محمد عبدالمقصود لو ان مصريا في هذا العصر اراد ان يبرز عظمة بلاده ودورها في صنع الحضارة الانسانية منذ فجر التاريخ.. وطاف بين ربوع المحروسة وفتش في دفتر احوالها.. لما استطاع ان يجمع من الدلائل والبراهين علي عظمتها لكثرتها.. واذا قدر له ان يفعل ذلك لا تهمناه بالتحيز. ولكن خطبة الجمعة التي القاها الدكتور محمد العريفي الاستاذ بالجامعات السعودية وهو سعودي الجنسية يوم 14 ديسمبر الماضي واذاعتها قناة الحياة كاملة بداية هذا الاسبوع فاقت كل ما يمكن ان يتحدث به مصري يجب عن بلاده.. لقد اثارت هذه المعلومات المستفيضة عن مصر والمصريين شجون وابكت عيني.. وانا اسمع الرجل يعدد مناقب المصريين.. ويؤكد علي اهمية مصر في التاريخ الانساني. ولا اخفيكم سرا انني احسست وانا اتلقي هذه المعلومات يتقصير المصريين تجاه بلدهم ووطنهم.. واحسست اننا المصريين المتحدثين لا تستحق ان تنتسب لهذا البلد العظيم وان مصر بشموخها وعظمتها وتاريخها تستحق شيئا آخر يعرف قدرها ودورها في صنع الحضارة والانسانية. مصر التي حباها الله سبحانه وتعالي وذكرها في القرآن العظيم صراحة وتلميحا أكثر من عشرين مرة.. ووصفها بالامان.. حيث قال علي لسان سيدنا يوسف لاخوته وابيه ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين.. فهي بلد الامن والامان بلد الرسالات والتوحيد حيث ظهر فيها بني الله ادريس وعاش فيها يوسف وموسي عليهما السلام ويعقوب ونبيه وزارها سيدنا ابراهيم وتزوج من أم اسماعيل جد الرسول صلي الله عليه وسلم هاجر المصرية.. وأوي اليها عيسي المسيح وأمه مريم البتول.. مصر بلد الصحابة وآل البيت المنتشرة اضرحتهم في كل شبر فيها.. مصر فجر الضمير الانساني مصر النيل والروابي الخضر.. مصر التي سجل التاريخ انها علمت الانسانية فنون الزراعة والري وظهر فيها اول تقويم وعلم السنين والحساب.. مصر التي بها خير اجناد الارض مصر التي تغني بها كل الرحالة الذين زاروها وطافوا في ربوعها واستقر بها معظمهم وتعلموا من اهلها السماحة والحب.. ماذا فعلنا بها الان: تحولت السماحة والحب الي عنف وبغض وكراهية وتفرق اهلها شيعا.. وتلوث ماء نيلها.. وفسد هواؤها.. وتحولنا الي شعب ممزق ينكر بعضنا بعضا ولا يسمع احدنا لاخيه.. فقدنا شيحة الكرم واصبحنا بخلاء بحبنا لبلدنا. علينا أن نعود الي مصريتنا نصنع الحضارة مرة اخري وإنا لقادرون اذا خلصت النوايا.