مساء السبت أعلنت نتائج الدورة ال 63 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، ثاني أهم مهرجان سينمائي بعد مهرجان كان، وفاز بجائزة الدب الذهبي الفيلم الروماني "تحرير الطفل" وتدور أحداثه حول سيدة ثرية، تسعي جاهدة لإطلاق سراح ابنها المسجون علي ذمة قضية، أما جائزة الدب الفضي فقد حصل عليها المخرج الأمريكي دافيد جوردان جرين عن فيلم "برنس إفلانش"، وكانت المفاجأة أن يحصل المخرج الإيراني جعفر بناهي علي جائزة السيناريو عن فيلم »الستائر المغلقة«، وهو المخرج الذي يقضي فترة عقوبة مقيدة لحريته، لأنه يعارض النظام الحاكم. ومع ذلك فهو يقوم بإخراج الأفلام من محبسه، والمشاركة في مهرجانات عالمية، »وكمان يحصل علي جوائز«، لتميزه الفني وليس لمجرد التعاطف مع قضيته، الفنان لايعدم وسيلة في توصيل أفكاره وفنونه لجمهوره، مهما كانت القيود التي تحاصره! وقد حصل الفيلم الأمريكي (أرض الميعاد) علي جائزة تقديرية خاصة وهو من إخراج جاس فان سانت، وبطولة مات ديمون، الذي يقدم واحدا من أهم أفلامه في الفترة الأخيرة، وتدور أحداث الفيلم، حول شاب يعمل لدي شركة ضخمة لتوصيل الغاز الطبيعي، وتجد الشركة بعض العقبات في المناطق الريفية بشكل خاص، حيث يرفض أصحاب الأراضي الزراعية بيع أراضيهم لتقوم الشركة بمد الأنابيب في التربة، مما قد يتسبب معه الإضرار بتلك الأراضي، عن طريق مد أنابيب الغاز في التربة، ويبذل موظف الشركة كل جهده لإقناع أهالي إحدي القري، بأهمية المشروع الذي سوف يحول حياتهم إلي نعيم مقيم، ويحقق لهم أحلام الثراء، والتخلص من كل مشاكلهم المادية، وهو يؤمن بذلك حقا، ويقوم بإقناع بعض الملاك ببيع أراضيهم لصالح الشركة، وبينما يعتقد أن الأمور تسير في صالحه، يظهر له مدرس كيمياء عجوز يؤكد للمواطنين أن هذا المشروع سوف يكون وبالا عليهم، لأن الآثار المترتبة علي حفر أنابيب الغاز، سوف تؤدي إلي إفساد آبار المياه وتعريض المزروعات لخطر التسمم ما قد يؤثر حتما علي حياة الحيوانات والإنسان، وينقسم الرأي في القرية إلي اتجاهين، البعض يغريه ما تقدمه الشركة من أموال مقابل البيع، والبعض يتوجس خيفة ويقرر التصدي للمشروع، وفي الوقت الذي يظن فيه الموظف الشاب "مات ديمون" أنه نجح في مأموريته واستطاع أن يقنع النسبة العظمي من السكان ببيع أراضيهم، يعلم عن طريق الصدفة، أن المشروع سوف يؤدي فعلا إلي نتائج مدمرة للبيئة، وأن المبالغ الضخمة التي سوف تدفعها شركته، لاتساوي الأضرار الضخمة التي سوف تلحق بأصحاب الأراضي، فيقرر أن يعلن الحقيقة علي الناس، ويخسر وظيفته، فلا معني لأن تكسب الدنيا وتخسر نفسك! أما جائزة أفضل ممثلة فذهبت إلي "بولينا جارسيا" عن دورها في الفيلم التشيلي – الأسباني "جلوريا" وكان بعض النقاد يرشحون الممثلة الفرنسية جولييت بينوش للفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم كاميل كلوديل 5191 إخراج برونو دومنت، ويقدم من خلاله تحليلا للعلاقة الغريبة المرتبكة التي جمعت بين النحات الفرنسي "أوجست رودان" والنحاتة الفرنسية كاميل كلوديل، تلك العلاقة التي أوصلتها للجنون، أو علي الأقل اتهامها بالجنون، حيث أدي التنافس والغيرة بينها وبين عشيقها الشهير أن يحاول التخلص من جبروت موهبتها الذي كان يشعره أحيانا بالتضاؤل أمام عبقرية موهبتها، بأن يسيء معاملتها ويدفعها للتوتر العصبي ويتهمها بالجنون، الذي أدي بها إلي أن تكون نزيلة لإحدي مصحات الأمراض العصبية والعقلية لتقضي بقية حياتها حبيسة تلك الجدران الباردة، بعد أن تخلي عنها الجميع حتي شقيقها الشاعر الروائي "بول كلوديل" وإذا كانت جولييت بينوش قد قدمت دور عمرها كما يؤكد النقاد، فقد سبقتها لتقديم نفس الشخصية الممثلة الجميلة إيزابيل إدجاني في فيلم يحمل اسم البطلة كاميل كلوديل وشاركها بطولته جيرار دي بارديو في دور "أوجست رودان". أما جائزة أفضل ممثل فقد فاز بها "نازيف موجيك" عن فيلم "حلقة من حياة ايرون بيكر" وهو إنتاج البوسنة – فرنسا- سلوفينيا.. ومن الأفلام التي كان يراهن عليها بعض النقاد "أعراض جانبية" side effects أحدث أفلام المخرج ستيفن سوديلبرج، الذي يجمع فيه بين جود لو، وكاترين زيتا جونز، وروني مارا، وتدور قصة الفيلم حول سيدة شابة "ايميلي تايلور" يخرج زوجها من السجن بعد أربع سنوات قضاها بين القضبان، ولكن قدرتها علي التواصل مع الزوج تكون منعدمة، مما يخلق بينهما بعض الاضطرابات، وتضطر لأن تلجأ إلي طبيب نفسي "جود لو" الذي ينصحها باستخدام أقراص مهدئة، كانت لاتزال في مرحلة الاختبار، ويؤكد لها أن لتلك الأقراص أعراضا جانبية، وينصحها أن ترصد تلك الأعراض حتي يكون علي علم بها،ولكن يكون تأثير العقار مدمرا علي المريضة، حيث تعاني من هلاوس سمعية وبصرية، وتسير أثناء نومها، بل الأكثر من ذلك، أنها ترتكب جريمة قتل وهي تحت تأثير هذا المخدر، أما الدكتور الذي نصحها بهذا العقار فهو يصاب بالفزع نتيجة ما حدث مع مريضته، خاصة أنه كان يعاني هو الآخر من اضطرابات نتيجة سوء علاقته بزوجته، الفيلم من نوع السيكودراما والتشويق وتلعب فيه الموسيقي التصويرية التي وضعها توماس نيومان دورا بارزا يكاد يقترب من أهمية دور الممثلين، ويؤكد النقاد أن جود لو قدم دورا شديد التميز والحرفية، بينما يقفز المخرج ستيفن سوديلبرج إلي مكانة خاصة تعيده للأضواء بشدة، بعد أن كان قد أعلن أنه سوف يعتزل الإخراج عندما يصل للخمسين من عمره، ولكن نجاح الفيلم وحسن استقبال الجمهور والنقاد ربما يدفعه لإعادة النظر في هذا القرار!