مصر قادرة علي القضاء علي الفقر... وما أشبه اليوم بالأمس... تذكرت مقالات عديدة كتبتها في مواجهة نظم وسياسات فاسدة من أجل تمكين الفقراء ومحاربة الفساد . وقد أكدت من قبل مرات عديدة عن إمكانية القضاء علي الفقر لو وضعنا السياسات الصحيحة والأهداف الدقيقة والبرامج والمشروعات المتكاملة واللازمة للوصول إلي كل الفقراء في كل محافظات مصر . ويشغلني ويشغل كل المصريين التباين والازدواجية بين ما يقال وما يوضع وما هو يحدث علي أرض الواقع... مظاهر الازدواجية كثيرة في بلدنا ومنها قضايا الفقر ومنها أيضا موضوعات الفساد . فهل قضينا علي الفقر رغم كل ما قامت به الحكومات السابقة ؟ الحقيقة تقول لا... وبعض سكان الأبراج العاجية يحاولون فلسفة أسباب عدم القدرة في تخفيض وطأة الفقر وحلم القضاء عليه بحجج واهية . والموضوع الآخر الذي يتم التعامل معه بازدواجية كبيرة بل هي "فاجرة" هو موضوع الفساد . وقد أسعدني أن ملف مواجهة الفساد أصبح علي أجندة الحكومة ولكنه في كثير من الأحيان يثار فقط علي مستوي صغار الموظفين ما يسمي بالفساد الإداري بينما يمارس كبارهم الحديث عن الفساد !! وعلاقة الفساد بالفقر والفقر بالفساد علاقة جذرية وكذا علاقة المال بالسياسة والدين بالسياسة والفساد أما في التربح غير الشريف أو غير العادل أو استغلال للوظيفة للحصول علي مميزات مادية أو عينية أو لكسب غير مشروع أو لوضع سياسات غير عادلة تفضل البعض عن المجموع أو لمساعدة ومساندة البعض في التربح بصورة لا تتاح إلي آخرين بمقابل مادي أو عيني أو دون مقابل... وقد تفحل وتوحش الفساد حاليا لمساعدة البعض في الإثراء الفهلوي وأصبح البعض نتيجة سياسات " للخاصة " يحصلون علي مليارات من ثروة هذا الشعب وتأثرت بحدة ميزانية الأسرة الشهرية ومن بنودها الرئيسية سواء طعاما أو سكنا أو علاجا أو اتصالات أو انتقالا... الخ. المقابل يعرفه بدقة من قام بتسهيل وتقنين ومساعدة وتسييس هؤلاء المنتفعين - أو من يقوم بذلك الآن - فازداد الفقر وقنن الفساد وسيطر رأس المال علي مسار العديد من القرارات والتوجهات والأقلام والمؤسسات . إذا كان الفقر هو عدو مصر الأول فإن الفساد هو العدو "الأول مكرر" . وأول ما يتسبب في الفقر هم الفاسدون في المجتمع . والفاسدون الكبار يضيعون المليارات في قرارات إما غير حكيمة أو غير مدروسة أو لمصلحة البعض منهم في شركات أو مؤسسات لهم أو لذويهم وقد رأينا أمثلة لهؤلاء الفاسدين في مصر خلال نصف قرن . وبالمثل هناك الشرفاء والذين يقف لهم المجتمع احتراما في الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وهم أيضا معروفون... مطلوب أن نقف ضد الفقر وان نقف ضد الفساد وبكل أنواعه للكبار والصغار وليس الصغار فقط... لقد عشنا أخطاء ساهمت في فقر وافتقار هذا المجتمع بدلا من القضاء عليه وترسيخ العدالة الاجتماعية والتكافؤ الاجتماعي... نعم هناك نجاحات تحدث الآن علينا أن نعتز بها ونساندها في انطلاقة لسوق حر وبناء مصر العصرية... ولكن علينا أن نتأكد أن فوائد وعوائد ومبادئ السوق الحر هي لكل المصريين وليس للبعض علي حساب المجموع... والتساؤل هنا من الذي سينتصر هل هو الحق أم الفساد ؟ قواعد الحياة هو انه لا يصح إلا الصحيح... فهل سيتم القضاء علي الفقر ؟ وهل سنري العدالة في محاربة الفساد بكل أشكاله... وعلينا الحذر من التجاوز في نشر الكراهية والانقسام في المجتمع وبدء مسلسل لمحاكم التفتيش أو سيناريو لفيلم د/ زيفاجو... نشر الكراهية والتمادي في المحاكمات احدي السياسات الشيطانية والتدميرية لشغل المجتمع عن قضايا التنمية وشماعة سيزداد بها الفقر والفقراء والفساد والفاسدين... حديث الفقر والفقراء أصبح علي أجندة المجتمع والمطلوب إلا يكون ذلك ابتزازا أو انتهازا للبعض لغرض أو لمزيد من المشروعات الوهمية أو لمزيد من الشعارات للبعض الآخر... مواجهه الفقر هو بالمعلومات والفكر وبترشيد وتعظيم استخدام الموارد لإيجاد فرص عمل ومسكن وعلاج وتعليم ووسيلة مواصلات وطريق آمن وخدمات أساسية بسعر معقول... وأتساءل كيف يعيش من لديه دخل لا يزيد عن مائتي جنية وثلاثمائة جنية وأربعمائة جنيه وهكذا سواء من الفقراء المعدمين أو من الطبقة المتوسطة للمجتمع ؟... الفقر والفساد وجهان لعملة واحدة للتخلف.. والتمكين والشفافية عملة أخري للتقدم... فأيهما نختار ؟