مها عبدالفتاح يا بعض امهر و أعز أبناء هذه الدار الصحفية ، لتوالوا الحفاظ علي روح الانتماء فهو سر دارنا و تماسكها ومفتاح نجاحها ... حرصت دوما علي التحلي بالبشاشة مع كل لقاء لنا في هذه المحطة الاخيرة التي نسميها باليوميات، انما ماذا أفعل والحبور مع البشاشة عاصيان مغادران وانفلتا مني، طارا وهربا، تركاني مع هذا الهم العام بعدما تداخل مؤخرا مع ما هو خاص فما عاد يوحيان بغير الوجوم والكآبة .. ورغم الشهر الفضيل وطقوس الترفيه تتزاحم بنحو أخذ ينفر مثل كل معروض و(مرطرط ) تقل الرغبة فيه .. ثم ماذا يفعل الترفيه الذي نكاد نعافه مع تلال الهموم والتوجسات التي يوحي بها حاضر غير مأمون ويتربص بهوية بلاد عرفت علي تاريخها بالانفتاح علي الدنيا بموقعها هذا العبقري الفريد... باختصار كده المزاج اقل ما يقال فيه انه "مش ولابد" ولكنا سنقاوم ... عن روح الأسرة في دارنا و الانتماء هذه الفقرة قد تبدو منفصلة عن سابقتها و لكنها استطراد لها، رغم أنها تنتقل لذكر دارنا في اخبار اليوم المؤسسة - الصرح ، التي يوجد حاليا من يعد لغزوها من حارجها وكأنما يعز عليهم شهود نماذج نجاح ماثل وبوادر استقلالية مسؤولة تتمثل في اكبر مؤسستين صحفيتين متجاورتين - الاهرام والاخبار - ما بين شارعي الصحافة و الجلاء ... فهل الاستقرار والنجاح يثيران الضيق والغيظ لهذا الحد ام تري هو الغرض ؟! هذا الصرح المسمي بدار اخبار اليوم ليس مجرد صحيفتين واسعتي الانتشار وعدة مجلات و اصدارات بل فوق ذلك هي دارنا وما زالت تحتفظ بعناصر البيوتات ، فبقيت أسرة بارك الله فيها عددا و عدة ، ومدرسة مهنية و مصرية صميمة أراها أقرب ما تكون بشجرة مثمرة تفرعت وامتدت وصارت وارفة ظليلة بجذور ضاربة في عمق الارض ... أحسب ان أعز وارقي وما أبقي هذه الشجرة الظليلة تضم كل هذه الأسرة الكبيرة هي " روح الانتماء " تبدأ من دارنا ثم تمتد الي سائر الدور الصحفية من أخوة المهنة .. من دون الانتماء الاول للأسرة لا يمتد انتماء لوطن ولا لأي كيان ... لذا اطلاق تعريف الدار علي هذا الصرح الصحفي لأخبار اليوم لم يأت من فراغ .. كل من تناوبوا علي الدار من أبنائها بذلوا جهدهم ليحافظوا علي هذه الروح لكي تبقي الدار التي أرساها أبواها المؤسسان مصطفي وعلي أمين رحمهما الله ... كل أبنائها حموها علي مر الحقب ممن حاولوا اختراقها بهدف التفكيك او النيل من نجاحها وضرب هذا الصرح الشامخ فلم يتحقق لهم ما أرادوا .. الآن تتكرر المحاولة و لم يتعظوا بتجارب سائر الغربان والحدادي التي حاولت علي مر السنين ثم .. طارت ! قلنا ثورة يناير اطاحت بفكر الجمود وحان التحرر للصحافة القومية لتكون لائقة بالعهد الجديد، فاذا بما يسمونه بالرعيل الجديد في مجلس الشوري - نتاج الثورة او المفترض أن يكون - يتبين أنه الاكثر جمودا والاشد ركاكة في التعامل مع الصحافة والصحفيين .. الله معكم ونحن ايضا يا من تقودون قافلة النجاح الآن، فأنتم بعض امهر وأعز