لن نخرج من أزمتنا إلا بالحوار.. ولم الشمل مسئولية الرئاسة انتماء الدعاة يجب أن يكون للدين والوطن فقط الحكومة ليست علي المستوي المطلوب ولا بديل عن حلول غير تقليدية لمشاكلنا
عندما ترتبك الأمور وتتداخل المشكلات من الطبيعي أن نلجأ لعلماء الدين فلديهم رؤية للأحوال المتشابكة لهذا أجرت »الأخبار« حوارا مع الدكتور عبدالله الحسيني وزير الأوقاف الأسبق الذي طالب بوحدة صفوف جميع الأطياف السياسية برعاية رئيس الجمهورية وطالب الشرطة بحماية المواطن واحترامه والمواطن بتقدير دور الشرطة ليعود الأمن، كما طالب بوقف الاحتجاجات والاضرابات حتي تعود عجلة الانتاج للدوران، ويري ان الجماعات التكفيرية في سيناء خطر كبير علي استقرار مصر وطالب دعاة الاوقاف والأزهر بعدم الانتماء السياسي لأي فصيل أيا كان اتجاهه وأن يكون هدفهم الوحيد صالح الوطن.. وغيره من الموضوعات في الحوار التالي د. عبدالله الحسيني يتحدث إلي » الأخبار « كيف تري المشهد السياسي الآن علي الساحة المصرية..؟ المشهد السياسي الموجود الآن فيه ارتباك واضطرابات علي كل المستويات.. والمأمول من ابناء مصر أن تتوحد صفوفهم، أن يجتمعوا علي كلمة سواء.. وارجو أن يتخلصوا من جميع مظاهر الخلاف التي بدت علي الساحة وجعلت المصريين ينقسمون فرقا واحزابا وشيعا وجماعات تتناحر وتختلف فيما بينها مع غياب مصلحة الوطن عن نظر الجميع مع انه يجب أن تكون مصلحة الوطن فوق الجميع حتي نتجاوز الانفلات الأمني والأخلاقي والتدهور الاقتصادي. واقول لا مخرج من هذه الأزمة إلا بالحوار ولابد من التوافق.. هناك كثير من الاطياف والفرق متأثرة بدوافع شخصية وبأغراض ذاتية تجعلها تجنب مصلحة الوطن بالاضافة الي تدخلات خارجية من بعض الدول تحاول بث الفرقة تحقيقا لاغراض تهمها لأنها لاتريد لمصر أن تتقدم أوتتطور أوتقوي أو تتبوأ مكانتها اللائقة بها في المنطقة. اقول لمؤسسة الرئاسة انها تتحمل مسئولية كبري بالنسبة لجمع الكلمة.. الرئيس مرسي جاء الي موقعه بالاختيار الشعبي فلابد أن يقدر هذه المسئولية ولابد ان يحرص علي جمع الكلمة بحكم موقعه كرئيس لكل المصريين.. مصر ليست دولة صغيرة وليست دولة هامشية.. مصر دولة محورية وكبيرة في هذه المنطقة لها ثقلها ولها وزنها ولها قيمتها التاريخية والجغرافية ولابد ان تعود مصر لريادتها.. مؤسسة الرياسة تتحمل مسئولية كبري في محاولة لم الشمل وجمع الكلمة لأن الموقف جد خطير لأن مصر للمصريين جميعا وليست لفصيل معين أو طائفة معينة وعلي مؤسسة الرياسة أن تنظم هذا الجهد كله لكي ينطلق بمصر لتحقيق الأمن والامان والاستقرار الاقتصادي. الدور الوطني ما هو دور الأزهر الشريف فيما يدور علي الساحة السياسية..؟ الأزهر الشريف له دوره الوطني والديني علي مستوي مصر وعلي مستوي قضايا المسلمين في العالم اجمع وان الازهر ينهض بمسئوليته في تعليم ابناء المصريين وابناء المسلمين في جميع انحاء العالم والاهتمام بقضايا الاسلام والمسلمين في كل دول العالم. فعلي المستوي المحلي فإن الأزهر مؤسسة تعليمية تمارس دورها في تعليم النشء وفق المنهج الاسلامي الوسطي المعتدل.. والازهر الشريف يحرص كل الحرص علي اداء دوره الوطني في خدمة قضايا وطنه في الفترة الاخيرة بصورة واضحة فلقد حرص الازهر الشريف علي ان يؤدي دوره الوطني في خدمة الوطن سواء عن طريق بيت العائلة او عن طريق الحوار الوطني أو الازهر يتميز بأنه يتعامل بالمصداقية والشفافية بجانب تمتعه باحترام الجميع.. والامل كبير في ان يتعاظم هذا الدور حتي يتم تحقيق التوافق الوطني في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي. هل وضع الازهر الآن في الدستور الجديد افضل أم ما كان في الدستور السابق افضل..؟ وضع الأزهر في الدستور الحالي أفضل لأن هناك نصا بالدستور علي أن هيئة كبار العلماء بعد صدور القانون بإنشائها لابد أن يؤخذ رأيها في كل ما يتصل بالقوانين المتصلة بالشريعة الاسلامية. ومما لاشك فيه أن هذا الرأي سيكون نابعا من منهج الأزهر الوسطي المعتدل الذي لا يعرف الانحياز الي فصيل معين ولا الي طائفة معينة بل ينحاز الي الحق والي الصواب فمنهج الأزهر قائم علي انه يوحد ولا يفرق. وبعض الامور تعرض علي هيئة كبار العلماء ويؤخذ رأيه لكن المشرع قد يلتزم وقد لا يلتزم بهذا الرأي لان النص ليس ملزما.. وكان المفروض أن يكون النص بصيغة الالزام كأن يقول »يؤخذ برأي الازهر« ولكن كلمة ان »يؤخذ رأي الأزهر« اي يعرض الامر ويؤخذ الرأي لكن ينبغي أن نلتفت الي امر مهم وهو عدم الاخذ برأي هيئة كبار العلماء تجعل القانون عرضة للطعن عليه بعدم الدستورية لكن بصيغة الدستور الحالي وبكلمة يؤخذ رأي أصبح رأي الأزهر استشاريا ولايلزم المشرع به لكنه سيفتح مجالا للطعن عليه بعدم دستوريته وهذا ما يجب ان يراعيه المشرع. لماذا عرض قانون الصكوك علي هيئة كبار العلماء؟ قانون الصكوك والذي أقره مجلس الشوري وذهب الي رئيس الجمهورية ثم عرض علي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف رغم أن مجمع البحوث الاسلامية رفضه مرتين لانه لابد من أخذ رأي هيئة كبار العلماء لتبدي رأيها فيه واذا لم يعرض علي هيئة كبار العلماء سيكون فيه مجال للطعن بعدم الدستورية لأنه لم يعرض علي الهيئة.. وللعلم هذه الهيئة من خيرة العلماء ويجب علي الحكومة ان تأخذ برأي هذه الهيئة العريقة. تنفيذ القانون ماذا تقولون لقطاع الشرطة المسئول عن حماية الأمن في الشارع المصري؟ الشرطة تستمد هيبتها وقوتها من أنها اداة لتنفيذ القانون وما حدث منذ 52 يناير حتي الآن من حالات انفلات ومواجهات بين الشرطة وبعض افراد الشعب اوجد فجوة عميقة بين الشعب المصري والشرطة وازمة عدم ثقة بين الشرطة وبين الشعب.. لن يتحقق الامن في مصر إلا بعودة الشرطة الي وضعها الطبيعي الذي كانت عليه قبل الثورة الذي يحق لها أن تقوم بدورها في حفظ الأمن لابد أن يحفظ للشرطة هيبتها ومكانتها وقدرها لكن هي ايضا عليها ان تحترم حقوق المواطنين في الحرية والكرامة وان تعرف ان القانون منوط بها تنفيذه واعمال احكامه ولا تكون سلوكياتها وتصرفاتها إلا من خلال القانون فلو التزمت الشرطة بهذا ووثق الشعب فيها سيعود الأمن ولا يمكن ابدا ان تستغني البلد عن هذا الجهاز الامني المهم ونحن ندرك الآن ما نعانيه من غياب الأمن وخاصة في ريف مصر وحالة الانفلات الامني والاخلاقي. ما هي العوامل الايجابية من وجهة نظركم للنهوض بالاقتصاد المصري..؟ الاقتصاد المصري يمر بأزمة كبيرة ويشتد خطرها يوما بعد يوم. ولكن الانفلات الأمني عقب الثورة والانفلات الاخلاقي وكثرة الاضرابات والاحتجاجات والاعتصامات والمطالب الفئوية أضر بالاقتصاد المصري ضررا كبيرا مما عطل الكثير من المصانع والشركات وتوقفت عجلة الانتاج والاستثمار تأثر تأثرا كبيرا والسياحة ايضا والبطالة زادت كل هذه جوانب سلبية خطيرة لانها ارهقت جسد الاقتصاد المصري خلال المدة الماضية. وكيف تنهض مصر من كبوتها؟ لن تنهض مصر من كبوتها إلا بأمرين: الأول هو تحقيق الأمن حتي يشعر كل مواطن انه آمن علي نفسه وبيته واهله ثانيا: توقف الاعتصامات والاحتجاجات والاضرابات والمطالب الفئوية حتي نستطيع تحريك الاقتصاد الي الأمام لأن مصر بلدنا جميعا ويتعافي اقتصادها.. ونحن لانمنع المطالبة بالحقوق المشروعة والقانونية ولكن بعد أن تقف مصر علي قدميها وتستعيد عافيتها ويزدهر اقتصادها ثم نطالب بحقوقنا المشروعة التي كفلها لنا القانون. خطر كبير ماذا تقولون فيما ظهر من جماعات تكفيرية في سيناء وخطورة ذلك علي الدولة..؟ الحقيقة أن الجماعات المتشددة المتطرفة الموجودة في سيناء التي تتمسح بالدين وهو منها براء تمثل خطرا كبيرا علي امن مصر في بوابة مصر الشرقية.. وقد طالبنا بتنمية سيناء واستثمار اراضيها في الصناعة والزراعة ونقل مجموعة من السكان من الدلتا اليها لتعميرها ليجعل من سيناء منطقة آمنة علي نفسها وعلي البلد ونرجو أن تتدارك الحكومة الحالية هذا الامر وتعمل علي تنمية سيناء. أما هؤلاء المتربصون بأمن سيناء والذين يحاولون النيل من الوطن عن طريق سيناء ويتمسحون بالاسلام فالاسلام منهم براء ومايفعلونه مخالف تماما لكل تعاليمه لوحدة اوطاننا. هل هناك خطة للنهوض بالأزهر الشريف جامعا وجامعة وما هي.. وكيف..؟ فضيلة الامام الاكبر شيخ الأزهر مهتم بهذه القضية ويعتبرها شغله الشاغل ومنذ فترة طويلة حمل علي عاتقه اصلاح الازهر جامعا وجامعة ويعمل دائما علي تعظيم دور الازهر في القضايا الوطنية والمجتمعية من خلال مشاركات الازهر في الحوار والقضايا الوطنية وابداء الرأي ولم الشمل. واما من ناحية الجانب التعليمي كمؤسسة تعليمية فقد شكل الامام الاكبر لجنة عامة لاصلاح التعليم الازهري وتنبثق لجنتان من هذه الام احداهما لاصلاح التعليم الجامعي والأخري لاصلاح التعليم قبل الجامعي. وكل لجنة من هذه اللجان تضم مجموعة من الخبراء واساتذة الجامعة ومن علماء الازهر الشريف ومن علماء النفس والتربية ومن وزارة التربية والتعليم وهدف هذه اللجان هو بحث افضل السبل لاصلاح التعليم في الازهر ووضع خطة مستقبلية لتعليم ازهري متطور يحتفظ بثوابت الازهر باعتباره المرجعية الدينية الوحيدة وفي نفس الوقت يتواصل مع المستجدات العصرية بحيث يخرج الازهر منتجا تعليميا متميزا يؤدي رسالة الازهر كأحسن ما يكون الاداء فيكون عالما ازهريا متفقها في دينه وفي نفس الوقت بصيرا بأمور دنياه. وان شاء الله ستظهر آثار طيبة لهذا الجهد الذي يبذل. اقترح بعض الناس إعادة الاعدادية الأزهرية 4 سنوات والثانوية 5 سنوات ما رأيك؟ حينما اقترح بعض الناس باعادة الاعدادية الازهرية 4 سنوات والثانوية خمس سنوات ودخل هذا لجان الدراسة استقر الرأي علي الابقاء علي النظام الحالي وهو 3 سنوات لكل من الاعدادية والثانوية باعتبار هذا مطلبا مجتمعيا مهما وضروريا وهو تحقيق المساواة بين الطالب الازهري وطالب التعليم العام لأن الاحالة للمعاش للجميع هو سن الستين وبالتالي لاداعي لارهاق الطالب الازهري بزيادة سنوات الدراسة مما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص. ويتم الآن دراسة تخصيص شعبة للمواد الأزهرية من اولي ثانوي يتخرج فيها الطالب ليلتحق بكليات اللغة العربية واصول الدين والشريعة والقانون والدراسات الاسلامية والدعوة اما شعبة العلمي وشعبة الادبي فلن تختلف عن الثانوي العام. ما هو المطلوب من المؤسسة الدينية- الأزهر والاوقاف- ليكون دورها فاعلا علي المستويين المحلي والعالمي؟ الأزهر والأوقاف في مجال الدعوة الاسلامية مشكاة واحدة هؤلاء الدعاة في الأوقاف وايضا دعاة الأزهر ينبغي أن يكون ولاؤهم لدينهم ولوطنهم وايضا للمؤسسة التي تعلموا فيها وهي الأزهر الشريف.. ولاؤهم لدينهم لطاعة الله اولا والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.. ويقول الله تعالي »ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك«.. قل هذه سبيلي أدعو الي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني« فيجب البعد عن الغلو والتطرف لأن الدين ليس فيه تشدد وبالتالي لايكون انتماء الداعية الا الي الدين والوطن والازهر وعدم الانتماء السياسي لأي فصيل أيا كان اتجاهه.. فيجب أن يحرص دعاة الاوقاف والازهر علي الالتزام باخلاقيات الدعوة الاسلامية الصحيحة وأن يلتزموا بالمنهج الأزهري الوسطي المعتدل وألا ينحازوا لأي فصيل، وأن يكونوا قدوة طيبة لغيرهم لأن اشدما تعانيه الأمة الآن الهوة السحيقة بين القول والعمل.. »كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون« و»العلماء ورثة الانبياء« صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. ليست علي المستوي ما هو المطلوب من وجهة نظركم.. أن تبقي الحكومة الحالية أم يتم تغييرها كليا أم جزئيا..؟ في تصوري وبمنتهي الصراحة أن مستوي اداء الحكومة علي مدي الشهور الماضية لا يتفق مع ماتعانيه مصر من مشكلات. مصر في حاجة الي حكومة غير نمطية.. حكومة تكنوقراط تضم المبتكرين والمبدعين والذين لديهم حلول غير تقليدية لمصر التي تعاني مشكلات جسيمة وخطيرة لكنها ليست مستحيلة الحل، لأنها في حاجة الي عبقرية والي ابداع والي خبراء والي متخصصين يستطيعون أن ينهضوا بهذا البلد من كبوته. الحكومة الحالية اداؤها ليس علي مستوي الازمة التي تمر بها مصر وليس علي مستوي المسئولية التي وضعت علي عاتقها وليست علي المستوي الذي يؤهلها لتحمل المسئولية الخطيرة في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها مصر.