أحمد غراب اللهم اجعل كلامنا خفيفا علي إخواننا الفيسبوكيين الذين يصدعون رؤوسنا ليل نهار بآرائهم الموتورة وعباراتهم الأشد خنقا لنا من قنابل الغاز وشعاراتهم الأشبه بصواريخ عابرة لعقول غير الناضجين من الأطفال والشباب. بيننا كثيرون مؤهلون للإنتماء لتنظيم القاعدة تأهيلا غير ممنهج يتم جهارا نهارا وعلي رؤوس الاشهاد لعجز العديد من حكوماتنا العربية عن أن تخطو - ولو ببطء- أي خطي نحو الديموقراطية والعدالة الإجتماعية ، مما يمهد الطريق أمام مروجي العنف والأفكار التكفيرية لاستقطاب أكبر عدد من مشيعي ايديولوجية تنظيم القاعدة . ما أخطر هذا الثالوث المرعب والمدمر لمعظم دول المنطقة العربية في غفلة من اخواننا الفيسبوكيين والسياسيين الذين يفرشون ملاءاتهم وينشرون غسيلهم - ولامؤاخذة - القذر علينا كل لحظة ، إنه الثالوث الذي عاني منه اجدادنا ، ونتمني من الله العلي القدير ألا يعاني احفادنا ويلات هذا الثالوث المخيف المتمثل في الجهل والفقر والمرض . ومما يثير الإندهاش والإستغراب هو عجز ثورات الربيع العربي هي الأخري عن تحقيق أي تقدم في مسيرة الديموقراطية والعدالة الإجتماعية ، وبالتالي ظل الثالوث المدمر جاسما علي حاضر شعوبها ، لأنه لا يمكن أن نقضي علي الفقر والجهل والمرض في غياب العدالة الإجتماعية والحريات . أليس من العجيب أن تدعي بعض الحكومات العربية أنها تكافح وتواجه الجماعات التكفيرية، وتقاوم إنتشار تنظيم القاعدة رغم إن دولها غارقة للأذقان في مآسي وجحيم الثالوث المدمر الذي يؤهل الكثيرين من أبنائها بإقتدار وامتياز للارتماء في أحضان هذه الجماعات وتبني فكر وسلوك تنظيم القاعدة ؟! . ألف باء العدالة الإجتماعية والديموقراطية هو القضاء علي الفقر والجهل والمرض، لذلك لا يمكن تحقيق توصيات القمة العربية الافريقية التي عقدت مؤخرا بالكويت دونما استراتيجية شاملة لمواجهة هذا الثالوث في بعض دول القارتين البائستين: آسيا وأفريقيا. إياكم وهذه الظاهرة بشوارعنا !! قد يكون طبيعياً أن تطفو علي سطح العلاقات الإجتماعية والسياسية ظواهر غريبة وتنمو وتستفحل لأننا نمر عليها مرور الكرام، لكن ليس من المعقول أن تظل هذه الظواهر عصية علي المواجهة مئات السنين وتخرج لنا لسانها من آن لآخر في تحد صارخ لمتغيرات الزمان والمكان !! ما أقسي أن تقيد انسانا وتجرده من كل وسائل الوقاية والدفاع في مواجهة ما هو أشد خطرا علي المجتمع من طلقات الرصاص والعبوات الناسفة وخاصة في ظل التقدم الهائل والشامل في تكنولوجيا الإتصال فالتنابز بالألقاب عبر وسائل الإعلام أصبح ظاهرة مستفحلة في ظل الصراع السياسي والإجتماعي بوقتنا الحاضر ، وتكمن خطورة التنابز في الإفلات من المساءلة القانونية رغم أنه محرم شرعاً منذ ما يزيد علي أربعة عشر قرنا لأن هناك من يجيدون الإساءة بطرق غير مباشرة لكل الشرفاء مدفوعين بأهواء شخصية وأمراض نفسية. بعدما آمنت درة بنت أبي لهب ودخلت الإسلام سألتها إحدي الصحابيات: هل انت إبنة حمالة الحطب ؟! ، فشكتها درة للرسول - صلي الله عليه وسلم- ، فخرج الحبيب المصطفي جبرا لخاطرها بين الصحابة وقال غاضبا: من ذا الذي يؤذيني في نسبي؟! وكأنه يقول من ذا الذي يسخر من إبنة عمي؟!. ورغم أن التنابز بالألقاب ظاهرة قديمة حديثة فإنها في وقتنا الراهن أشد خطرا علي المجتمع لأنها تؤدي للاحتراب وتشعل الصراعات السياسية والإجتماعية في غياب الخطاب الديني الوسطي الذي يدعو للتآلف والتواد والتضامن لا إلي الفرقة والتشرذم والتشاحن، وقد أحزنني كثيرا بعض البرامج المحسوبة زورا وبهتانا علي الخطاب الديني لوقوع مقدميها في هذه الظاهرة المقيتة رغم تحريم المولي عز وجل لها في قوله سبحانه وتعالي: ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأؤلئك هم الظالمون). أليس غريبا أن يصير التنابز بالألقاب هو الظاهرة السائدة في شوارعنا واعلامنا العربي رغم النهي الصريح عنه في ديننا الإسلامي ؟!