لو اتبع المتناحرون أسلوب الوزير مسعد لانتهينا من الدستور في سويعات قليلة، وما استغرق غلوة واحدة، بدلا من حرق طاقات المجتمع في الخلافات والمليونيات التي تزيد البلد انقساما وتجعل كل مادة كاللحم الجملي تستنزف مخزوننا من الطاقة ولاتنضج فنضطر في الآخر لأكلها نصف سوا! طالعوا معي مادار في المجلس الأعلي للجامعات لوضع صيغة نهائية للمادة 53 واللغط بين علماء البلد حول مفهوم المجانية ثم التوجيه الحكيم الصارم وبتعليمات واضحة وصريحة اعتدناها من الوزير صراحة في مواجهة كل المشاكل التي ظهرت علي السطح وتفاقمت أسبابها لكن تدخل د. مسعد بطريقته المطاطية أجلت اندلاع الحرب الأهلية حتي الآن، علي إثر أحداث تافهة مثل الفوضي وانعدام الامن في الجامعات ما أدي لمصرع طالب علي يد بلطجية بحلوان ثم انفجار قنبلة يدوية في طالب بعين شمس وفضائح التنسيق التي اشعلت أزمة في كل البيوت، وخروجه سالما كالشعرة من العجين وسط حصار الطلبة أكثر من مرة داخل وزارته، لأنه اتبع نفس السياسة الحكيمة في صياغة المادة الخاصة بالتعليم التي تعبر ليس فقط عن المستوي الذي وصلنا اليه في فهم ثورة يناير وبالذات الكرامة الانسانية، ولكن ستكون الجذوة التي ستشعل ثورة جديدة بإذن الله، فقد حسم الوزير الخلاف بين العلماء "بأن تتم الصياغة بشكل مطاطي يضمن للدولة الالتزام بالمجانية أو التخلي عنها، فجاء النص أن "لكل مواطن الحق في التعليم المطابق لمعايير ضمان الجودة العالمية، وهو مجاني وإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، في كل مؤسسات الدولة التعليمية، وتتخذ الدولة كل التدابير لمد مدة الإلزام إلي مراحل أخري، وتكفل الدولة ميزانية كافية للتعليم .. وهكذا، في كلمتين مش أكتر من سطرين، تخلصنا من مجانية التعليم الجامعي الي الأبد، وضمنا تفسيرا جديدا للدستور مع كل تعديل وزاري، وإذا كانت دساتير ثورة يوليو العظيمة نصت صراحة علي مجانية التعليم في كل مراحله لكن الفساد والاستبداد أوصلنا الي ما وصلنا اليه، فما هو مستقبل التعليم العالي في ظل القنابل والمتفجرات والمنح والقروض ومادة تعطي للدولة إن أرادت أن تتخذ التدابيرالتي تمد الالزام الي مراحل أخري ؟