د. أكمل الدين إحسان أوغلو أثناء حواره مع الأخبار قمة القاهرة تبحث صياغة موقف إسلامي موحد تجاه العديد من القضايا قبيل انعقاد القمة الإسلامية العادية بالقاهرة بعد أيام قليلة، أجرت الاخبار حوارا شاملا مع الدكتور أكمل الدين احسان اوغلو الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي، تطرق خلاله الي أهم الموضوعات المطروحة أمام قادة دول المنظمة، والتطورات التي شهدتها العديد من الدول الأعضاء فيما بين دورتي الانعقاد. وأكد الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أن القمة ستمثل فرصة لالتقاء الزعماء ببعضهم وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء،معربا عن اعتقاده أن قمة القاهرة سيكون لها دور إيجابي في إعادة صياغة الكثير من المسائل والمفاهيم، وإتاحة الفرصة للحوار، والتباحث، وجسر الهوة، وزيادة التنسيق والتفعيل بين الدول الأعضاء. تستعدون لعقد القمة الاسلامية العادية بالقاهرة الاسبوع القادم.. ماهي أبرز القضايا التي تعتزم أمانة المنظمة طرحها للمناقشة أمام القادة؟ قال د. أكمل الدين احسان أوغلو أمين عام منظمة التعاون الاسلامي: تبحث القمة في وقت دقيق يمر به العالم الإسلامي، عددا من القضايا التي تحتاج إلي موقف إسلامي موحد، وأبرزها القضية الفلسطينية، خاصة مسألة تهويد القدس الشريف، والاستيطان، وسوف يتم بحث قضايا مهمة مثل المسألة السورية وقضية مالي وملف مسلمي الروهينغيا في ميانمار، والإسلاموفوبيا، والعداء أو الخوف من الإسلام، وقضايا اقتصادية وثقافية واجتماعية عديدة، وغيرها من القضايا الملحة. وأضاف: وكما تعلمون فان القمة تعقد فيما بعد التطورات التي شهدتها العديد من الدول الأعضاء، وكذلك مصر، الدولة المضيفة، وهي تطورات إيجابية أسفرت عن قيام أنظمة ديمقراطية تشهد تطبيقا لما ينادي به ميثاق المنظمة من ديمقراطية وتداول سلطة واحترام لحقوق الإنسان. منذ القمة الاسلامية العادية الاخيرة في السنغال لم يلتق قادة دول المنظمة، وحدثت مجريات كثيرة وأحداث كثيرة شهدها العالم الاسلامي، وبالطبع سوف تقدمون تقريرا مفصلا عن هذه الفترة بودنا أن تحدثنا عن هذا التقرير؟ صحيح.. يأتي انعقاد القمة بعد خمس سنوات من انتهاء القمة الحادية عشرة في دكار، وهي سنوات شهدت الكثير من التحولات، والتي لابد من القمة أن تطرحها، ولا يمكن إغفال حقيقة أن المنظمة اكتسبت خلال الخمس سنوات التي ذكرتها الكثير من الأهمية، علي المستويين البيني، في دائرة الدول الأعضاء، وعلي الصعيد الدولي، حيث اكتسبت المنظمة ثقة المجتمع الدولي، وصارت لها علاقات استراتيجية مع الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا الاتحادية والصين ودول أخري لها ثقل دولي مثل أستراليا والبرازيل، الأمر الذي من شأنه أن يمكنها من لعب دور أكثر فعالية في قضايا العالم المختلفة، والمنظمة شكلت بالفعل استقطابا للكثير من المسائل، حيث تشارك بشكل مباشر في الكثير من الملفات العالقة، أو بشكل غير مباشر عبر التشاور والاتصال الدائمين. ويجب أن نعرف كذلك أن القمة ستمثل فرصة لالتقاء الزعماء ببعضهم وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، لهذا أعتقد أن قمة القاهرة سيكون لها دور إيجابي في إعادة صياغة الكثير من المسائل والمفاهيم، وإتاحة الفرصة للحوار، والتباحث، وجسر الهوة، وزيادة التنسيق والتفعيل بين الدول الأعضاء. المشروعات الإنسانية تتبني منظمة التعاون الاسلامي في العديد من الدول الاعضاء مشروعات انسانية وخيرية لمساعدة المضارين من الحروب والكوارث والأزمات، نأمل إلقاء الضوء علي هذه المشروعات؟ أمين عام المنظمة: ربما يكون إقرار وزراء الخارجية بالدول الأعضاء، لوائح الإجراءات لمنح الصفة الاستشارية لمنظمات الإغاثة بالدول الأعضاء في المنظمة، أهم حدث في مجال الشئون الإنسانية في المنظمة، الذي وصل بالفعل إلي مرحلة النضج بعد إطلاق مشروع العمل الإنساني في 2005 وتحوله إثر ذلك إلي واقع ملموس اليوم. وشكل هذا التطور النوعي، نقلة نوعية في العلاقة بين المنظمات الإنسانية، ومنظمة التعاون الإسلامي، من حيث توفير المظلة المطلوبة لهذه المنظمات باختلاف أحجامها وقدراتها، وتنسيق العمل فيما بينها، لتمكينها من الوصول إلي مناطق الكوارث والنزاعات. الاخبار: والي اي مدي تفي المساعدات المقدمة من الدول الأعضاء باحتياجات المتضررين؟ تعرف أن العالم الإسلامي يعد، وفق إحصاءات الأممالمتحدة، أكثر المناطق عرضة للكوارث الطبيعية والبشرية، وبالتالي تعد مهمة المنظمة في هذا الجانب صعبة للغاية، ولا يمكن تحقيقها بالكامل، أو إيفاء متطلباتها بصورة مطلقة، مع أن الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، ليست جهازا مانحا بحد ذاته، إلا أنها بذلت جهدا كبيرا كما ذكرت لك سابقا في وضع قاعدة قوية للعمل الإنساني من أجل سد العجز الحاصل في الكثير من النكبات، ولكن دعني أقول إن المشكلة الحقيقية التي تواجهنا ليست في حجم المساعدات التي تقدمها الدول إلي المتضررين من النكبات، بل في سرعة التحرك لاحتواء الكوارث في وقت قياسي، وهي آلية نحن نعمل علي الحصول علي موافقة الدول بشأنها، وإن تحققت تكون قدرة المنظمة علي تحقيق التجاوب السريع مع الكوارث في باكورتها مهمة جدا، خاصة من خلال صندوق خاص بالكوارث يكون جاهزا لإمداد الدول المنكوبة بالعون في أسرع وقت ممكن. تعاني الأقليات المسلمة في العديد من دول العالم من مشكلات مستعصية في الدول التي تقيم بها، فماذا عن جهود المنظمة مع مسلمي الصين وميانمار والفلبين لحمايتهم وتخفيف معاناتهم؟ قال د. أكمل الدين احسان أوغلو: تتفاوت أوضاع الأقليات المسلمة في الدول التي ذكرت، بالنسبة للصين، استطعنا أن نتحرك بسرعة، ونبرز قضية مسلمي الإيغور، الأمر الذي أثمر عن زيارات متكررة قمت بها ووفود سابقة أوفدتها للعاصمة بكين، والأقاليم المسلمة في الصين، وكانت النتائج مبشرة، وحققنا آلية تعاون وتواصلا مع الصين، وتوصلنا إلي فهم أكثر عمقا للمشكلة، كما نجحنا في إيصال وجهة نظرنا إلي الحكومة الصينية التي نعمل معها لمنح مسلمي الإيغور حقوقهم إن كانت المعيشية أو استكمال حقوقهم في الهوية الثقافية. والوضع في الفلبين يسير في تطور إيجابي بعد توقيع اتفاقية السلام بين حكومة الفلبين وجبهة مورو الإسلامية في أكتوبر الماضي، والذي حضرته شخصيا، ونباشر نحن