إبراهيم سعده رحبّنا بما قاله الرئيس محمد مرسي في ميدان التحرير عن "تأييده للدولة المدنية" وهو ما يقلل مخاوفنا من قيام الدولة الدينية التي ترفضها قطاعات عريضة من المصريين. الزميل والصديق جلال عارف كتب أمس في عموده الشائق ب "الأخبار" مرحباً بما قاله الرئيس مرسي، ثم أضاف قائلاً: " هذا تطور مهم ننتظر أن نري كيف سيتم تفعيله في الدستور الجديد، وكيف يتحول إلي سياسات واقعية تبني الدولة علي أساس المواطنة الكاملة، والمساواة بين كل المصريين .. دون تفرقة أو تمييز". تصريح الرئيس المنتخب عن الدولة المدنية الديمقراطية يعني أنه لن يضع قيوداً علي قيام الأحزاب السياسية من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار ولن يبتكر شروطاً وحدوداً للحريات الفكرية والإبداعية والعقائدية والاجتماعية.. العامة منها، والخاصة. وانتظاراً لتحقيق ذلك استبق الحزب القديم جداً في سريته، والحديث جداً في علانيته "الحزب الشيوعي المصري" الأحداث وأصدر بياناً مفتوحاً تضمن توجيه ثلاثة أسئلة إلي الرئيس محمد مرسي أعدت نشر أولها في مقال أمس و فيما يلي السؤال الثاني ثم الثالث والأخير: [هل سينحاز الرئيس الجديد، وجماعته، الي القوي المدنية والديمقراطية في تشكيل جمعية تأسيسية تضم كل فئات واطياف المجتمع المصري لوضع دستور جديد للبلاد يؤكد علي مدنية الدولة والمواطنة والحريات والحقوق الشخصية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية و حقوق المرأة وعدم التمييز،، أم أنه سيستمر في نفس توجه حزبه وجماعته الذي سارت عليه منذ بداية الثورة في اعطاء الاولوية للتحالف مع باقي فصائل التيار الاسلامي لتكريس الدولة الدينية تحت شعار تطبيق الشريعة الاسلامية حسب تفسيرهم الرجعي والظلامي الذي يعادي حرية الفكر والتعبير والابداع والتنظيم والبحث العلمي؟]. .. و [هل سيحترم الرئيس الجديد، وجماعته، الشرعية الدستورية وسيادة القانون ويكفون عن اللعب علي الحبال بين "الشرعية الدستورية" و"الشرعية الثورية" حسب مصلحتهم أم انهم سيستمرون في سياسة المراوغة وعدم احترام العهود والاتفاقات التي أكدتها كل ممارستهم السابقة ؟]. الأسئلة الثلاثة لم يوجهها الحزب الشيوعي المصري إلي الرئيس مرسي وحده، وإنما إلي "جماعته" معه، رغم أن الرئيس أكد أكثر من مرة أنه ابتعد عن جماعة الاخوان ومرشدها العام لأنه سيمارس سلطاته بصفته رئيساً لكل المصريين وليس لفصيل واحد منهم (..). نفس الأسئلة حرص الحزب الشيوعي علي طرحها علي : "القوي الديمقراطية واليسارية والليبرالية والتجمعات الشبابية التي تؤكد الشواهد انها تواجه أزمة تنذر بمزيد من التشتت والانقسام ، بل وتراجع قسم منها عن التمسك بما سمي ب "البديل الثالث" في مواجهة العسكر والاخوان مقابل وعود من الرئيس الجديد.. لا تستند كما جاء في البيان الي اي اساس أو تحليل موضوعي" (..). ومن الواضح أن الحزب الشيوعي المصري لم يغير رأيه في "الجماعة" بالأمس، و اليوم، و ربما غداً أيضاً. فالبيان يذكرنا بمواقف الجماعة التاريخية، وانحيازاتها السياسية والاجتماعية، التي عودتنا علي الاستقواء بالقوي المدنية والرموز الثورية، في فترات أزماتها، والتخلي عنها فور اجتياز هذه الازمة". وينتقل البيان إلي "تحذير هذه القوي الديمقراطية الليبرالية والتجمعات الشبابية من المنعطف الخطير في مسار الثورة، مطالباً في الوقت نفسه بسرعة تصحيحه، واستعادة زمام المبادرة الذي فقدته القوي الثورية من جديد". إن استعادة زمام المبادرة يتوقف كما جاء في بيان الحزب الشيوعي علي تحقيق عدد من الخطوات الاساسية منها : "النضال ضد كل الاجراءات في الاعلان الدستوري المكمل التي تكرس استحواذ المجلس العسكري علي صلاحيات استثنائية تجعل منه سلطة فوق هيئات الدولة". "التأكيد علي ضرورة احترام حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، والعمل مع القوي الديمقراطية والمدنية علي إبطال الجمعية التأسيسية الثانية التي تحمل نفس العوار الذي شاب الجمعية الاولي ، والسعي مع القوي المدنية لتشكيل جمعية تأسيسية تعبر بشكل موضوعي وحقيقي عن فئات المجتمع المصري ولا تقوم علي اساس طائفي". "تشكيل جبهة او تيار سياسي واسع في مواجهة خطر تغول حكم العسكر، وخطر هيمنة المتاجرين بالدين، علي مؤسسات الدولة، والانطلاق في بناء هذا التيار مما تحقق من نتائج ايجابية في نتائج الجولة الاولي مع ضرورة الاتفاق علي ضم القوي والحركات والجماعات التي لها مواقف واضحة وعدم استبعاد احد منها ، والاهم هو ضرورة وضع إطار سياسي وتنظيمي لهذه الكتلة والتوافق علي شكل قيادي لها لخوض المعارك الكبيرة القادمة: معركة الدستور الانتخابات البرلمانية المطالب العاجلة للعدالة الاجتماعية تطهير المؤسسات من الفاسدين". كان هذا أهم ما جاء في البيان الأخير للحزب الشيوعي المصري الذي تضمن العديد من الأسئلة المطروحة علي رئيس الجمهورية، من جهة، وعلي القوي السياسية الديمقراطية الليبرالية والتجمعات الشبابية من جهة أخري. البيان صدر، ونشر، في الأسبوع الماضي. ولا أعرف حتي لحظة كتابة هذه السطور هل تلقي الحزب رداً علي أسئلته واقتراحاته أم لا؟!