التقيت الخميس الماضي، مع عدد من كبار الصحفيين مع جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الامريكي لشئون الشرق الادني، كان الحوار مهما وحيويا ومثمرا خاصة مع المهام العديدة التي يتولها الرجل والتي تمتد من افغانستان حتي المغرب، والملفات التي يشرف عليها، سواء الوضع في العراق أو العلاقات مع سوريا ولبنان، وعملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. الرجل يتمتع بخبرات واسعة، ويتحدث بدبلوماسية شديدة إلا ان الملاحظة السياسية التي يمكن الخروج بها من هذا اللقاء ما اطلق عليه دائما »الرسائل الخاطئة التي تصدر عن الادارة الامريكية. وتثير حالة من عدم الوضوح والضبابية، والارباك حول صياغة المواقف الحقيقية لواشنطن والامثلة اكثر من ان تعد أو تحصي، علي سبيل المثال ما يخص صياغة العلاقات مع مصر، فقد اشار في اكثر من موضع إلي انها تمثل النموذج الافضل للشراكة الاستراتيجية بين بلدين وانها حسب وصفه دولة قائدة في المنطقة، وتلعب دورا مهما علي الصعيد الاقليمي والدولي وعلي الجانب الآخر ما سبق يتنافي مع طبيعة البيانات التي تصدرها وزارة الخارجية الامريكية عن اوضاع حقوق الانسان تفتقد فيها الادارة للحد الادني من المعلومات الصحيحة والحقائق التي يمكن ان تتوافر للادارة بالاتصال المباشر عبر القنوات الرسمية .. كما أننا لا نسمع اي انتقاد لاسرائيل فيما يخص انتهاكاتها في حق الفلسطينيين. كل ذلك يتنافي مع مضمون ما قاله جيفري فيلتمان ويناقض تماما ما اشار اليه جيمس بيفر المدير العام للوكالة الامريكية للتنمية الدولية مؤخرا واشار فيه إلي ان فلسفة الرئيس اوباما ترفض تبني مواقف عدائية أو ضغوط علي الاصدقاء وفي مقدمتها مصر فهناك مصالح استراتيجية بين الجانبين والامر لا يقتصر علي الوضع الثنائي بل يمتد إلي القضايا الرئيسية عربيا وآخرها المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. امريكا تملك نوايا طيبة عديدة.. ورغبة في التوصل إلي حل يؤدي إلي قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.. ويبقي السؤال ماذا بعد؟ رسائل خاطئة يستثمرها الطرف الاسرائيلي في تعزيز موقفه ستقوم بالدور الاكبر في إجهاض اي تحرك عربي ضمن البدائل الستة التي تحدث عنها محمود عباس امام قمة سرت الاخيرة. كما ان انعدام اي موقف امريكي تجاه اسرائيل يعني دعوة لاسرائيل للاستمرار.. والعراق ليس بعيدا عن الرسائل الخاطئة.. فالامور في العلن تشير باتجاه صدام بين الادارة الامريكية والايرانية. ولكن الطرفين ومعهما سوريا يدعمون نوري المالكي رئيسا للوزراء بما يتناقض مع كل الافكار الديمقراطية التي تنادي بها واشنطن.