كان أول امس يوم الاشراقة للكرة المصرية وليس فقط احد أيام التشريق.. كان ثاني أيام العيد هو بمثابة عودة الثقة واسترداد الروح.. استعادت الجماهير الثقة في قدرة منتخباتها علي العودة للانتصارات لتحقيق البطولات.. لصنع المكتسبات لرسم البسمات.. لتقديم الجماليات.. لاخراج الابداعات.. لهز الشبكات.. قدم المنتخب الوطني الاول عرضا جيدا واحرز فوزا عزيزا بثلاثية نظيفة علي المنتخب الاسترالي في اللقاء الودي الذي جمع بين المنتخبين أول امس علي ستاد القاهرة وحضره زهاء اربعين ألف متفرج خرجوا مبتهجين وسعداء بعد تناولهم وجبة فنية دسمة حوت العديد والعديد من المشهيات اللذيذة التي غابت عن جماهيرنا وافتقدتها في لقاءي المنتخب امام سيراليون بالقاهرة والنيجر هناك.. واكتملت فرحة الجماهير بمتابعة ايضا للشباب الواعد الذي مثل المنتخب الاوليمبي امام مولدوفا المغمور والصولات والجولات الي اداها الشباب المصري وامطر الشبكة المولدوفية بخمسة أهداف جميلة وملعوبة.. وقبل ان نستعرض بعض الجوانب الفنية ونصف بعض السمات الخططية التي تسببت في ترجيح الكفة المصرية لابد وان نشيد باداء وعطاء الجهازين الفنيين للمنتخبين بقيادة المعلم حسن شحاتة والكابتن هاني رمزي ورفاقهما ومعاونيهما والذين بذلوا وضحوا واجتهدوا ومن حقهم علينا ان نعترف لهم بالفضل كما كنا من قبل نوجه لهم النقد والقدح.. وليعلموا اننا في الحالتين امناء ولسنا غرماء وصادقين ولسنا حاقدين. الاحتراف لا يكفي اثبتت عناصر منتخب مصر علي جميع الاصعدة بالجهاز الفني واللاعبين ان الاحتراف وحده مجرد كلمة لا تكفي لترجيح الكفات وتحقيق الانتصارات ما لم يكن مقرونا بالعطاء والاداء والروح والحماس وبقية المقومات المرجحة.. كانت كل عناصر الضيوف من المحترفين.. المدير الفني الماني الجنسية واللاعبون جميعهم من الطيور المهاجرة من بلدها للدوريات الاوروبية والاسيوية.. صحيح معظهم في الدوري الانجليزي الذي يشهد تراجعا في المستوي الفني اثر علي المنتخب فانهزم امام المنتخب الفرنسي باستسلام غريب.. اما المنتخب المصري فلم يشارك فيه أي عنصر محترف وادخر حسن شحاتة »المحترفين« الوحيدين للشوط الثاني.. تمكنت العناصر غير المحترفة من التفوق من جميع الوجوه فنيا وبدنيا.. فرديا وجماعيا.. مهاريا وخططيا.. ولم ترهبهم الاسماء ولا النجومية.. ولم يخيفهم الخشونة والعنف.. وبادلوا الضيوف الندية خاصة مع البداية ثم عندما بث فيهم عبدالواحد السيد الثقة في منعه وحصانة شباكهم وذاد عنها ببسالة وصانها من فرصتين مؤكدتين.. راحوا يبدعون ويتفوقون وترجموا كفاءتهم وايجابيتهم الي هدف قوي وعززوه في الشوط الثاني بهدفين احدهما جاء بتسهيل وتيسير من الحكم البلغاري. توازن في التشكيل أحسن حسن شحاتة في اختيار تشكيل متوازن وغير متأثر بالشهرة والنجومية والمشوار التاريخي.. ونجح في المزج بين عناصر الخبرة والموهبة وبين الشباب والحيوية والايجابية.. اختار من عناصر الشباب الاكفأ امثال احمد دويدار