القي بنيامين نتانياهو بجميع الاوراق المتاحة لديه، للاحتفاظ بمقعد رئاسة الوزراء، ففي الوقت الذي اتحدت فيه التكتلات الدينية في حزب واحد ضم " البيت اليهودي" و"المفدال الجديد" و"الاتحاد الوطني"، انضم حزب "الليكود" الي حزب "اسرائيل بيتنا"، ليتجه الائتلاف من اليمين الي اقصي اليمين في اعقاب الانتخابات المرتقبة. المراقبون في تل ابيب يرون ان قرار نتانياهو ضم حزب الليكود الي اسرائيل بيتنا لا ينطوي علي فائدة للأول وإنما سيزيد من فرص ليبرمان المستقبلية لرئاسة حزب الليكود، فرغم ما تؤكده نتائج استطلاعات الرأي بأن الحزبين (الليكود، واسرائيل بيتنا)، سيستحوذان علي 45 مقعد في الكنيست، إلا ان المراقبين يؤكدون ان نتانياهو لم يكن بحاجة لدمج حزبه مع حزب ليبرمان، لا سيما انه كان سيتمكن من تحقيق النتيجة المتوقعة دون الارتباط بحزب او كتلة اخري، لكنه لجأ الي تلك الخطوة لتفادي نفوذ التكتلات والأحزاب الدينية، التي لن تقل مقاعدها في الكنسيت القادمة عن 15 مقعداً. وبحسب الخبير الاسرائيلي جدعون ليڤي، القي نتانياهو اسرائيل في ظلمات التيار اليمنيي المتطرف، رغم علمه بأن الائتلاف الجديد الاكثر يمينية، سيعرقل العديد من قراراته الداخلية والخارجية، وإذا كان نتانياهو عجز في الائتلاف الحالي عن تمرير قرار بميزانية الدولة فقط، فإنه سيعجز في المستقبل المنظور اذا احتفظ بمقعده عن تمرير اي قرار مصيري في اي قضية. وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق، القيادي البارز في حزب كاديما شاؤول موفاز اكد انه او رئيس الوزراء الاسبق ايهود اولمرت، او وزيرة الخارجية السابقة تسيپي ليڤني افضل بكثير من اعادة انتخاب نتانياهو لرئاسة الوزراء، مبدياً امتعاضاً من سياسة حكومة الليكود، التي عزلت تل ابيب عن القوي الاقليمية والدولية، وأدت للمرة الاولي الي نتوء بون شاسع في المواقف بين الإدارة الامريكية والدولة العبرية. وكان موقف موفاز غير بعيد عن نظيره، الذي اطلقته وزيرة خارجية اسرائيل السابقة تسيبي ليفني، حينما اشارت الي ان سياسة نتانياهو الداخلية، افضت الي وضع اسرائيل في موقف حرج، ترجمته الاوضاع الاقتصادية المتردية، والاحتجاجات الجماهيرية غير المسبوقة، وتآكل الطبقة الوسطي، الامر الذي سيقود حتماً الي السقوط في حالة سخط شعبية، لن تختلف كثيراً عن تلك التي شهدتها ميادين ما يعرف ب "الربيع العربي" في دول المنطقة. بنظرة شمولية تعامل "يوري اڤنيري" المحلل السياسي الاسرائيلي مع الانتخابات المزمعة، مشيراً الي ان تلك الانتخابات ستحدد من سيقود اسرائيل خلال الاربع سنوات المقبلة، وستكون تلك الفترة مصيرية في تاريخ الدولة العبرية، إذ انه اذا لم تتغير سياسة الحكومة المزمع تشكيلها، فستواجه اسرائيل كابوساً عام 2018 ينذر بإقامة دولة واحدة والتخلي عن وجود الدولة الفلسطينية المستقلة، ومن النهر للبحر ستولد دولة عنصرية، وسيسيطر اليهود الاقلية في تلك الدولة علي العرب الاغلبية علي العرب، وسيعيش الحاكم والمحكوم حينئذ في جهنم. ويقول الخبير اڤنيري المحسوب علي اليسار الاسرائيلي، انه ان عاجلاً او آجلاً، لن يكون امام اسرائيل سوي خيار واحد، هو منح العرب حق المواطنة، وعندئذ ستصبح اسرائيل دولة فلسطينية بالأغلبية العربية فيها، ولن يكون امام الاسرائيليين إلا الهجرة والشتات في مختلف دول العالم، وسيتبدد المصنع الصهيوني ذو ال 130 عاماً الي كابوس، كما كان عليه الحال لدي الدولة الصليبية التي تفككت رغم سيطرتها علي العرب 200 عاماً، ولا تفتقر هذه القراءة التاريخية الي عقلية خارقة كي ترصدها. وخلص الخبير الاسرائيلي الي ان انقاذ اسرائيل لا يفتقر الي حكومة جديدة، وانما يفتقر الي تغيير المفهوم حيال الاشكاليات القائمة، خاصة الاشكاليات ذات الصلة بالوجود الاسرائيلي في المنطقة، فالسلام كما يقول الامريكيون كلمة تتكون من اربعة أحرف، الي ان الاحزاب الاسرائيلية الكبيرة والمتوسطة من اليمين واليسار يفرون منها، وليست مطروحة من الاساس علي جدول الاعمال.