والله العظيم مهما حدث من هبل وخبل وعبط وانحراف فكري، ستظل هذه الأرض الطيبة التي اشعت بنور حضارتها علي العالم منذ 7 آلاف سنة محفوظة من كل شر وكل سوء، ومهما اختلت المعايير وتغيرت المفاهيم واهتزت القيم ستبقي الأصالة في الشخصية المصرية التي يريدون لها أن تتحول لمسخ مشوه، أهل التفاهة والسذاجة والعبط يريدون انتزاع كل القيم النبيلة التي يتمتع بها المصري، لكنهم سيفشلون في كل مساعيهم الشريرة في نهاية المطاف، وستبقي المحبة هي الأساس، والشهامة هي المعدن الذي يظهر في وقت الشدة، والترابط الاجتماعي والإنساني هو السمة التي لن يستطيع أحد أن يمزقها لخلق عنصرين داخل الأمة ! أقول هذا لمن لا يفهمون حقيقة الشعب المصري الذي روت دماء أبنائه أرض سيناء فلم نعرف إن كانت دماء مسيحية أم دماء مسلمة، نعرف أنها دماء مصرية طاهرة مقدسة، ضحت لكي يعيش الوطن، وسيعيش رغم أنف الإرهابيين والحاقدين والموتورين الذين يزدرون العقائد والديانات المخالفة لأفكارهم الظلامية التي لا تمت لأي دين أو عقيدة انزلها الخالق علي الرسل والأنبياء، وكلها تدعو لعبادة الواحد الأحد، وإعمار الأرض، ونشر رسائل السلام والمحبة والتسامح والتكافل والترابط الإنساني بعيدا عن الكراهية والعنصرية التي هي غذاء الأشرار. زيارة الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسي للكاتدرائية المرقسية بالعباسية ليلة عيد الميلاد المجيد لتهنئة المصريين المسيحيين للسنة الثانية علي التوالي إنما تحمل الكثير من الرسائل الإنسانية والسياسية للداخل والخارج أيضا، رسائل موجهة لأشرار العالم الذين حاولوا أن يلعبوا علي وتر الفتنة الطائفية وفشلوا، بأن مصر عصية علي ذلك، مصر ليست دولة مذهبية أو طائفية، مصر دولة وطنية لها قومية واحدة، وثقافة واحدة، ولن تكون دولة دينية مهما فعلت التيارات التي تتاجر بالدين من أجل الوصول للسلطة بالعزف علي مشاعر البسطاء الدينية الذين تكشف لهم المصير السييء الذي كانت ستصل إليه البلاد من وراء وصول هذه التيارات للحكم في غفلة من الزمن ! أما الرسائل الداخلية التي تحملها زيارة الرئيس لمشاركة المسيحيين المصريين احتفالاتهم بعيد الميلاد المجيد فهي موجهة لمن اختلت لديهم معايير التعامل الاجتماعي والإنساني، فأصبحنا نسمع منهم فتوي ضالة ومضللة لا تبيح تهنئة المسيحيين في أعيادهم، وها هو رئيس كل المصريين يرد علي هؤلاء من داخل الكاتدرائية بأن الله خلق العالم ومنحه سمة التنوع في كل شيء، ولن يستطيع أحد مهما كان أن يجعل الناس شيئا واحدا، أو يعتنقوا فكرا واحدا، وركز الرئيس في كلمته التي يجب أن تتخذ منطلقا لتطوير الخطاب الديني علي ضرورة الترابط والتآلف لترجمة كل معاني المحبة التي عرف بها المصريون علي مدي الزمان، المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية نستطيع تجاوزها وحلها عندما تتوافر هذه المحبة بين كل الناس، عندما يتحقق التعاون والترابط وتصبح الكفاءة هي المعيار المقدم علي أي شيء آخر، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اللون أو الدين، هكذا ينص الدستور الذي يؤكد علي حقوق المواطنة، تلك هي مصر التي رفعت أثناء ثورة 1919 شعار « الدين لله والوطن للجميع «، ومصر ستظل بهذه الروح الوطنية التي أكدها الرئيس ويؤكدها في كل خطاب له وزيارته الثانية للتهنئة بعيد الميلاد في الكاتدرائية إن لم يستوعبها من لا يفهمون معني السلام والمحبة فهم الخاسرون داخل المجتمع المحب للسلام والمحبة.