب بارونات الفساد من السماسرة والتجار وذلك رغم أن مخزون القمح يكفي استهلاكنا لنهاية العام!!.. ومثل هذه الجريمة ارتكبت مع السكر حيث تُرِك نحو مليون طن سكر محلي يتعطن في مخازن مصانع الصعيد لكي نستورد مثيله من الخارج وبالعملة الصعبة لمصلحة أباطرة الإستيراد!!.. وعندما تصر الحكومة بعد ثورتين علي ممارسة ذات السياسات التي خربت مصر وذبحت الفلاحين وشردت العمال فإنها تكون غير جديرة بثقة الشعب أو البرلمان.