عبدالقادر شهيب لم يقابل مرشح رئاسي للتيار الديني برفض سياسي مثلما قوبل المهندس خيرت الشاطر.. حتي حازم صلاح أبواسماعيل الذي كان أكبر مرشح حتي الآن يجمع مؤيدين له لم يواجه بمثل هذا الرفض الذي تعرض له الشاطر، رغم أن خطابه السياسي صادم ويميل الي التطرف ولا يطمأن المعارضون السياسيون له!. ولا شك أن سبب هذا الرفض السياسي الذي يواجه الشاطر لا يرجع الي عدم وفاء الاخوان بوعد سابق لهم بعدم التقدم بمرشح لهم لمنصب رئيس الجمهورية.. فقد تراجع الاخوان أكثر من مرة عن قرارات سابقة، فضلا عن أن ممارسة المناورات أمر متعارف عليه في التنافس السياسي بين القوي السياسية المتنافسة. وايضا يصعب تفسير ذلك الرفض بأن المهندس الشاطر محدث سياسة، بل هو مارس السياسة منذ شبابه حينما انخرط في منظمة الشباب خلال الستينات من القرن الماضي، وحينما شارك في مظاهرات نوفمبر 86 واعتقل. وكان وقتها يساريا قبل أن يتحول سياسيا وينضم الي جماعة الاخوان المسلمين، ويصير فيما بعد الرجل الاقوي فيها وليس فقط المسئول ماليا عنها.. كما يصعب ايضا تفسير ذلك الرفض السياسي الذي واجه الشاطر فور اعلان ترشحه للرئاسة الي خوف هؤلاء المعارضين له ولجماعته من الدعوات التي وصفها مرشد الجماعة بأنها دعوات مستجابة من الله عز وجل.، وكانت السبب فيما لحق بالرئيس السابق حسني مبارك. فمن كانت دعواته مقبوله علي هذا النحو يمكنه ان يوجه دعواته لمن يشاء دون الحاجة للمنصب الرئاسي!!. ربما يكون هناك من اثاره أو أغضبه تراجع الاخوان عن تعهد سابق لهم.. وربما يكون هناك من ازعجه أن يرشح الاخوان احد قادتهم لانهم سوف يحشدون له التأييد مستخدمين كل مقدراتهم التنظيمية الكبيرة وكل امكانياتهم المالية الضخمة.. وربما ايضا هناك من يخشي تكويش الاخوان علي كل السلطات في البلاد.. لكن كل ذلك لا يفسر هذا الرفض السياسي الذي قوبل به خيرت الشاطر بعد اعلان ترشحه للرئاسة. ولعل السبب الاكثر قبولا عقليا لهذا الرفض يكمن في طبيعة عمل المهندس خيرت الشاطر.. فهو رجل أعمال له بزنس واسع ومتنوع، فضلا عن ادارته هو وشريكه مالك للأمور المالية لجماعة الاخوان.. و.. هنا تذكر كثيرون فورا ماكنا نعيش فيه قبل 52 يناير، حينما حدث زواج غير شرعي بين السلطة ورأس المال.. زواج مكن عددا من رجال الأعمال ذوي الخطوة من المشاركة في الحكم وفرض احتكار علي قطاعات اقتصادية متنوعة، ومكن ايضا عددا من رجال السلطة من استثمار مواقعهم في الحكم لتكوين الثروات الضخمة من خلال البزنس. ورغم ان احتمالات فوز المهندس خيرت الشاطر في انتخابات الرئاسة ليس مضمونا لان أمامه منافسة ضارية من عدة مرشحين آخرين.. حتي لو استبعد حازم صلاح ابواسماعيل من المنافسة بسبب جنسية والدته. الا ان مرشح الاخوان ليست فرصته منعدمة في الوصول الي المقعد الرئاسي.. فماذا سيكون حال البلاد اذا جلس علي مقعد رئيس الجمهورية رجل أعمال؟!. هذا هو ما يسبب القلق بل الانزاعاج الذي انتاب قوي وشخصيات سياسية بسبب ترشح الشاطر في انتخابات الرئاسة. فهذا يعني ان زواج السلطة مع رأس المال سوف يصبح قانونيا، أي مفروضا علينا بحكم ان الرئيس المنتخب رجل أعمال.. نحن نعرف انه.. كما يقال- اذا كان رب البيت بالدف ضاربا فإن شيمة أهل البيت كلهم الرقص.. أي ان هذا الزواج بين السلطة ورأس المال سوف يصير هو منهج عام للحكم وللبزنس ايضا، والسياسة التي تحكم ممارسة السياسة، وايضا ادارة شئون الاقتصاد. لقد جاءت ثورة 52 يناير لتنهي هذا الزواج غير الشرعي. ولتذهب برموزه من الحكم الي السجن.. مثلما هو الحال مع المهندس أحمد عز والمهندس أحمد المغربي، او لتجبرهم علي الفرار خارج البلاد مثل المهندس رشيد.. ولكن وصول رجل أعمال مثل المهندس خيرت الشاطر الي المقعد الرئاسي سوف يعيد احياء هذا الزواج البغيض مرة أخري. بل يقننه، لان وصول الشاطر الي هذاالمقعد سيكون من خلال الانتخابات، التي لن يتمكن أحد بسبب المادة 82 من الإعلان الدستوري الطعن في نتائجها. وهكذا الرفض الذي واجه الشاطر عشية إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة ليس رفضا لشخصه.. أو لتكويش الاخوان علي كل السلطات، انما هو رفض من حيث المبدأ بتولي رجل أعمال المنصب التنفيذي الأول في البلاد، خشية ان تعود عجلة التاريخ الي الوراء. لتجهض أحد مكاسب ثورة 52 يناير. والمتمثل في القضاء علي زواج السلطة ورأس المال.. وهو الزواج الذي مازلنا نتذكر شروره. وجرائمه التي افرخت لنا مجتمعا يزيد الفقر والبطالة فيه ويتخفض مستوي معيشة الاغلبية الساحقة من ابنائه. ولعل هذه هي العقبة الاكبر والاهم التي تواجه الشاطر في مشواره الرئاسي الذي سيخوضه.. فهو صاره مدينا بايضاحات كثيرة للناخبين،في ايضاحات حول ماذا سيفعل في بزنسه وتجارته ومشروعاته واستثماراته.. سواء الخاصه أو تلك التي يديرها لحساب جماعة الاخوان.. كيف سينهي علاقته بها.. والاهم كيف سيقاوم محاولات قد يقوم بها اصدقاؤه.. وشركاؤه في البزنس استثمار موقعه الرئاسي للكسب غير القانوني والتربح غير المشروع؟.. وقبل ذلك هل سيقدر الشاطر علي إلزام الجماعة التي انفصل عنها تنظيميا ومازال ينتمي اليها ايدلوجيا. بالافصاح عن حقيقة تجارتها واستثمارها ومصادر تمويلها؟!. علي كل حال، وبغض النظر عن استعداد أو عدم استعداد الشاطر للاجابة علي هذه الاسئلة. فإن خريطة الانتخابات الرئاسية الآن بعد ترشحه تتجه لتبلور التنافس بين مرشحين يمكن وصفهم برجل الدولة وبين مرشح يوصف بأنه رجل أعمال.. وللمصادفة أن رجال الدولة يؤيدون الدوله المدنية.. بينما رجل الاعمال يؤيد الدولة ذات المرجعية الدينية.. ومثل هذا التبلور سيكون له دوره في توجيه التنافس السياسي وبالتالي تحديد نتائجه.