علي مدي 24 عاما عشت احداثا ضخمة مرت بها مصر وعشت حوادث بشعة لتصادمات بين قطارات وسيارات وسقوط طائرات وغرق عبارات ومعارك ارهاب وقتل وسرقة تسببت في ان غزا الشيب مفرقي. لكني اعترف انني لأول مرة اتجرع مرارة الحزن واعتصر قلبي حزنا وغلبتني دموعي خلال متابعتي الكارثة المروعة التي ألمت بهؤلاء الملائكة من الاطفال الذين اغتالهم قطار الصعيد واختلطت دماؤهم الزكية بقضبان السكة الحديد وتناثرت اشلاءهم لدرجة جعلت مهمة التعرف عليهم صعبة ..انهمرت دموعي هذه المرة رغم انها دائما ما تستعصي عليّ وانا اشاهد هؤلاء الملائكة الصغار ملفوفين في اكفانهم متراصين وجوههم جميلة مبتسمة تشكو الي الله هذا الاهمال اللعين الذي اصاب السكة الحديد عشرات السنين وجعل من مزلقاناتها مقبرة للابرياء ..تقطع قلبي وانا اشاهد الاهالي يجمعون اشلاء ابنائهم في كيس من البلاستيك لاني اب لاطفال في مثل عمرهم..يا الله لو تخيل كل مهمل وكل مسئول ان هذه الاشلاء يمكن ان تكون لابنه ..تسارعت ضربات قلبي وارتجفت وانا اري هذا الاب المكلوم وهو يحمل طفله ملفوفاً في الكفن ويضع علي جبينه قبلة الوداع الأخيرة.. سبحانك ربي ولعنة الله علي الظالمين .. زهور بريئة حفظ بعضهم ما يقرب من نصف القرآن الكريم وودعوا اسرهم واستقلوا حافلة الموت في الرحلة الأخيرة.. كانوا مقبلين علي الحياة وطلب العلم دون ان يعلموا أن القدر كتب لهم كلمة النهاية.. يا سادة هذا الحادث لم يكن الأول ولن يكون الأخير مادام الضمير في اجازة ومادام الإهمال يحكم حياتنا ..