لا أحد ضد النظام.. فلماذا هذا التكتل الوليد الذي تعيدنا طريقة تشكيله ووثيقته الأساسية ولائحته الداخلية إلي أجواء الحزب الوطني؟ قلت الأسبوع الماضي إن الديمقراطية لا تستقيم إلا بالفصل بين السلطات.. واليوم أؤكد أنه لا ديمقراطية دون تعددية حزبية.. طبقا للدستور نظامنا الأساسي يقوم علي التعددية الحزبية وهذا لا يعني فقط تعدد الأحزاب ولكن الأساس أن تعمل في أجواء تسودها الحرية بما يسمح باختلاف الرؤي والتنافس. كل يحاول أن يثبت وجوده في الشارع السياسي ويوسع من قاعدة مؤيديه.. وليس هناك بالطبع أفضل من قاعة البرلمان ميدانا لهذه المنافسة عبر ممارسة النواب لمهامهم الأساسية في التشريع والرقابة علي أعمال الحكومة. هذه المقدمة لابد منها وأنا أتحدث اليوم عن ائتلاف دعم الدولة المصرية الذي يسعي اللواء سامح سيف اليزل مقرر قائمة «في حب مصر» لتكوينه ليقود دفة مجلس النواب الجديد.. المحاولة في حد ذاتها قد تكون مقبولة إذا كان الهدف منها مواجهة معارضة برلمانية يخشي أن تعطل المسيرة أو تقف حجر عثرة أمام تنفيذ برنامج الحكومة.. لكن ما دامت المعارضة التي يخشي منها غير موجودة في مجلس النواب القادم والأحزاب الثلاثة الحاصلة علي أكبر عدد من المقاعد (المصريين الأحرار، ومستقبل وطن، والوفد) توجهاتها ليبرالية وليست ضد النظام وهو ما ينطبق أيضا - في الشق الثاني - علي 99٪ من النواب المستقلين وباقي الأحزاب والقوي السياسية الأخري الاشتراكية واليسارية والناصرية.. إلخ.. لا أحد ضد النظام فلماذا هذا التكتل الوليد الذي تعيدنا طريقة تشكيله ووثيقته الأساسية ولائحته الداخلية إلي أجواء الحزب الوطني ؟. إذا كانت ثورة 25 يناير قد قامت - كما يقولون - لإنهاء ممارسات الحزب الوطني فهل يعقل بعد أول انتخابات حرة بعد ثورة 30 يونيو أن نعود مرة أخري إلي ممارسات الحزب الوطني ؟ يقولون دائما أن المخرج هو المسئول عن نجاح أو فشل أي عمل فني وبقدر خبرة المخرج وتميزه يقاس نجاح العمل.. لكننا فيما يتعلق بائتلاف دعم الدولة نقول بكل صدق أن المخرج خانه التوفيق من اللحظة الأولي حينما أخطأ في اختيار هذا الاسم الذي يوحي بأن كل من لم ينضم لهذا الائتلاف سيكون ضد الدولة. الخطأ الثاني أنه رغم تأكيد المخرج ومساعديه قبل الانتخابات أن قائمة «في حب مصر» هي تحالف انتخابي فقط لعبور مرحلة الانتخابات.. بعدها سيعود نواب كل حزب داخل القائمة إلي أحزابهم الأصلية وينخرطون في هيئاتها البرلمانية فوجئنا بعد الانتخابات بهذا السعي المثير للقلق لتكوين أغلبية برلمانية مريحة (أكثر من 400 نائب من أصل 596 نائبا) عبر ائتلاف سياسي تحت القبة يقود دفة البرلمان. الخطأ الثالث النص في وثيقة الائتلاف علي تخلي النائب المنضم للائتلاف عن انتمائه الحزبي وهو ما أثار ضجة وجدلا واسعا لأنه يخالف ما نص عليه الدستور من عدم جواز تخلي النائب عن انتمائه الحزبي وإلا سقطت عضويته. هذه الفقرة التي أربكت محاولات تشكيل الائتلاف كانت محور المواجهة الساخنة التي شهدها برنامج هنا العاصمة يوم السبت الماضي بين النائب المستقل الصديق علاء عبدالمنعم ود. عماد جاد نائب المصريين الأحرار.. هذه المواجهة قادتنا إلي الخطأ الرابع الذي كشفت عنه «زلة لسان» عندما قال علاء عبدالمنعم أن هذه الوثيقة معدة منذ فبراير الماضي. إذن كانت النية مبيتة قبل الانتخابات بتسعة أشهر علي تشكيل هذا الائتلاف السياسي تحت القبة وليس صحيحا ما قيل أن قائمة في حب مصر ائتلاف انتخابي فقط وسيذهب لحاله. الائتلاف سيكون مطلوبا فقط في حالة رفض البرلمان لبيان الحكومة التي سيشكلها من يختاره رئيس الجمهورية.. هنا - وطبقا للدستور - سيكون مطلوبا أن يشكل حزب الأكثرية «المصريين الأحرار» ائتلافا يسمح له بتشكيل حكومة جديدة مع احتفاظ رئيس الجمهورية بحقه في اختيار وزراء الحقائب السيادية (الدفاع والداخلية والخارجية والعدل). فيما عدا ذلك كان الأفضل أن نترك الأحزاب تتفاعل وتتخذ مواقفها تجاه التشريعات والقضايا المختلفة التي سيناقشها البرلمان كل حسب برنامجه وتوجهاته السياسية والتجربة والممارسة وحدهما ستكشفان قوة ونفوذ كل حزب وتأثيره في الشارع السياسي تمهيدا للانتخابات القادمة بعد 5 سنوات. ما قيل بعد ذلك من الاتجاه داخل الائتلاف لتكوين هيئة برلمانية لكل محافظة تحت مظلة الائتلاف وترك الحرية للأحزاب لتكوين هيئات برلمانية خاصة بها ويتولي رئيس الائتلاف التنسيق مع رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب كلام لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به لأنه كلام نظري غير قابل للتطبيق. باختصار.. المخرج ما عرفش يلعبها !