تتذكر الحاجة سلوي، التي تقيم في منطقة بولاق أبو العلا، كيف أصيب أحد أقاربها العام الماضي في طابور الخبز، وتقارن بين هذه الحادثة وما تراه الآن، وتقول وهي تقبل يدها : " الحمد لله .. أكثر من كده نبقي طماعين". حالة السعادة التي ارتسمت علي وجه الحاجة سلوي، شاهدتها - أيضا- علي وجه صاحب المخبز الحاج عبد المجيد حسن الشهير ب "الدرديري " والذي جلس لأول مرة مع أصدقائه بجوار المخبز يدخن الشيشة ويشرب الشاي. يقول: " كانت مهمتي الأساسية كل صباح تنظيم طابور الخبز.. أما اليوم زي ما انت شايف قاعد وأعصابي هاديه بدخن الشيشة وأشرب الشاي ". ويحمل الدرديري بعض المسئولين بوزارة التضامن الإجتماعي مسئولية الأزمات التي كان يشهدها الخبز، ويشير إلي مخبز يقع بنفس الشارع الذي يوجد به مخبزه، ويقول: " هذا المخبز كان مغلقا بسبب غرامة كبيرة وقعت عليه، أما اليوم عندما تم فتحة لم تعد هناك مشكلة خبز في المنطقة ". ويرفض إتهام بعض أصحاب المخابز بأنهم الذين يتسببون في توقيع غرامات عليهم، عندما يقومون ببيع الدقيق المدعم في السوق السوداء، ويضيف: " والله إحنا بنعمل كده عشان نسدد الغرامات .. يعني هجيب 10 آلاف جنيه عشان أدفعهم غرامة منين ". الحاج محمد إبراهيم قاسم ماسح أحذية قال: " الحمد لله جبت العيش بسهولة النهاردة قبل ما أنزل الشغل ". وبينما كان قاسم يمارس عمله بمنتهي الجدية في تلميع أحد الأحذية، أبدي سعادة بالغة بوجودة في الشارع لممارسة عمله بعد 11 يوما احتجب فيها عن النزول منذ بداية إنتفاضة الشباب في 25 يناير، وقال: " مينفعش ما ننزلش النهاردة .. قعدتي في البيت طولت .. وأنا عندي خمسة عيال ". وبوعي المواطن المصري البسيط، يشير قاسم إلي ميدان التحرير الذي يوجد علي مقربة من المكان الذي يجلس فيه، ويقول: " الشباب دول عملوا حاجة كويسه.. بس كفاية كده.. الحكومة مش هتضغط علي الزرار كل حاجة تتغير ". من الخبز إلي اللحوم حالة السعادة التي بدا عليها صاحب المخبز وزبائنه، إرتسمت - أيضا - علي وجه محمد ناجح العامل في إحدي محلات الجزارة، والذي كان يقوم بتجهيز بعض أطباق اللحوم لزبائنة من الموظفين، الذين بدأوا يعودون إلي أعمالهم. وإلي أن يحدث ما تمناه ناجح، فإن المواطنين الذين إلتقتهم " الأخبار" أبدوا سعادة بحال رغيف الخبز أمس. وعلي الجانب الآخر من المكان الذي يوجد فيه قاسم، كان الزحام هو السمة المميزة للمشهد.. عبد الوهاب إبراهيم جاء لصرف معاشه من مكتب البريد.. وقف في طابور طويل منذ السابعة صباحا، ولم يصرف معاشه حتي قابلته " الأخبار " الساعة 11 صباحا. ويقول عبد الوهاب وهو يشير إلي طابور طويل من أصحاب المعاشات: " ربنا يكون في عون الموظفين، فهم مطالبون بصرف الأموال لهذا العدد الضخم من المواطنين ". الموظفون بدورهم كانوا علي قدر المسئولية، وأكد رئيسهم جرجس نصيف ان المواطنين لن يغادروا المكان قبل ان يحصل كل واحد منهم علي معاشة. ومن زحام مكاتب البريد إلي محطات البنزين التي وضعت حواجز علي مداخلها يفهم سائقوا السيارات عند رؤيتها انه لا يوجد بنزين، قال أسامة عبد المعطي مدير إحدي المحطات: " أشتقنا لزحام السيارات داخل المحطات بعد ان نفذ الوقود داخل المحطة " . وعد الوزير وعملت محطات الوقود خلال الفترة الماضية علي إستخدام المخزون الذي كان يوجد لديها قبل الأزمة، لكنها حتي الآن لم يصلها إمدادات جديدة. ويقول عبد المعطي .. نتمني ان ينفذ وزير البترول وعده ". وكان وزير البترول سامح فهمي قد وعد أول أمس أن كل محطات الوقود ستعود للعمل خلال ساعات. حالة الرضا والتفاؤل التي بدت عند عبد المعطي وغيره ممن إلتقتهم "الأخبار" في جولتها، مبعثها حالة من الروح الوطنية التي سادت بين المصريين منذ بداية إنتفاضة الشباب في 25 يناير.. وأدت هذه الروح إلي رواج تجارة بيع الأعلام الوطنية. يقول جودة: الحمد لله.. الأزمة قوتنا وخلتنا أكثر حبا لبلدنا.. أنا مبسوط قوي النهاردة بعد ما شفت القاهرة زحمة زي كل يوم ". وليس أقل جمالا من هذا المشهد، صورة الرجل " الأصم والأبكم " الذي وقف أمام مستشفي السكة الحديد بشارع رمسيس حاملا لافتة تحذر من المخططات الإجنبية للنيل من إستقرار مصر.. وأشار هذا الرجل في لافتته إلي الدور الذي يلعبه الجيش المصري في حفظ الإستقرار، محذرا من تدخل د. محمد البرادعي في الشأن المصري.