عدت قبل يومين من رحلة عمل ممتعة إلي بلد افريقي واعد وجميل هو تنزانيا، احدي دول منابع نهر النيل. ادهشني هناك حالة الحفاوة والاكبار التي لقيتها من مواطني هذا البلد الصديق ومسئوليه سواء بسواء لدرجة تهنئتهم المخلصة لي علي تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة مصر وتعجبت من متابعتهم القريبة جدا لمعظم التطورات السياسية والحراك الشعبي هنا وشعرت انهم ينتظرون عودة استقرار مصر لتعود إليهم كدولة صديقة تمد يد العون إلي كل دول افريقيا تماما كما كان يحدث في عهد الرئيس جمال عبدالناصر الذي يعرفه الكبار والصغار هناك كأحد العلامات الكبري في القارة مع زعيمهم العظيم جوليوس نيريري. فقد قاد ناصر ونيريري ونكروما ولومومبا ونهرو وسوكارنو وتيتو وشوين لاي حركة عدم الانحياز التي برزت كقوة عالمية ثالثة في مواجهة الكتلتين الاعظم في العالم، ولكن كان يؤلمني تساؤل كثير من التنزانيين لي أين أنتم؟ ولماذا توفقتم عن مساعدتنا وتركتمونا نواجه هذا التنافس الشرس من الدول الكبري التي تتصارع للاستئثار بمواردنا الطبيعية! وفهمت معني هذا السؤال من سفيرنا المصري المبهر بنشاطه وذكائه حسام الدين محرم عندما اوضح لي ان مساعدتنا لكل الدول الافريقية كانت تتم »لوجه الله« وبدون اطماع أو أغراض، وقد شعر الافارقة بذلك وتعلقوا بمصر واحبوها وساندوها في كل مواقفها السياسية وفي المحافل الدولية بعد ذلك كدولة رائدة وشقيقة كبري.. وحزنت وأنا اراجع أسباب انحسار المد المصري في افريقيا، والفرص الرائعة التي ضاعت لدعم وحدتنا مع هذه القارة الأكثر ثراء بمواردها الطبيعية ورغم ذلك يعاني ابناؤها من ذل الفقر والجهل والحاجة. ولكن الأمل موجود.. فمصر الان غيرها بالأمس.. ومن الواجب ان ننفض تلك الافكار القديمة لتنظر مصر الي محيطها الحيوي وتتفاعل معه.. في تنزانيا مثلا يحبوننا ويثقون فينا ولدينا هناك فرصا واعدة وكبيرة.. وبدأ السفير حسام محرم يرتق ما انقطع بمهارة ليقيم جسور الوصل بين كل من يرغب من المصريين في التعاون.. فقد رأيت بنفسي حماسه وهو يرتب لي لقاء مع وزير الخارجية التنزاني ويصحبني إليه.. ثم وهو يرتب للصديق خالد عبدالعزيز نائب رئيس غرفة الطباعة لقاء مع رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية التنزاني ويصحبه اليه لترتيب تنظيم معرض تكنوبرنت المصري هناك.. وشاركت بنفسي السفير في لقاء مهندسين مصريين اختارتهم الحكومة التنزانية لانشاء قرية ذكية في دار السلام علي غرار القرية الذكية المصرية.. كما رأيت سعادته وهو يجري اتصالات بوزارة الري لترتيب قيام مصر بحفر 07 بئرا ارتوازيا في المناطق القاحلة هناك لمساعدة المواطنين ومتابعة قيام شركة مصرية بالبحث عن البترول والغاز في المياه أمام ساحل تنزانيا ويتابع استخدامات جهاز اشعة مصري حديث قيمته 2 مليون جنيه اهدته مصر الي مستشفي الشرطة التنزاني وينظم لهدية اخري من الشعب المصري لانارة قريتين وتوفير احتياجاتهما من الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية وغير ذلك مشروعات يضيق المكان بذكرها.. اما الذي ابهرني حقا فهو استمرار نشاط المركز الاسلامي المصري في دار السلام وهو الاكبر في افريقيا ويضم 11 من علماء الدين المصريين ويقوم بتعليم 0041 طالب تنزاني يبدأون فيه من سن الحضانة وحتي الحصول علي الثانوية الأزهرية تستضيف جامعة الأزهر المتفوقين منهم للحصول علي الشهادات في الشريعة وعلوم القرآن مجانا في القاهرة. إنها افريقيا.. قارتنا وبوابتنا الي النهضة بمواردها واسواقها وهي الأمان لنيلنا والقوة لاقتصادنا. نريد أن نعود لافريقيا.. ونريد أن تعود افريقيا لنا.