في المنظمة سير تطبيق هذه الاتفاقية بصورة ملائمة تفي بمتطلبات تنفيذ كافة بنودها.. وتتواصل جهودنا كذلك لإعادة الوحدة بين جبهتي مورور الإسلامية والوطنية. أما فيما يتعلق بمسلمي الروهينغيا في ميانمار، فجهودنا بدأت في عام 2005 خاصة عندما بادرت المنظمة بجمع شمل الجمعيات والمنظمات التي تدافع عن حقوق شعب الروهينغيا، ووحدت في اجتماع عقد في يونيو 2011 36 منظمة وجمعية تحت سقف واحد، ودعم المؤتمر الوزاري الأخير الذي عقد في يونيو 2011 هذا الاتجاه. منظمة تنمية المرأة الاخبار: ماذا تم في مشروع منظمة تنمية المرأة التي تستضيفها مصر؟ العمل يسير في هذا الاتجاه بشكل إيجابي، خاصة بعد توقيع عدد من الدول الأعضاء علي لوائح الإجراءات للمنظمة، وتصديق عدد آخر عليه، ومصر بحسب معرفتي حددت موقع مقر هذه المنظمة المنتظرة ونأمل في المستقبل القريب أن تري النور، وتكون رافدا أساسيا لتمكين المرأة في العالم الإسلامي. مراكز التنسيق الحضاري معاليكم تذكرون فعاليات مراكز تنسيق الحضارات بغية تبادل وجهات النظر حول آفاق تحالف الحضارات.. ماهي رؤيتكم لأفضل الممارسات والتدابير العملية المستقبلية لبلوغ أهداف مبادرة تحالف الحضارات؟ مسألة حوار الحضارات تعد جزءا أساسيا من اهتمامات المنظمة بشكل عام، واهتماماتي الشخصية علي وجه الخصوص، حيث شاركت في جميع المنتديات العالمية التي نظمتها الأممالمتحدة انطلاقا من مبادرة رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، وخوسيه لويس رودريغيز، رئيس الوزراء الإسباني في ذلك الوقت، كما كان لنا شرف عقد طاولة مستديرة في 17 مايو 2010 علي هامش المنتدي الثالث لتحالف الحضارات في ريو دي جانيرو بالبرازيل، وكانت قد تمت بمبادرة من منظمة التعاون الإسلامي وبرعاية مشتركة مع تحالف الحضارات والمجلس الأوروبي والمجلس البريطاني، وهي لم تنجح في وضع الأوروبيين أمام مسئولياتهم تجاه ظاهرة الإسلاموفوبيا فحسب، بل نجحت في خلق نواة قوية لشراكات مع مؤسسات ومنظمات أوروبية مرموقة ومقدّرة في أوروبا من أجل بدء حملة مضادة إزاء هذه الظاهرة.. وهنا في هذا السياق، يأتي إنشاء مركز الملك عبد الله للحوار بين الثقافات والأديان في فيينا تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بمضامين خاصة حيث يقدم مستوي رفيعا للعمل في هذا المجال، وإسهاما عالميا فريدا في التقريب بين الحضارات المختلفة في العالم. حقوق الإنسان المسلم وتطرق الحوار مع الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي الي مجال حقوق الانسان بالدول الاعضاء في المنظمة وسألته: الي أي مدي وصلت جهود المنظمة لنشر حقوق الانسان بها واقناع قادة الدول باحترام حقوق الانسان؟ تعرف أن جهودنا في حقوق الإنسان يمكن أن تكون قد دخلت في منعطف تاريخي منذ إعلان الهيئة الدائمة والمستقلة لحقوق الإنسان، في اجتماع وزراء الخارجية الإسلامي في أستانة في يونيو 2011 وتعد هذه الهيئة علامة فارقة في تاريخ المنظمة، لقيامها بشكل مباشر بترجمة مبادئ المنظمة في ميثاقها الجديد، والخطة العشرية إلي حقيقة واقعة. ويتمحور عمل الهيئة في نشر الوعي بحقوق الإنسان في العالم الإسلامي.