تناولت شعبة البيئة في المجالس القومية المتخصصة كيفية الوقاية من مياه الأمطار الغزيرة والاستفادة منها، بعد سيول جارفة اجتاحت شبه جزيرة سيناء،بغرض تأسيس خطة استراتيجية لمواجهة أخطار مياه السيول، وكانت قد عقدت قبل ذلك بخمسة عشر عاماً الجمعية الجغرافية المصرية مع مركز بحوث الشرق الأوسط ندوة المياه في الوطن العربي، وعرضت فيها أسباب السيول في أسيوط وكارثة قرية درنكة في خريف (1994)،ورجحت سيناريوهات مرتبطة بدورة البقع الشمسية تعرض منطقتنا العربية وكثيرا من بقاع العالم لحدوث ظواهر مناخية غير عادية مصحوبة بخسائر مادية. وتكثر في فصل الخريف فوق إقليم مصر ومنطقة شرق البحر المتوسط حالات عدم الاستقرار في الأحوال الجوية، تتمثل في تكاثر السحب الرعدية علي المناطق الشرقية من سلاسل جبال البحر الأحمر ومصر الوسطي والعليا مصحوبة بسقوط الأمطار الغزيرة التي تتحول إلي سيول، وقد تمتد حالات عدم الاستقرار لتشمل الساحل الشمالي والوجه البحري والقاهرة ومناطق شرق البحر المتوسط كما حدث مع الظروف المناخية التي صاحبت السيول في حالة أسيوط سابقاً والإسكندرية وغربي الدلتا حالياً (2015). وتكشف خرائط الطقس السطحية ومثيلتها بطبقات الجو العليا الحالة عندما يصاحب منخفض السودان الموسمي السطحي هواء جنوبي مداري ساخن رطب يتصاعد لأعلي بمساعدة طبوغرافية الأرض، وذلك مع دخول نفس المكان أحد المنخفضات الجوية العلوية فوق تيار من الهواء شديد البرودة هابط إلي أسفل من وسط وجنوب أوروبا، مما يشكل عند اختلاط هاتين الكتلتين سحبا رعدية يصاحبها أمطار غزيرة في هذه المناطق، ويزيد من مدة عدم الاستقرار الجوي حدوث تزحزح في مسارات التيارين الشبه المداري والقطبي مما يؤدي إلي جلب الهواء العلوي البارد من وسط وشرق أوروبا إلي المنطقة. وتسقط الأمطار في مصر بصورة غير منتظمة سواء من حيث أوقات سقوطها أو أماكنها، وقد تغيب عدة سنوات عن مواقع عديدة، بينما قد تأتي فجأة أمطار رعدية غزيرة تسقط علي أماكن محدودة ولا تتجاوز مدة سقوطها دقائق أو ساعات معدودة وتتحول إلي سيول، منحدرة من قمم المرتفعات حسب مصارفها الطبيعية باتجاه الوادي ونهر النيل أو البحر الأحمر وكذلك البحر المتوسط، وتقوم كميات منها علي تغذية مخزون المياه الجوفية وتغسل آفاق التربة وتنقي المواد الخام الطبيعية من الشوائب وغير ذلك، وتحدث المشكلة والأضرار في الأرواح والممتلكات عند دخولها مناطق مأهولة بالسكان غير مؤهلة لاستقبالها بالطرق والوسائل الناجعة سواء بالسدود في خارج المدن أو شبكات صرف الأمطار في داخل المدن. ويلزم لإنشاء نظم التحكم في مياه الأمطار ومن ثم الاستفادة منها عمل خريطة لأحواض التصريف ذات السيول العالية والأكثر خطورة علي المناطق الحضرية والأثرية الهامة وغيرها، والبدء من مناطق المنابع في أعالي الوديان ببناء سدود الإعاقة المتدرجة علي الروافد حتي قرب مناطق المصب، وذلك لضبط سرعة جريان المياه والسيطرة الكاملة علي الأمطار في جميع أجزاء الحوض، فتقل فرصة حدوث السيول ومعها عملية انجراف التربة التي تزيد من ظاهرة التصحر، وتدخل هذه المياه بلا خطورة إلي المناطق العمرانية التي تجمعها بسهولة من خلال شبكة خاصة ومستقلة لصرف الأمطار، وليست بربطهامع شبكة الصرف الصحي، كما هو الحال بالإسكندرية وكان من أسباب أزمة السيول فيها. فهنا مليارات الأمتار المكعبة من مياه السيول بمناطق سيناءوالبحر الأحمر والساحل الشمالي الغربي تهدر دون الاستفادة منها عن طريق وسائل التخزين لمواجهة التنمية، بينما هنالك كميات متواضعة من أمطار الشتاء الضائعة يتم تصيدها بوسائل متطورة ضمن مشروع تعمير صحراء النقب.