من الناس من تصنعه الظروف.. تخدمه وتقدمه.. وتعمل من اجله.. ومنهم من تعاكسه الظروف وتحبطه وتحد من طموحاته وتقلل من فرصه.. ومنهم فريق ثالث لايرضخ ولايستسلم للظروف المعاكسة ويعتبرها اوجها للتحدي واثبات الذات، وينجح في اقتحام العقبات وتذليل الصعاب التي تقف في سبيله.. أي يروض الظروف ويقهرها ويتغلب عليها.. والظروف قد تخدم انسانا عن طريق وراثة المهنة التي اتخذها ابوه، مثل محام شهير يأخذ ابنه في مهنته.. يعطيه خبراته وصلاته ومكتبه في حياته وبعد مماته، أو ممثل معروف وابنه »أو ابنته« »يشرب منه المهنة« كما يقولون، ويقدمه في الوسط الفني، مما يختصر الطريق علي الإبن أو الابنة، ويجنبه المصاعب التي مر هو بها، أو دبلوماسي يلتحق ابنه »أو ابنته« بالسلك الدبلوماسي، فلا شك ان الابن يستفيد بعلم وخبرات الاب سواء في الاستعداد للامتحانات التأهيلية لدخول السلك، أو بعد دخول السلك اذا نجح في الامتحانات.. هذه وأمثالها كثير من توافر ظروف مواتية للأبناء في حياتهم العملية.. تمهد لهم الطريق وتختصره في نفس الوقت. والظروف قد تكون معاكسة، كأن يكون الابن أو الابنة من اسرة فقيرة، ولدي الابن أو الابنة اكثر من اخ وأخت، ولايكاد الاب والام- لو كانت الام عاملة أن يلبيا الاحتياجات الاساسية للاسرة، فيكتفي الاولاد بالتعليم المتوسط، وقد يتأزم الموقف حين يتوفي الاب وتصبح الام هي العائل الوحيد للاسرة.. في مثل هذه الظروف غير المواتية قد يبرز من بين الابناء ابن له طموح اكبر من إمكانيات الاسرة، فيذهب للعمل في اي حرفة او صنعة، فيشارك بما يحصل عليه من اجر في إعالة الاسرة، وفي نفس الوقت يدرس ويجتهد في الدراسة، حتي يحصل علي مؤهل يمكنه من ممارسة مهنة معينة، وينبغ فيها ويذيع صيته ويكثر عملاؤه.. وربما يدخل انتخابات مجلس الشعب ويفوز بمقعد في المجلس.. وتتغير الصورة تماما.. وكان الحافز علي هذا التفوق هو تحدي الظروف الصعبة التي كانت تمر بها اسرته. وبالنسبة لمن كانت الظروف في مصلحتهم، فقد لاتكون النتيجة بالنسبة للابن »أو الابنة« هي ما ينتظر.. فكثير من ابناء اصحاب المهن لم يتخذوا امهنة آبائهم.. إما لأنهم لم يحبوها أو لم يشعروا انهم مؤهلون لها، واتخذوا طريقا مختلفا عن طريق آبائهم ومروا بتجارب اخري.. فالظروف غير المواتية ليست دائما مضمونة النتائج أو العواقب، والظروف غير المواتية ليست دائما في غير مصلحة الابناء،، بل منهم من تحداها وانتصر عليها وصار نجما بازغا في المجتمع. والعبرة تكمن في شخصية الابن »أو البنت« إما أنه جاد ويأخذ الأمور كلها مأخذ الجد، سواء كانت الظروف ملائمة أو غير ملائمة، وإما أنه غير جاد ولا طموح لديه، ولا يرغب في بذل الجهد الكافي ليشق طريقه في الحياة معتمدا علي سواعدة، وفي هذه الحالة فلن تسعفه إمكانيات الوالد- ان وجدت- ولا الظروف المساعدة الأخري، وان ساعدته في مرحلة ما، فلن تكون حاضرة بعد ذلك، وسوف يواجه الحياة وهو غير مؤهل للاستمرار، دع عنك التفوق أو النبوغ..