في 26 و27 مايو 2014 يقف المصريون أمام بوابة المستقبل ليسجلوا بإرادتهم الحرة، وبوعيهم الكامل، وبوطنيتهم الصادقة، وبإيمانهم الراسخ ملامح مستقبلهم، ذلك الذي بدأوا ترسيخ لبناته الأولي في 30 يونيو 2013 بصورة لم يشهدها من قبل التاريخ المصري، مما أذهل العالم، ولجّم أفواه المتطاولين بالألسنة، وحير الأعداء، وكسب الأصدقاء، وسد أفواه الأسود الجائعة. يقف المصريون أمام صناديق الأقتراع ويحدوهم أمل في أختيار رئيس حقيقي يعمل لصالح الوطن، حيث يشعر بعوز المحتاجين والآم المتالمين وإحتياج المحرومين وتعب المكافحين وفرحة المنتصرين وبكاء اليائسين، فيشدد الساقطين في اليأس ويسند القائمين في النجاح، فتيلة مُدخة لا يُطفئ، وقصبة مرضوضة لا يقصف، أي لديه مقدرة علي بث الأمل في كل مجتهد يسعي نحو النجاح. يتطلع المصريون إلي رئيس صادق في علاقته مع الله ومع نفسه ومع أخيه الإنسان، فلا يسعي نحو مصالحه الشخصية ولا يأنف من إنسان فقير ولا يحتقر إنسان مرذول ولا يُبغض إنسان ليس له أحد يذكره. يتطلع المصريون إلي رئيس يجمع في شخصه قوة الأقوياء وفهم الفهماء وبساطة الحمام وحكمة الحيات ونقاوة الأطفال وحماس الشباب وحنكة الشيوخ وهدوء الحكماء ووداعة الفضلاء وتقوي الأبرار. يتطلع المصريون إلي رئيس يحمل في شخصه حرية الأبناء لا خوف العبيد، فهناك فرق كبير بين الأبن والعبد، الأبن لا يخاف أبيه لأنه يحبه، بينما العبد يخدم سيده لأنه يخافه. وهناك قول مأثور للقديس أنطونيوس المصري، مؤسس الرهبنة وأب جميع رهبان العالم، حينما قال في إحدي المرات لأولاده الرهبان: (يا أولادي أنا لا أخاف الله لأني أحبه). والمحبة تطرد الخوف خارجاً. فالرئيس الذي يحب مصر لا يخاف من أتخاذ قرار شجاع لحماية الوطن ولسلامة المواطنين أبناء الوطن. لا يتلقي أية أجندات خارجية لأنه رئيس مصري ولكل المصريين. يتطلع المصريون إلي رئيس يجمع أبناء الشعب الواحد بداخل الحظيرة المصرية كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فتحميمهم من سطوة الأعداء وتقلبات الأجواء وشر الأشرار. فالمصالحة الوطنية القائمة علي الحب هي أساس نجاح مصر الحديثة. نحن نثق في أن الله سيبارك في خطواتنا هذه ويكللها بكل نجاح، وعلينا أن نكون أمناء نحو الوطن بمساندة الرئيس القادم بكل ما نملك من قوة، وليجتهد كل منا في موقع عمله لزيادة الأنتاج وأصلاح الخلل الذي أصاب الوطن طوال السنوات العجاف الماضية. والله في كمال صلاحه يبارك في المجهود القليل ليأتي بثمر كثير. مصر مليئة بالخير الوفير، فعلينا أن نستثمر هذا للدفع بوطننا إلي الأمام، ولنترك الأمور التافهة ونتطلع إلي الحياة الجادة، وليتحلي شبابنا بالوطنية الصادقة وليس المصطنعة. أننا أمام لحظة مصيرية نحدد فيها ملامح مستقبل وطننا، ومستقبل أولادنا وأحفادنا، بل ومستقبل المنطقة المحيطة بنا، بل ولربما خريطة العالم والسياسات المختلفة. علينا أن نعمل بجدية من أجل إستعادة الصورة الجميلة التي كانت عليها مصر «سيدة العالم» و«مهد الحضارة» و«الأرض الطيبة» و«الأرض المقدسة» و«فجر ضمير العالم». مبارك بالحقيقة الشعب الذي يعرف «التهليل» في نجاح طريقه، والذي عرف طريقه وأختار رئيسه.