د. أحمد درة كان صباحا يتهادي بشعاع كأني أراه لأول مرة، يطرد النوم عن جفوني ويوقظ نشوة في الصدر تنداح بآمال عراض، لم يدق جرس المدرس بعد، رغم أن شيئا ما كان يحدث ليغير جميع المسارات الرتيبة، مدرستي بعد الظهر، لأن نصف مدارس بلدتي سكنها المهجرون من شاطئ القناة، بورسعيد، السويس، الإسماعيلية، بورتوفيق. والحزن واحد، عندما كنا نمضي جميعا في اليوم الأول للمدرسة تسبقنا الدموع، ويحدونا أمل، لعله يغسل عنا عار الهزيمة، ولم يكن هناك إلا هذا الصوت الذي أعلن في المذياع أن الحرب دارت رحاها بالفعل، وأن الشوارع في بلدتي يلفها الصمت والبيوت تنصت ويعترينا خوف.. هو الصهيل الكامن منذ ستة أعوام، والألم الذي يحبسه كي لا يتبخر من الأعماق ويترك ندوب الحسرة، هذه هي بلادي، منذ أربعين سنة، جيشها الباسل يمحق البأس، ويأتي بالرجاء والبشري من كبد الحقيقة، اليوم يومك وأنت تجذب الشمس من ضحاها وتصنع من أوارها غضبا كاسحاً يجرف أمامك العدو اللئيم كأنه الزبد وأنت تعرف أنه يذهب جُفاء، ها أنت وحدك تعلم الآن، الأرض وصحراءها والجبال أوتادها، والنفس البشرية التي ألهمها الباري فجورها وتقواها، ها أنت آدم تعلم هؤلاء جميعا الأسماء كلها. وكانت روحك الطاهرة ثمن النصر، حين نعي الناعي وما نعاك، حين أشرقت من فوق السماوات، تستقبلك الملائكة ملتفاً بعلم بلادك محتضنا ثري وطنك، كنت أراك وأنا أتجول أحمل فوق كتفي نعشا أنت تحوطه وكفناً أنت نسجته من دمك النفيس، كل بلدتي الآن تدور معنا، الأطفال هم من حملوك في قلوبهم حتي هذه اللحظة والآباء ينادونك باسم الحرية والفداء، باسم الكرامة التي لا يعرفها بعض الأوغاد وينكرون وجودها في هذا الزمن، وكنت تعبر الهزيمة، وترفع عن صدورنا الأثقال والأوزار والخزي المجلل بدموع الثكالي والأرامل وأنين اليتامي، أيها البطل الذي حرر الأرض وطهر العرض وأبقي علي شرف الوطن، ليس لك من قدر يقدرونه لك، إنما أنت قدر وحدك فوق كل تقدير، أنت فوق النهي فوق أعظم المعاني النبيلة، ولسوف يدعوك الخلود دوما إلي ساحاته يفسحها لك في ضمير أمتك وفي حقيقتها وخيالها. كان بوسع د. زويل لا أريد أن أخوض في تفاصيل الصراع الدائر حول هذه القضية التي تعكس صورة رديئة لما تعاني منه بلادي، من أبنائها، هي قضية مفتعلة كان بوسع د. زويل أن يتجنبها ويمضي في طريقه إلي بناء مؤسسة علمية وطنية فوق الشبهات تنهض بمصر بحق وتقربها من ركب العلم ولو بالقياس، إلا أنني أدعوه أن يضرب لنا مثلا أخلاقيا عاليا ويكف عن إقحام السياسة في العلم وأن يتبع الحق الذي ليس له إلا وجه واحد وطريق واحد.. لا تجعل من »نوبل« شفرة قصاب علي رقابنا يا رجل وفي هذه المرحلة القاسية الصعبة التي يمر بها المصريون جميعا، أولي بك أن ترحمنا. رسائل غاضبة إليهم المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية: ولا أحب أن أقول المؤقت لأنك مسئول أمام الله عن كل يوم بل كل ساعة تقضيها رئيسا لمصر، فهل نعيد ما كان يجري في عصر مبارك عندما كان يختزل مؤسسة الرئاسة في شخص واحد هو زكريا عزمي، يكلم كل الناس ويكلمونه ويفتح الأبواب لمن يشاء منهم ويغلقها في وجه من يشاء.. لعلني أسمع من يجيب. الوزير محمد أبوالنصر: عليك أن تتذكر دائما أنك وزير ثورة، تنادي بالعدالة الاجتماعية والعيش والحرية، فهل ستترك الجشع والشره ينهش في تلاميذ المدارس الخاصة وأسرهم، ومعظمهم مضطر لإلحاق أولاده بهذه المدارس.