أصابع الاتهام تشير إليه.. فهو الذي يحظي بأكبر حصاد وأعلي عائد من سوق اللحوم.. سكينه المسنون يضرب في »الزحمة« بلا رحمة ليحول الربح الي تربح في سوق »اللحمة« إنه الجزار الذي تصل نسبة ربحه- اقصد تربحه الي 051٪ خلال 4 ايام من الذبيحة.. بينما المربي يصل ربحه الي 02٪ من نفس الذبيحة التي رباها في 6 شهور »!« بداية تجدر الاشارة الي واحدة من علامات الفوضي التي تسود سوق اللحوم وهي اختلاف وتباين الاسعار.. فالسعر في الاحياء الراقية هو الاعلي.. ويقل عنه في الاحياء الشعبية.. ثم اقل منه بكثير في المناطق العشوائية.. وحتي في الاحياء الراقية فإن السعر يختلف فيها من منطقة لأخري. مستوي الزبون هذا الاختلاف يفسره المربي حامد محمد قائلا: الجزار هنا يفعل ما يفعله الصنايعي.. فالسيارة الفخمة قد تستغرق وقتا في اصلاحها يساوي نفس الوقت الذي يستغرقه في سيارة شعبية.. لكنه يتعامل علي اساس مستوي السيارة ومستوي صاحبها فيحصل علي اجر من الذي يملك السيارة الفخمة يعادل عشرة اضعاف من السيارة المتواضعة.. نفس الاسلوب يتعامل به الجزار في السوق.. فالمنطقة الراقية يري ان المستهلك فيها قادر علي دفع الثمن بالسعر الذي يحدده.. والمنطقة الشعبية زبونها يدفع اكثر من زبون العشوائيات. يشاركه الرأي المربي احمد جابر ويضيف انه لو كانت هناك رقابة ما كان هذا الانفلات في الاسعار.. »رحم الله ايام زمان« ايام التسعيرة ودور لاجهزة المسئولة عن الرقابة. جشع الجزار تعالوا نتعرف علي تفاصيل وحسابات الذبيحة من محمد حجاج احد المربين والذي يؤكد ان المربي يبيع كيلو اللحوم القائم للتاجر ب22 جنيها ويصل بعد ذلك الي المجزر ليضاف الي السعر 8 جنيهات حتي يصل سعر الكيلو الي 03 جنيها.. وذلك بحسابات نقص الوزن عند التشفية وتكلفة النقل وثمن الذبح.. ثم اضافة قيمة الجلد وملحقات الذبيحة بجانب 5 كيلو جرامات وزنا زائدا حصل عليه في المزرعة. ورغم ذلك نجد الجزار يصل بسعر كيلو اللحم الي 06 جنيها. ويؤكد حجاج ان السعر الطبيعي الذي من المفترض ان يبيع به الجزار هو 73 جنيها، وعندئذ سيكون ايضا محققا لربح مناسب ويكشف حجاج انه يملك مزرعة لتربية الماشية ويقوم بالبيع للجزارين بمحافظة الفيوم ليفاجيء بعد ذلك بان الجزار داخل مدينة الفيوم يبيع كيلو اللحوم ب05 جنيها في حين ان جزار قري ومراكز الفيوم يبيع الكيلو ب83 جنيها علي الرغم من ان مصدر الماشية واحد وهو مزرعته. ومن هنا يؤكد حجاج ان الجزارين هم السبب الرئيسي في الازمة الحالية.. ويضيف ان المربي يربح 02٪ فقط في الرأس التي رباها لمدة 6 شهور.. بينما الجزار يتربح من نفس الرأس 051٪ خلال 4 أو 5 ايام فقط. رغم وفرة العلف واذا كان البعض يلقي المسئولية علي الاعلاف بانها احد اسباب الازمة، الا ان الواقع يثبت عكس ذلك، فالاعلاف بريئة من ارتفاع اسعار اللحوم، ويلجأ اليها البعض »كشماعة« نعلق عليها اسباب الارتفاع، وكما يؤكد محمد بلحة- مربي وتاجر- ان اسعار اعلاف منخفضة حاليا وليس لها علاقة بالازمة، فالكسب يصل الطن منه الي 0081 جنيه بعد ان كان سعره ب0032 جنيه وكذلك طن الذرة الصفراء ب0011 جنيه بعد ان كان سعره 0071 جنيه وطن النخالة ب0521 جنيها بعد 0561 جنيها. ويطالب بلحة المسئولين وبالاخص في وزارة الزراعة والتضامن الاجتماعي من تكثيف حملاتها علي الاسواق وتتبع الاسعار من المنبع وهو المزارع حتي الجزار بعد ان اصبحت الاسعار مذبذبة ليس من منطقة الي اخري ولكن من محل الي محل آخر. تبادل الاتهامات وكما هو متوقع اثناء جولتنا علي محلات الجزارة، دافع الجزارون عن انفسهم والقوا بأدلة الاتهام علي المربين والتجار والوسطاء الذين يوردون اليهم اللحوم بأسعار مرتفعة فيضطرون الي بيعها »للزبون« بأسعار مرتفعة. يقول محمد سيد جزار ان صغار المربين والذين يعدون الحلقة الجديدة في سلسلة اللحوم هم السبب الحقيقي وراء تفاقم الاسعار موضحا انهم قاموا بجمع الماشية الصغيرة من المزارعين وقاموا بتسمينها وبيعها بأسعار مرتفعة للجزارين، ومن ثم احتكر هؤلاء تجارة الماشية وفرضوا اسعارهم علي الجميع. ويقول جمال عزت- جزار- ان ذبح اناث الماشية سبب يضاف الي قائمة اسباب الارتفاع في الاسعار فذبح الاناث خلال السنوات الماضية نتج عنه نقص في الانتاج والمعروض ومن ثم ارتفع السعر مع زيادة الطلب، ويري جمال بأن الدولة يجب ان تتدخل فورا لاحياء مشروع البتلو وتمنع ذبح اللحوم الصغيرة حتي يتوافر لدينا ثروة حيوانية تضاعف من حجم الانتاج الحالي وتزيد من المعروض بما يساهم في خفض الاسعار وعودتها الي طبيعتها مرة اخري. وبعد أن واجهنا الاطراف الاساسية داخل نطاق المشكلة يبقي مواجهة محمد وهبة رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية والذي اكد اننا نستورد حاليا 05٪ من استهلاكنا من اللحوم لنغطي السوق الداخلي. مشيرا ان استيرادنا من الخارج يعني نقص الانتاج وهو ما تسبب فيه ابتعاد عدد كبير من الفلاحين والمزارعين عن تربية الماشية بعد ان اثقلت الديون والاعباء المالية ومستلزمات الزراعة كاهلهم. مضيفا ان اصابة الماشية ببعض الامراض مثل مرض الحمي القلاعية ادي الي تجنب عدد كبير من المربين تربية الماشية تفاديا للخسائر المادية وهو من شأنه ايضا ادي الي تناقص المعروض بما ساهم في النهاية تفاقم ازمة اللحوم حاليا. ويضيف وهبه بأ وزارة الزراعة يجب ان تتدخل فورا للحفاظ علي سوق اللحوم قبل انهياره واختفاء زبونه وذلك من خلال إعادة تكوين الثروة الحيوانية واحياء مشروع البتلو ودعم الفلاح والمزارع والمربي لمواجهة تكاليف التربية.