أبناء هذه الدار الصحفية .. ولتوالوا الحفاظ علي - روح الأسرة - فهذا هو سر هذه الدار وتماسكها ومفتاح نجاحها . رمضان والطعام والقوام والقلق : بمناسبة شهر الصيام فالفضفضة اليوم ألوان، وننتقل الآن الي لون آخر من فضفضة واقعية و خجلي لانها تعرض للطعام والاستطعام بما طاب وحلي، وعن الشهية و زيادة الوزن وتوابعهم، يعني باختصار عن ذلك النكد الازلي الذي يصاحب تقريبا نصف البشرية ...أما النصف الباقي فالربع عبارة عن المحظوظين الذين وهبتهم طبيعتهم تلك الصيغة المثلي بين ما يأكلون وما يهدمون .. فحققوا المعادلة الصعبة : طعام وقوام .. فأما الربع الاخير من البشرية فمن فئة لا تجد الطعام الا بالكاد وبعضها لا يجده أساسا ..قسمة ونصيب ! القسمة والنصيب بين الشعوب لا يفرق عنه في الافراد، فهذا يأكل كثيرا ولا يظهر عليه ولا يبان بقدر ما يأكله أو ( يهفه) في كل وجبة ، من يقول اشمعني و ليه بس يا ربي من دون الناس أنا يزداد وزني..مثلا من أشهر الشعوب الأكلولة التي عرفتها الامريكيون و الفرنسيون انما شتان ... فلا يحسد الفرنسيون علي نعمة الطعام والاستطعام مثل الامريكيين لأن ثلث الشعب الامريكي تقريبا في عداد أشجار الجميز ويعرفون " بالاوبيز " obese أي ذوي السمنة المفرطة التي تهدد الصحة وتقصف العمر . بينما الفرنسيون وخصوصا النساء منهم معظمهم في خفة ورشاقة الغزلان، نحافة ورهافة وصحة وعافية رغم أطايب الطعام والشراب ودسم " الفواجرا " أو كبد الاوز الذي يتخيل الامريكي انه سيقع صريعا فيما لو تعاطاه ! يقال انها مسألة جينات و تكوين اجسام و قال ايضا أن السر في النبيذ الاحمر الذي تعوم فيه أمعاء الفرنسيين فهذا هو الذي يسيح الدهون و الشحوم و يحفظ الشرايين من سم الكولسترول .. تتعدد الفتاوي الصحية .انما ما يرد في المجلات العلمية و المتخصصة هو الذي يستوقفني و يدفعني اليوم الي عرض هذا الموضوع ... أحدث رأي علمي يتلخص في أن المسألة وما فيها تكمن في الحالة الذهنية للفرد ... يعني ايه ؟ سأرد لكم ما كتبه بالنص صاحب هذا الرأي العلمي و اسمه بروفسور د. بول روزن أستاذ في تخصص جديد يعرف بسيكولوجي الطعام بجامعة بنسلفانيا ويقول : ان الذي ينظر الي التل البيض الرابض علي قمة كأس الآيس كريم المطعم بالموز والشوكولا والنقل فينظر اليه بشبق فما يكاد يهم به الا و ...يداهمه قلق ممزوج بندم وكأنه علي وشك ارتكاب خطية أو معصية .. فمثل هذا الشخص مصيره التنغيص علي ذاته بلا طائل، فهو قد قرر التهامها وانتهي الامر اذن لتستمع بلا نكد ... غيره سينظر الي مثل تلك الكأس بنهم و شغف و لهفة ويلتهم الأيس كريم و هو سعيد مبتهج .. والفكرة المغروسة المعممة بأن أطايب الطعام سموم أو علي أحسن الفروض حشو مصران أو junk مضارها أكثر من فوائدها، وترتب علي ذلك أن مواسم أطايب الطعام لدي الشعوب أصبحت مغموسة بمشاعر الندم و الاكل اصبح مقرونا بالهم و توقع البلا ... فلا هم بقادرين علي معافاة الطعام و لا