يقول للإخوان: »اتقوا الله في مصر.. في البداية ترددتم في الانضمام للثورة حتي لا تدفعوا فاتورة فشلها وحدكم.. وعندما تأكد نجاحها قفزتم عليها.. والآن تريدون قطف ثمارها وحدكم لينتقل الشعب من جحيم النظام البائد إلي جهنم نظامكم الذي تخططون لإرساء قواعده بالهيمنة علي كل شيء«! ويتساءل السياسي والبرلماني السابق علاء عبدالمنعم: كيف لجماعة دعوة إسلامية الجرأة علي ترشيح أحد أعضائها في انتخابات الرئاسة؟ ولماذا العفو عن خيرت الشاطر في هذا الوقت بالذات؟!.. أليسوا هم من شاركوا الفلول إحداث الانهيار الاقتصادي بحرمان مصر من قرض صندوق النقد الدولي؟!.. أليس إصرارهم علي الإطاحة بحكومة الجنزوري بهدف تشكيل حكومة منهم ل»الهندسة« والإشراف علي الانتخابات الرئاسية التي يتوهمون أنها ستكون لصالحهم؟! شارگوا في الثورة بعد التأگد من نجاحها تحسباً لدفع فاتورة الفشل وحدهم التحگم في صلاحيات الرئيس القادم.. وراء الإصرار علي تفصيل دستور إخواني! الفوضي بفعل فاعل .. وتمديد المرحلة الانتقالية يعجل بثورة الجياع ويواصل علاء عبدالمنعم قراءة المشهد السياسي قائلاً: الضبابية تمثل أهم سمات هذا المشهد.. الثوار اختفوا والانتهازيون ظهروا.. سياسة الترويع والتجويع جعلت البسطاء يكرهون الثورة.. والخطوات التي نخطوها للأمام تبدو ديمقراطية في مظهرها.. لكنها ملغومة بالديكتاتورية في جوهرها.. والأخطر من هذا كله أن استماتة الإخوان في الهيمنة علي الدستور له هدف مستقبلي.. فإذا ما جاء رئيس جمهورية قوي الشخصية قلصوا صلاحياته، وإذا ما جاء الرئيس تابعاً لهم ومطيعاً أطلقوا صلاحياته.. ولذلك فمن المتوقع أن تتم انتخابات الرئاسة وتعلن نتائجها قبل إعداد الدستور »!« معركتان تتصدران المشهد السياسي في الوقت الراهن.. معركة انتخابات الرئاسة، ومعركة الدستور.. لكن الأخيرة أهم من الأولي كما يري علاء عبدالمنعم لأن الدستور وهو العقد الاجتماعي بين الدولة والشعب هو الذي سيحدد صلاحيات وسلطات الرئيس القادم.. كما انه وبناء علي مواده المسئول والمعني بتحقيق الاستقرار من عدمه. أنت أحد أعضاء اللجنة الشعبية الموازية لإعداد الدستور.. وقبل ذلك كنت عضواً في البرلمان الموازي لبرلمان 0102 المزيف.. حدثنا عن أوجه اعتراضك علي اللجنة الرسمية لتأسيسية الدستور؟ لم يكن اعتراضي وحدي.. إنما كل القوي السياسية وكل الوطنيين والمحبين لبلدهم.. فالدستور يخص ويهم مصر كلها، لا يخص فئة بعينها.. وبالتالي يجب أن يأتي معبراً عن كل المصريين ويجب أن يشارك في وضعه ممثلون عن جميع فئات الشعب.. والذين تحدثوا منذ فترة عن الرئيس التوافقي يتميزون بالخبث السياسي، لأنهم يعلمون أن التوافق يصلح للدستور لا لرئيس الدولة.. لكن الأغلبية البرلمانية من جماعة الإخوان تكبرت وتجبرت وأخذتها العزة بالإثم.. أرادت الجماعة من خلال أعضائها تحت القبة الهيمنة علي اللجنة لإعداد دستور »علي مقاسها« وليس علي مقاس كل مصر. والحكم الصادر عن القضاء الإداري بشأن تأسيسية الدستور البرلمانية؟ حكم عادل ونزيه أعاد الاعتبار لثورة 52 يناير، كما جاء معبراً عن الإرادة الشعبية والثورية للإرادة الإخوانية فحسب، فليس مقبولاً أن أغلبية مؤقتة تنفرد بوضع دستور دائم للبلاد. ويضيف علاء عبدالمنعم: أردنا أن نثبت للإخوان أنهم أخطأوا في حق أنفسهم وفي حق البلد، وذلك بتشكيل لجنة شعبية موازية لإعداد الدستور.. تم تشكيلها من مائة عضو روعي فيهم الكفاءة القانونية والدستورية والتمثيل المهني والجغرافي والطيف السياسي.. منهم د. أحمد كمال أبو المجد ود. محمد نور فرحات وز. جابر نصار ود. حسام عيسي وعصام الاسلامبولي وجورجيت قلليني ومارجريت عازر.. فضلاً عن علاء عبدالمنعم وعمار علي حسن وجورج اسحاق ود. جمال زهران والشاعر سيد حجاب وأبو العز الحريري وغيرهم. الإحساس بالمأزق هل حدث حوار بين اللجنتين البرلمانية والشعبية؟ د. سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب تقدم بعدة عروض للخروج من المأزق بعد زيادة عدد المنسحبين من اللجنة البرلمانية.. أهمها زيادة عدد أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور إلي 051 بضم 05 عضواً من التيارات السياسية المختلفة لعضوية اللجنة تكون لهم نفس حقوق الأعضاء المائة المنتخبين.. أو إحلال عدد من الأعضاء محل عدد آخر من الأعضاء الأصليين لإحداث التوازن المطلوب!.. أو إعادة اجتماع الجمعية لانتخابات أخري جديدة! ويلاحظ بشأن العرض الأول أن تنفيذه غير دستوري لأن الإعلان الدستوري حدد أعضاء الجمعية بمائة عضو ولا يمكن تجاوزه بدون نص دستوري.. وتلاحق صعوبة التنفيذ العرض الثاني أيضاً لأن الإحلال لا يكون إلا من الاحتياطي الذي انتخبوه وقد جاءت قائمة الاحتياطي مرتبة حسب الحصول علي الأصوات، يزيد علي ذلك أن أول 71 عضواً من العشرين في قائمة الاحتياطي ينتمون إلي الإخوان والسلفيين.. أما فيما يتعلق بانتخاب جمعية جديدة فهو صعب أيضاً ولا يملك البرلمان أمره لأن الإعلان الدستوري نص علي أن هيئة الناخبين لجمعية الدستور تجتمع بدعوة من المجلس العسكري.. وقد تمت الدعوة وانعقدت هيئة الناخبين واستنفدت أغراضها.. والاقتراح الجديد يحتاج الي دعوة جديدة من المجلس وهذا لن يكون إلا بتعديل دستوري. معني هذا انه علي ضوء حكم القضاء الاداري ببطلان الجمعية التأسيسية للدستور فان البرلمان لن يستطيع اعادة تشكيلها من تلقاء نفسه؟ - نعم.. لابد من تعديل للمادة 06 من الاعلان الدستوري.. ،ولاشك ان صياغة تلك المادة بالمعني الذي جاءت عليه كان السبب في فتح الباب امام الإخوان للهيمنة علي الجمعية التأسيسية.. فنص المادة يقول: يجتمع الاعضاء غير المعينين- أي المنتخبين - لأول مجلسي لشعب وشوري في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الاعلي للقوات المسلحة لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولي اعداد مشروع دستور جديد للبلاد.. وهناك نجد ان العوار في النص مؤداه انه - أي النص - جاء مطلقا حيث جعل امر الاختيار مشاعا وبدون أي معايير ولم يتعرض لنسبة البرلمانيين ونسبة الشخصيات العامة الممثلة لفئات المجتمع، كما لم يحدد من هم المرشحين الذين يتم الانتخاب من بينهم.. اي ان النص ترك الامر »سداح - مداح«. سعار سياسي المؤكد - والكلام لعلاء عبدالمنعم - ان الدستور سيتأخر لما بعد الانتخابات الرئاسية.. وفي هذه الحالة فإن الرئيس القادم سيحكم بممارسة صلاحياته المنصوص عليها في الاعلان الدستوري. لماذا تري ان معركة الدستور أهم وأخطر من معركة الرئاسة؟ - الإخوان رأوا ذلك ايضا.. وهذا يفسر سبب مشاغباتهم وعنادهم خلال الفترة الأخيرة - وقبل حكم القضاء الاداري - باصرارهم علي الهيمنة علي الجمعية التأسيسية للدستور، فحسب ما خططوا وتوهموا فإن صلاحيات الرئيس القادم تتم عند وضع احكام الدستور بواسطة تلك الجمعية.. فإذا جاء قوي الشخصية ولا ينتمي اليهم قلصوا صلاحياته واذا جاء منهم أو تابعا لهم اطلقوا هذه الصلاحيات. الدهاء السياسي الي هذا الحد؟! - واكثر.. حاول ان تربط بين العفو عن خيرت الشاطر وبين ذروة الهجوم علي حكومة الجنزوري!.. هذه الحكومة اشاد الاخوان برئيسها في البداية.. لكن بعد ذلك تبدل الحال.. لماذا؟ لانهم أرادوا تشكيل حكومة منهم حتي تشرف علي الانتخابات الرئاسية التي قرروا خوضها باثنين، الشاطر ومحمد مرسي كاحتياطي له.. اي ان خطتهم الاستحواذ علي الحكومة ورئاسة الجمهورية بعد البرلمان.. يعني قوة ثلاثية تشمل كل السلطات. الإخوان والثورة كنت صديقا للإخوان والآن تهاجمهم.. ما سر هذا التحول؟ - انا وغيري من القوي السياسية الاخري كنا اصدقاء للإخوان.. وحاليا لا أهاجمهم انما انتقدهم لانهم تحولوا وانحرفوا عن المسار الذي حددوه واعلنوه من قبل، ولست وحدي الشاهد علي ذلك، لكن الشعب المصري كله.. فقبل انطلاق الثورة كانت اجتماعات البرلمان الموازي لآخر برلمان باطل في عهد مبارك تتم في مكتبي بمشاركة الإخوان.. وقبيل اندلاع ثورة 52 يناير التقينا في مكتبي ايضا يوم الاحد 32 يناير 1102 وكان الاجتماع يضم حمدين صباحي وجورج اسحاق وعبدالحليم قنديل وسعد عبود اضافة الي ابوالعز الحريري ومحمد البلتاجي ومحسن راضي.. استعرضنا وقتها امكانيات كل طرف من الاطراف بشأن الحشد يوم 52 يناير. وحين جاء الدور علي د. محمد البلتاجي - وكنا نعتمد علي الإخوان في الحشد الأكبر - قرر انهم لن يحشدوا للاحتجاجات والمظاهرات الا بقدر ما نحشد نحن.. وتعليل ذلك حسب ما فهمنا انهم غير مستعدين لدفع الفاتورة وحدهم حال فشل الثورة. وميدان التحرير؟ - لم ينزلوا الميدان الا مساء 82 يناير .. أي بعد تأكدهم من ان الثورة تشق طريق النجاح وان النظام بدأ يترنح ويتهاوي!.. وها هم الآن يزعمون انهم ثوار وابطال الثورة.. ويتنكرون لدور القوي الوطنية.. بل اصابهم السعار السياسي فأرادوا الهيمنة علي كل مصر كوريث للحزب الوطني المنحل.. ولا أملك - مثل غيري - الا ان ادعوهم وارجوهم ان يتقوا الله في مصر. ملامح مخيفة ويواصل علاء عبدالمنعم حديثه ليتوقف عند المشهد فيقول : ربنا يسترها علي البلد ملامح المشهد السياسي مخيفة.. فالقوي السياسية متصارعة ومتنازعة.. والسلطة التشريعية انتهي شهر العسل بين »اخوانها والمجلس العسكري« وبدأت تطلق حرب البيانات علي المجلس.. والاجراءات الديمقراطية لاعادة بناء الدولة تتعثر .. والاقتصاد في صعود مستمر الي الهاوية والثوار اصابهم اليأس واختفوا.. اما الشعب فهو الضحية! تقصد ان الحالة المأساوية للمرحلة الانتقالية بفعل فاعل؟ - نعم.. ومن يقول غير ذلك فهو كمن يحاول اخفاء نور الشمس باصبعه.. فالواضح انه منذ البداية وهناك التخطيط لاغتيال الثورة.. وقد تمثل ذلك في افتعال الانفلات الامني وازمات الوقود والغذاء والتلاعب في الاسواق ثم تحريض العمال والموظفين علي الوقفات الاحتجاجية لتعطيل الانتاج واهدار السياحة ثم تخريب المنشآت العامة وتغييب هيبة الدولة.. افعال كل هذه الفوضي لم تكن بنفس الثقل والخطورة في عز اشتعال الثورة وانطلاقها.. وهي افعال جاءت هادفة الي الصاق اتهاماتها للثورة والثوار.. وحين نصل الي قمة كفر المواطن البسيط بالثورة يتم اعادة انتاج النظام القديم بترشيح رموزه لمقعد الرئاسة.. كأنهم يريدون توصيل رسالة للشعب المطحون اقتصاديا مفادها ان هؤلاء المرشحين هم طوق النجاة.. يمثلون الاستقرار وعودة الامن والامان والعيش بدون أزمات.. وهي نفس رسالة المخلوع قبيل خلعه: »أنا.. أو الفوضي«. والمسئول؟ - المجلس العسكري والتيار الاسلامي.. فالمجلس سمح بتكوين احزاب لها مرجعية دينية بالمخالفة للاعلان الدستوري.. والاسلاميون حولوا المعارك السياسية الي معارك دينية.. فمن كان يتخيل ان جماعة دينية مهمتها الدعوة تدفع بمرشح للرئاسة؟ فالجميع يعلمون ان خيرت الشاطر ليس عضوا بحزب الحرية والعدالة!.. ومن كان يتصور ان الجماعة - التي كانت محظورة - تبعث برسائل وبيانات تهديد للمجلس العسكري؟!.. وعلي الجانب الآخر فإن الاخوان ومعهم السلفيون اظهروا نيتهم في السيطرة والاستحواذ مبكرا.. ويكفي انهم رفضوا منح الحكومة قبلة الحياة بالحصول علي قرض صندوق النقد الدولي.. وفي تصورهم انهم اذا ما شكلوا الحكومة وحصلت »حكومتهم« علي القرض، فإن الناس سيشعرون قطعا بالانفراجة النسبية وينسبون الفضل اليهم!.. يتصوروون ذلك ويتناسون انه بفعل تصرفاتهم وما تكشف عن نواياهم خلال 3 شهور فقد حدث تدهور ملحوظ في مصداقيتهم. رؤيتك لمقعد الرئاسة؟ - بداية لابد من الاشارة الي هذا التصنيف الذي يقسم المرشحون للرئاسة الي ثلاث فئات.. مرشحين ثوريين مثل حمدين صباحي وخالد علي وابوالعز الحريري وعبدالمنعم ابوالفتوح.. ومرشحي الفلول مثل عمر سليمان واحمد شفيق وعمرو موسي.. ثم المرشحين الاسلاميين ويمثلهم ابواسماعيل والعوا والشاطر ومرسي.. وعموما فالمعكركة ستزيد اشتعالا خلال الفترة القادمة، خاصة وان ترشيح الاخوان للشاطر جاء محفزا علي الدفع باللواء عمر سليمان للترشح بهدف احداث التوازن.. لكن في ظل معركة »تكسير العظام« المتوقعة فان الامر سيصبح شديد الصعوبة علي الناخب المصري فاذا تخيلنا مثلا انه ستحدث اعادة بين عمر سليمان وخير الشاطر، فمن يختار؟! انذار ويعود علاء عبدالمنعم الي الوضع الاقتصادي مرة اخري، مشيرا الي انه يشهد تدهورا مستمرا - بفعل فاعل- واذا طالت الفترة الانتقالية لأي سبب من الاسباب فسوف ينفجر الوضع.. ثورة الجياع لن يوقفها أحد لأن الشعب تجرع المرارة، ويشعر بأن الثورة تمت سرقتها.. هذا الشعب »فاض به الكيل« ولم يعد يحتمل اللعب بمقدراته وقوت يومه.