وابراهيم صلاح واسلام عوض واحمد عبدالظاهر واحمد عيد.. وقام بتثبيت عناصر الخبرة المتمثلة في عبدالواحد السيد ووائل جمعة ومحمود فتح الله واحمد فتحي ومحمد ابوتريكة واحمد سمير فرج.. وكان الجميع عند حسن الظن بهم.. قام الجدد بتثبيت اقدامهم في تشكيل المنتخب ونجح بامتياز دويدار وصلاح.. وبجيد جدا اسلام وعبدالظاهر ولولا اللياقة وعدم قدرتهما علي توزيع الجهد علي كل الوقت للحقا بزملائهما في درجة الامتياز.. اما القدامي فقد استرد ابوتريكة بعضا من لياقته الذهنية والفنية.. واتسم فتحي بالايجابية والتعاونية.. وكان فرج احد نجوم اللقاء واكد جمعة انه صمام امن وأمان ومعه فتح الله حتي وان كان اقل خبرة ودراية.. ولو ان احمد عيد احتفظ بتوازنه الانفعالي لشارك في الفئتين لانه يمتلك الشباب والخبرة لكن الحلو ما يكملش.. وعندما لاحظ حسن شحاتة نوعا من انحدار الانتاج الاجمالي دفع بعناصر شابة امثال وليد وجدو والمحمدي وزيدان ولو ان هذه العناصر تحلت بالتفاهم وحرصت علي التعاون لزاد الانتاج وانعكس علي المردود التهديفي.. لكن كل منهم حاصة وليد وزيدان عزفا فرديا فأهدرا علي الفريق فرصا مواتية لتحقيق فوز قياسي. مهارات متعددة أفرز اللقاء عن قدرة عالية لدي الخامة المصرية علي تنفيذ التوجيهات الفنية والخططية.. ملأ الصاعد الواعد ابراهيم صلاح منطقة وسط الملعب حركة ونشاطا.. ونجح في تشكيل حائط دفاعي متقدم وسط المل لافساد الهجمات العميقة قبل تصاعد خطورتها.. بيما قام بهذا الواجب احمد دويدار الذي بدا عملاقا وتفاهم مع الثنائي الكفء جمعة وفتح الله وقللوا من الخطورة التي لاحت في البداية وتصدوا لكل الغزوات بكفاءة وقوة.. وتفنن ابوتريكة في قيادة الهجمات وصنع التمريرات التي لو احسن زملائه استغلالها لاثمرت عن اهداف اخري.. ومارس احمد عيد مهارة المراوغة المجدية التي اعانته علي المرور غير انه لم يتحل بالسرعة فأهدر بعض الفرص الثمينة للتهديف.. وكان احمد سمير فرج صاحب الشارع الايسر وقام بكل الواجبات في الانطلاق والمراوغة والتمرير لكن مهاراته الخاصة في التسديد القوي المتقن لم تظهر بجلاء. انضباط تكتيكي تحلي معظم لاعبي المنتخب بالانضباط التكتيكي والالتزام الخططي.. لم يقصر احدهم في واجبه.. ولم يترك مساحة تمركزه وحتي عندما سعي بعضهم للاضافة والابتكار جاءت هذه المساعي في اطار الخطط الاجمالية ولم تأت علي حساب الواجبات والمهام.. ولم يعب المنتخب قلة الكثافة الهجومية وندرة الخطورة الدائمة علي المرمي المنافس لان الفريق اعتمد علي تنظيم هجمات عميقة التقدم بالجبهات وعلي الاجناب واحسن لاعبوه استغلال الفرص المتاحة حتي وان كانت قليلة فأثمر هذا عن الهدف الثاني.. يبقي ان نشيد مرة ثانية بالمعلم شحاتة ورفاقه بالجهاز الفني الذين بدأوا مشوار التطوير واحدثوا بصمات التغيير والتي تحتاج للتواصل في الخطوات والاستمرار في الاجراءات.. وليس مهما عودة شحاتة الي طريقة 3/5/2 التي تلاشت من كل العالم المهم ان نكسب بما نستطيع.