محمد الشافعى عندما ضاقت مكة بدعوة الإسلام.. وضاقت علي المسلمين.. قرر الرسول عليه الصلاة والسلام- بتوجيه إلهي- الهجرة من مكة إلي المدينة.. ورغم خروج كل المسلمين إلا ان المشركين قرروا قتل النبي لتموت دعوته.. ولكن الرسول أعد خطة محكمة أهم عناصرها اختيار قائد الرحلة »الدليل«.. وكان يدعي »عبدالله بن أريقط«.. وكان رجلا مشركا.. ولكنه كان الأعلم بالطرق والدروب غير المطروقة والتي تضمن السلامة والأمن للنبي ومعه أبوبكر الصديق في رحلة الهجرة.. ويضعنا هذا الموقف أمام العديد من الأفكار أهمها: أولا: تعد رحلة الهجرة أهم وأخطر مراحل الدعوة الإسلامية.. مما يجعل فشلها تهديدا خطيرا للدعوة ولمستقبلها. ثانياً: لم تتوقف أهمية الهجرة عند تأمين الدعوة نفسها.. ولكنها كانت تأمينا لصاحب الدعوة النبي عليه السلام.. والذي لم يكن قد استكمل أركان دعوته بعد. ثالثا: رحلة الهجرة هي البوابة الملكية التي خرجت منها الامبراطورية الإسلامية.. لتشع علي العالم كله بالعدل والعلم. رابعاً: رغم كل هذه الأهمية لرحلة الهجرة.. والتي كانت تحمل بين طياتها.. تهديدا للدعوة ولصاحب الدعوة.. إلا ان النبي قد اختار مشركا لقيادة الرحلة بما يعني انه قدم معيار الكفاءة علي معيار الإيمان.. فقد كان من بين المسلمين في مكة من يستطيع قيادة الرحلة.. ولكنه لن يكون في كفاءة المشرك عبدالله بن أريقط.. ولذلك اختار الرسول الأكفأ.. ليضمن نجاح الرحلة -والأهم ليضمن سلامته الشخصية- واستمرار دعوته. خامساً: رغم هذا الدليل القاطع والحاسم علي حتمية اختيار »الأكفأ« في قيادة أمور الدنيا.. إلا أن كل تيارات الإسلام السياسي مصممة علي تجاهل هذا التوجه النبوي.. ومصممة علي وضع معايير التقوي والإيمان- أو الرغبة في تطبيق الشريعة الإسلامية- كمبادئ أساسية لمرشحي رئاسة الجمهورية.. رأينا ذلك مع قطاعات كبيرة من السلفيين الذين وقفوا خلف حازم أبوإسماعيل.. وانتهي الأمر بهم إلي تهديد حقيقي بحرق الوطن كله.. ورأينا ذلك مع الإخوان المسلمين في دعم مرشحهم.. سواء »الأساسي« أو »الاحتياطي«.. ومثل هذه المعايير تصلح في اختيار إمام لمسجد- أو محفظ للقرآن في احد الكتاتيب.. أما سياسة أمور الدولة.. فتحتاج إلي مواصفات ومؤهلات أخري.. يمكن تلخيصها في كلمة »الكفاءة«.. ورغم أن كل مرشحي الرئاسة الثلاثة عشرة.. كانوا أقل من قيمة وقامة مصر.. وأقل من طموحات الشعب المصري.. إلا أن هذا هو المتاح وعلينا ان نختار من هذا المتاح.. وعند الاختيار بحيادية وتجرد.. وجدنا ان مرشحي تيار الاسلام السياسي هم الأقل كفاءة.. والأقل قدرة علي قيادة مصر في المرحلة الراهنة.. وذلك لأن زاوية الرؤية لديهم شديدة التحديب والضيق.. حيث ينظرون فقط إلي تيارهم.. ولا يمتلكون نظرة تحتضن كل أطياف وفصائل الوطن.. ومن هذا المنطلق علينا ان نختار الاكفأ من بين كلا المرشحين أحمد شفيق أو مرسي في جولة الإعادة .. وذلك انقاذا للوطن من التفتت والتشظي.. وايضا احياءً لسنة النبي عليه الصلاة والسلام.