الأربعاء: تابعت باهتمام بالغ المظاهرات والاحتجاجات الغاضبة في محافظة قنا، اعتراضا علي تعيين اللواء عماد ميخائيل في منصب المحافظ، والتي تطورت من مجرد إبداء الرأي المعارض، إلي قطع الطرق البرية لعدة أيام، وتعطيل حركة السكك الحديدية.. والتهديد بإصابة المحافظة بالشلل التام. وقد ساءني بشدة هذا الشكل غير المألوف للاحتجاج، فقطع الطرق والسكك الحديدية جريمة ضد ثورة 25 يناير، وضد المبادئ التي قامت علي أساسها، فإذا كانت ثورة المصريين علي نظام فاسد ظالم اعتمدت شعار »سلمية.. سلمية«، ولم تلجأ إلي العنف ولا تدمير المنشآت العامة، ولا تعطيل حركة الحياة في مصر، فكانت بذلك نموذجا فريدا يحتذي به علي مستوي التاريخ الإنساني، فكيف بنا نعود إلي الوراء ونفرض رأينا بالعنف بعد أن نجحت ثورتنا؟ ما يحدث الآن غير مقبول شرعا ولا قانونا، ولا تقره العقلية المصرية الراقية التي أنجحت ثورتها، ولابد من عودة الهدوء والنظام للمحافظة حتي يتفرغ أبناؤها لإعادة البناء والمشاركة في نهضة بلدنا. أما عما تردد حول أن سبب تلك المظاهرات أن الحكومة اختارت محافظا مسيحيا، خلفا لمحافظ آخر مسيحي، وأن أبناء قنا لا يريدون هذا المحافظ لأنه مسيحي، فهذا مردود عليه. يجب أن نتعلم أن معيار اختيار أي شخص لتولي مهمة معينة يتلخص في أمرين هما »الكفاءة والأمانة«، وهذا هو المعيار القرآني في المؤهلات المطلوبة لمن يتولي مهمة.. خاصة إذا كانت وظيفة عامة تؤثر بشكل مباشر في حياة الناس. المنهج القرآني جاء في سورة القصص، في قصة سيدنا موسي، عندما سقي لامرأتين ضعيفتين عند ماء مدين، ومن هذا الموقف يعلمنا الله عز وجل أساس الاختيار في قوله تعالي »قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين« شرط شغل الوظيفة كما جاء بسورة القصص يتلخص في »القوة« أي الكفاءة والقدرة علي إنجاز المهمة الموكل إليها الشخص، و»الأمانة« أي نزاهته وطهارته وأخلاقه العالية في أدائه لهذا الدور. نفس الدرس نتعلمه من رحلة النبي صلي الله عليه وسلم في الهجرة، فقد استعان في رحلته صلي الله عليه وسلم من مكة إلي المدينة بدليل ليس مسلما، بل كان يعبد الأصنام، وهو عبد الله بن أريقط، لأنه يعرف دروب الصحراء جيدا، وأمين في حفظ سر سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه في أخطر رحلة في الإسلام. نريد أن نتعلم إن كنا صادقين في مراعاة ضوابط الاختيار أن نلتزم بهذا المنهج القرآني، وهذا التوجيه النبوي، بأن يحكم اختيارنا معيار الكفاءة والأمانة، دون البحث عن معايير طائفية أو انطباعات شخصية، أو معلومات مغلوطة.. نريد أن نحكم علي الناس بمؤهلاتهم وقدراتهم وكفاءاتهم لشغل هذا المنصب أو ذاك. دعوة للحوار الأحد: دعاني الدكتور منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية بمصر لحضور لقاء مشترك بين شباب صناع الحياة وبين شباب الكنيسة.. وقد سعدت جدا بهذه الدعوة ورحبت بها، وإن كنت للأسف لم أتمكن من الحضور لأنني مرتبط بموعد سفر آخر. والحقيقة أن سر سعادتي بتلك الدعوة، أننا نريد الإكثار من هذه الملتقيات المثمرة البناءة، فحل مشكلة الفتنة الطائفية لن يتحقق إلا بتلك المناقشات الهادئة الراقية.. فنحن للأسف نلتفت لتلك المشكلة في الأزمات فقط، ونتعامل معها بعقلية »سيارة المطافئ« التي تهرول لإطفاء حريق هنا، أو كارثة هناك، كما حدث مؤخرا عقب حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، ثم كنيسة الشهيدين بأطفيح، وكما كنا أطلقنا من قبل مبادرة "انترنت بلا فتنة" وكان أحد أهم أهدافها وقف التحريض علي الفتنة الذي يحدث عبر شبكة الانترنت. لكن الحل الحقيقي للمشكلة من جذورها أن يلتقي المصريون، خاصة الشباب، من المسلمين والمسيحيين، لدعم الوحدة الوطنية، ومناقشة الأفكار بهدوء، وأن نلتقي للعمل معا في المنطقة المشتركة التي تحتاج كلا منا، وأبرز أولوياتها حاليا بناء مصر الجديدة ما بعد الثورة. الحوار مبدأ حضاري وإنساني نبيل، لذلك سعدت بتلك الدعوة، وكنت أتمني أن أحضرها، وإن كنت دعوت شباب صناع الحياة للمشاركة في هذه الفعالية المهمة. شبكة الأخلاق الإثنين: »كثير من الناس يفكرون في تغيير العالم.. لكن القليل جدا من يفكرون في تغيير أنفسهم« تذكرت هذه المقولة وأنا أتابع كثيرا من الناس يتكلمون عن تغييرات شاملة يريدون أن تتحقق في كل المجالات، علي المستوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وهذا مطلوب لكنه لا يكفي وحده. المطلوب الآن أن يقرر كل مصري أن يغير من نفسه أولا.. خاصة أخلاقه وسلوكه. البعض يظن أن البنية التحتية لأي مجتمع تتشكل من شبكات المواصلات والطرق والمياه والكهرباء وخلافه، وهذا غير صحيح، فالبنية التحتية الحقيقية لنهضة أية دولة هي الأخلاق. هذه البنية أهم بكثير من الطرق والمواصلات والخدمات والمرافق، لأن الأخلاق هي الضامن الحقيقي لاستمرار العطاء بشكل صحيح، وهي الأساس المتين الذي يمكن أن يبني علي أساسه أية مظاهر للعمران ماديا أو معنويا.. فبناء شبكة الأخلاق أهم من تشييد شبكة الطرق. لذلك، فلا عجب أن تكون رسالة النبي صلي الله عليه وسلم تتمحور حول الأخلاق حيث قال »إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق«، ولما سئل عن الإسلام قال: حسن الخلق. أقول هذا لأننا تعبنا من متدينين سيئي الخلق، يشوهون بسلوكياتهم الغليظة، وممارساتهم العنيفة، صورة المسلم المتدين.. نريد أن يفهم الجميع حقيقة الإيمان علي أنه حسن الخلق، والإحسان في التعامل مع الناس »المسلم من سلم الناس من لسانه ويده«. هذه المفاهيم يجب أن ترسخ في قلب وعقل كل مؤمن، فهناك إشكالية كبري في أن يختصر الناس الإيمان علي العبادة فقط، وتفريغه من حقيقته الكبري وهي الأخلاق. أول عمرة.. بعد الثورة الخميس: أتوجه اليوم لأداء العمرة التي اشتقت إليها كثيرا في الأيام الماضية.. هذه العمرة لها في قلبي شعور خاص، فهي أول عمرة بعد الثورة المصرية العظيمة، كما أنها في الوقت نفسه تمثل محطة نفسية مهمة في حياتي علي المستوي الشخصي، فأنا أستعد بعد العودة لبدء برنامجي الجديد لأول مرة علي شاشة التليفزيون المصري، وهو برنامج (بكره أحلي). الحقيقة أنني أشعر بمسئولية كبيرة في هذا البرنامج الذي وضعت له هدفا واحدا وهو المساهمة في بناء مصر، والمساهمة في نهضة بلدنا بأياد متشابكة وجهود متضافرة، خاصة في ظل تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر حاليا. هذه المسئولية تجعلني أستشعر أنني أريد أن ألقي الله يوم القيامة وفي يدي هذا البرنامج، وأقول إن نجاح هذا العمل بإذن الله كان مساهمة ولو بخطوة علي طريق النهضة. علي حائط ال»فيس بوك« لا تقف أبداً في مكانك.. اعمل أي شئ.. تحرك.. امش وراءك.. امش أمامك.. لكن لا تقف في مكانك.. فإن لم تتحرك.. فافسح الطريق لأحد غيرك ليتحرك. إذا وعدت اوف بوعدك.. وعد بلا تنفيذ عداوة بلا سبب. إذا رفعت أحدا فوق قدره.. فتوقع منه أن يضعك دون قدرك. أشتاق لمسجد الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينةالمنورة.