أسوأ ما في الحكاية ليس ضياع الرحلة الي فرنسا، وليس الضغط علي أوجاع الآخرين (رغم قسوته)، ولكن عقلية المسئولين المحدودة، طريقة تفكيرهم، وضيق أفقهم، ومشاعرهم الغليظة.. ففي الرحلة المنظمة سنويا الي فرنسا، والتي تقيمها جريدة "الجمهورية "، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، لأوائل الثانوية العامة علي مستوي الجمهورية، رفض القائمون علي تنظيم الرحلة، سفر الطالب أحمد عبد المنعم الحاصل علي 99.5٪ (أول الجمهورية للمكفوفين) بحجة أن إعاقته تحول وسفره.. في البداية أخطر الطالب بالسفر (وعاش فرحة الحلم بالسفر الي فرنسا، وفرحة الاحساس بالتقدير) ثم تم الاعتذار له بسبب الاعاقة، خاصة أن سفره يحتاج الي مرافق، وهو ما يضاعف التكاليف..!! الغريب أن السفر هو مكافأة الاجتهاد والتفوق والارادة للطلاب المتفوقين علي مستوي الجمهورية، كيف تجاهل القائمون علي الأمر، أن نجاح أحمد عبد المنعم هو نجاح مضاعف، وأكثر مدعاة للتقدير من بقية أقرانه المتفوقين، مرة بتفوقه واجتهاده العلمي، ومرة بتحدي اعاقته، إن جزءا من نبوغه وتفوقه المبهر، الذي يستحق عليه التكريم والتقدير، هو تحدي إعاقته وانتصاره عليها، صورة أخري من طه حسين الذي أرسلته الجامعة المصرية الي فرنسا، للحصول علي الدكتوراة من جامعة السوربون ، لكن يبدو أن القائمين علي رحلة المتفوقين لا يقرأون التاريخ، ولا يدركون معني النجاح وقيمته، وفوق ذلك لا يملكون الاحساس والمشاعر الانسانية، لم يدركوا معني العدل، ولم يعرفوا معني الرحمة.