التمتع به و بالهنا ! نظرية بروفسور روزن هذه ومساعديه قاموا باستطلاعات رأي وأبحاث شملت أكثر من الف شخص من شرائح مختلفة ما بين فرنسا وأمريكا وطالت استطلاعاتهم البلجيك واليابانيين .. سأل الباحثون اناسا تقف علي محطات المترو و في المطارات و في الشوارع والمحال العامة فوجدوا أن نسبة من الفرنسيين لا تزيد عن 4٪ فقط هي التي تقرن الطعام بحسبة السعرات و علاقتها بالكولسترول و الشحم و أمراض القلب وزيادة الوزن و و الخ .. انما الطعام عند ال96٪ من الفرنسيين مرتبط بمتعة الاكل والشراب و لا يدخلون في حساباتهم الهم والغم ولا الامراض والمضاعفات بل المثل السائد كلوا جيدا تصحوا ! أما البحث والاستقصاء عند الامريكيين ونسائهم علي وجه الخصوص فتجد المسألة دخلت في طرقات اخري من الوزن والقوام والرشاقة المفقودة واتساع الثياب التي دخلت في مقاس 18 وعشرين وما فوق ، ثم كيف تتحول اصناف الطعام الي سعرات وكم من الجرامات والقلق والتردد ثم بعد هذا كله تجد الواحدة منهن تلتهم صحنا في حجم طبق الغرف الذي يعرف " بالسرفيس " الذي يقدم علي المائدة للأسرة كلها .. أما البلجيك و اليابانيون فقد وجدتهم في منتصف المسافة ما بين استمتاع الفرنسيين والشهية المفتوحة عن آخرها عند الأمريكيين و المصحوبة بالهم والندم والذي منه .. وبناء عليه يقرر بروفسور روزن أنه عندما يصبح أحد وجهات الحياة الاساسية مدعاة للتنغيص ومصدرا للقلق بدلا من أن يكون مصدرا ممتعا ونعمة من النعم ، فمن هنا يأتي الاثر المسيء للقلب بل وعلي اجهزة المناعة وهذا هو الاخطر ! باختصار تنتهي الدراسة علي التدليل بأن الحد من القلق الزائد سواء حول الطعام ونوعياته وكمياته هو الاصح وعندما يتخذ المرء قرارا بان يأكل شيئا يحبه او يرغبه فليقدم و لا يتردد باقبال وشهية ولينسي القلق والتردد والشعور بالذنب ..فالقناعة العقلية في رأيه تهزم المرض وتساعد علي موفور الصحة و .. العهدة علي بروفسور روزن . ولا تخلو هذه الدراسة من جوانب طريفة عن الفارق في المعدة بين الفرنسيين و الامريكيين .. فالاستطلاعات تناولت بضع عشرة سؤالا مثل : لو وجدت كبسولة واحدة تتناولها يوميا وتفي بكل الغذاء الضروري المطلوب للجسم فلا تضيف و لا جراما الي وزنك، فهل تقبل ان تستعيض بها عن الطعام ؟ وجدوا ان 40٪ من الامريكيين الذين تناولهم الاستطلاع قالوا نعم .. بينما نسبة الفرنسيين 4٪ فقط، و توصلوا ايضا الي أن المفارقة الفرنسية أي المعادلة الصعبة التي حققوها بين الطعام الفرنسي الدسم اللذيذ و الصحة العامة واللياقة انما يعود الي ان الفرنسيين يتعاطون سعرات اقل في طعامهم من الامريكيين ! باختصار تنحصر رسالة روزن الي الناس : كلوا واستمتعوا بما تأكلون فهذا قد يكون افيد من ان تأكلوا الطعام مع الشعور بالذنب والهم والقلق الخ. لماذا يزداد وزن هذا ولا يزداد ذاك ؟ تتخرج علينا كل يوم نظريات في التخسيس و اللياقة البدنية والرشاقة، انما ثبت ان لا مفعول أكيدا لإنقاص الوزن غير ان تأكل اقل وتتحرك أكثر ... انما هذا ما لا يريد أن يسمعه معظم الناس فهم يريدون أن يتناولوا أي كميات من طعام وشراب، ثم حبة يبلعونها تؤدي المطلوب بلا زيادة ولا نقصان فلا رياضة ولا حركة بل الحباية تؤدي كل المطلوب ! من هنا ظهرت صناعات ومنتجات وعقاقير تبيع الوهم و ربما المرض ايضا .. فلا يوجد بلد في العالم به صناعة واستثمارات في شيء اسمه التخسيس كما في حجم ما بأمريكا .. صحيح هم يقودون العلم و العالم في مجالات كثيرة انما من بينها مجال انقاص الوزن والتخسيس ! فهذا هو الشعب الرائد في هذا المجال وهو بيزنس بالمليارات في حدود ما لا يقل عن 15 مليارا يعني 15 الف مليون دولار (احسبها بالمصري تبقي كام ) و تستثمر كلها في مجال التخسيس ! أذكر عندما كنت في الولايات في حقبة التسعينيات أن حل يوم اسود علي ذلك المجال الاستثماري المهول .. فذات يوم من عام 1997 خرج نذير من جميع شبكات التليفزيون من عقار اسمه " فان فان " مع اعلان متكرر بسحبه من الاسواق ! وذكرت الانباء خطورته المباشرة علي صمامات القلب التي يجعلها تهتريء، فحدث ذعر بين النساء بالخصوص وفي الحال قب علي السطح محاميو التعويضات وبعد أن كانت الاعلانات في كل مكان تدعو أصحاب الوزن الزائد تقول اليكم فان فان العقار المعجرة ، اذا بالعقار المعجزة ينقلب ما بين يوم و ليلة الي اعلان آخر يقول اذا كنت تتناول فان فان فيحق لك التعويض ولو للقلق الذي تتعرض له نتيجة احتمال اصابتك بالاضرار ! انما لماذا يسمن شخص ما ؟! الاجابة العلمية تتلخص في اسباب ثلاثة: (1) التهام كميات كبيرة من الطعام (2) تركيز الدهون في الطعام وتنوع السكريات خصوصا في المشروبات الغازية (3) افتقاد الحركة الرياضية اي المنتظمة المتكررة .. أما مسألة أن اناسا تؤكد وتقول انها لا تأكل بأكثر من هؤلاء الذي لا يبدو عليهم تأثير الطعام ؟ يقول لهم خبراء التغذية ان هذا يبدو حقيقيا من السطح، انما الفارق لا يأتي من الكمية وانما من النوعية المختلفة بمعني أن اثنين يجلسان معا لتناول الغداء، احدهما يتناول ربع فرخة مع الارز ، والآخر يتناول هامبرجر مع بطاطس محمرة.. فارق كبير في السعرات .و مع مرور الوقت تفرق في الوزن ! أما من حيث الحركة فهنا مربط الفرس .. فارق وأي فارق بين من يأكل ويجلس او ربما يتمدد وينام، وبين من يأكل ويتحرك او يصعد السلالم أو يأتي بأي مجهود و لو بسيطا.. فالحركة ليست مجرد بركة وانما قد تفرق بين قوام وقوام ! فالجسم الانساني قد بني علي تخزين الشحوم بلا نهاية و هو ما يحدث عند تعاطي دهون ولا تعقبها حركة ..هنا يحمل الجسم عدة كيلوجرامات خلال بضع سنوات كان الاحري أن يفقدها لو حرص مثلا علي روتين من الصعود والهبوط علي قدميه ! لذا يقال طولك يعود لوالديك فهذي مسألة جينات أما وزنك فهو يرجع اليك ... كل رمضان و أنتم بخير صوموا وافطروا هنيئا مريئا ما طاب لكم و لا تقلقوا وهذا بتصريح ليس مني بل من خبراء عالميين !