جمعنا لقاء.. علي أحد شواطيء البحيرات المرة في فايد- مجموعة من الاصدقاء منهم الخبير السياحي والطبيب الجراح والاستاذ الجامعي والقاضي ولواء الشرطة.. الخ جميعهم تجاوزوا الستين .. مرت بهم الحياة بحلوها ومرها.. بأحزانها وافراحها في لقائهم يتبادلون المواقف التي مرت بهم.. منها الساخر ومنها الدرامي قال أحدهم.. وهو الاستاذ الجامعي: الاسبوع الماضي كنت اجلس في مكتبي بالكلية.. جاء موظف الخزنة يحمل ظرفا ليذكرني بعدم نسيان موعد الغذاء الذي حددته لها بدعوة ابنتي وخطيبها في أحد محال شارع الهرم المطل علي المريوطية.. بالفعل في تمام الثالثة كنت هناك حيث وجدت الثلاثة في انتظاري.. بعد قليل جاء النادل بقائمة الطعام الذي انحصر في صنف واحد وهو الدجاج الذي يشتهر به هذا المطعم.. كل منا طلب نصف فرخة مختلفة الاعداد مع بعض الحواشي من المشهيات والمقبلات والمياه شبه المعدنية كان الجو مشمسا وجميلا.. لكن الفاتورة »الشيك« كانت اجمل وبخاصة ان فحواه يكاد يطابق »الظرف« الذي تسلمته.. ماكان مني الا ان اخرجته من جيبي ووضعته بهدوء داخل حافظة النادل وغادرنا المكان بين جمع من الجرسونات.. في المنزل.. سألتني ببراءة شديدة السيدة حرمي.. ماحكاية هذا الظرف اجبتها ببراءة ايضا.. ابدا ده قيمة اشرافي علي »رسالة دكتوراه« استغرقت »ثلاث سنوات«!! التقط صديق آخر اطراف الحديث.. وقال: هناك محل كباب شهير أتعامل معه دائما لثقتي فيما يقدم من لحوم حيث ان صاحبه الحاج كرم »قد اقسم لي يوما بعد عودته من الحج بانه لايتعامل الا مع اللحوم المحلية »الممتازة« منذ عدة ايام طلبت منه إرسال كيلو ريش ضأن لكن الرجل اعتذر بأسف شديد لعدم توافر الصنف اليوم.. شكرته علي صراحته..وبادرت بالاتصال بمحل آخر قريب ايضا من المنزل.. راجيا ارسال طلبي المشار اليه انفا.. مشددا علي ان يكون من اللحم البلدي والا سأعيده ثانيا من حيث جاء.. هنا قاطعني »المعلم قوره« صاحب المحل وقال.. بلدي ايه ومستورد ايه هو فيه حاجة شغال الا بالمستورد.. قاطعته لكن محل الحاج كرم لايتعامل الا مع اللحوم البلدي.. علا صوت »قورة« بالضحك وقال الحاج كرم ده محله كان مقفول لغاية اول امبارح بتهمة التعامل مع لحم الحمير .. و.. قبل ان يكمل وضعت سماعة التليفون وانا افكر في عشرين عاما مضت من التعامل مع »كباب الحاج كرم الشهير«..! بعد برهة.. قال الخبير السياحي: زرت كثيرا من دول العالم .. لكني اثار فضولي بشكل خاص مدي الاحترام الشديد الذي يقدم به علي المائدة الفرنسية بالذات »طبق الفواجرا« وبالاخص في العاصمة باريس .. لقد كنت مدعوا علي مائدة غذاء في مطعم شهير قرب »برج ايفل« وقد راعني تلك الاهات والدهشة التي صاحبت تقديم هذا الطبق الشهير.. وعندما سألت جاري.. وماهو هذا الصنف الذي أراه الاول مرة حينذاك.. قال هذه هي الفواجرا.. اي كبدة الاوز الدسم.. وهو نوع من الاوز يربي بشكل خاص للحصول علي كبده فقط.. وهذا الكبد يباع بسعر يفوق اضعاف سعر الاوز نفسها.. والطريف انه يغلف في داخل علب خاصة غاية في الجمال حيث تزان برسوم وشرائط ملونه كالهدايا النادرة.. وتشتهر دولة المجر بمزارع هذا النوع من الطيور التي تصدر إلي الخارج.. حيث عليه القوم.. ذواقه الفواجرا..! انتقل الحديث لآخر .. حيث قال: ياعزيزي انت تتحدث عن كبده الاوز في فرنسا .. لكن تعال معي إلي ماكان يعرف »بالاتحاد السوفيتي« وهو القطب الكبير الذي زرته في الثمانينات ضمن فوج سياحي وعلي مائدة طعام فندق »كوزموس« وهو اكبر فنادق موسكو في تلك الفترة لقد كان طبق الافتتاح في وجبتي الغذاء والعشاء هو شوربة ارجل واجنحة ورقاب الدجاج المضاف اليه اوراق الكرنب.. اما الطبق الرئيسي فهو مكون من البطاطس المهروس مع قطعة من الدجاج او من اللحم او من السمك.. لكن الذي اسعدنا حقيقة هو تلك العلب الثلاث من الكافيار الاسود والاحمر والابيض والتي تزن الواحدة منها الكليوجرام حيث يوضعوا في منتصف المائدة كنوع من المقبلات والمشهيات لشوربة عظام الدجاج والبطاطس!! اليس ذلك بغريب؟