عندما نشرت تصريحات منسوبة للدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي بإلغاء الانتساب، كتبت مع غيري مستنكرين أن يتولي وزير تعليم، وظيفته لنشر التعليم والتوسع فيه، التضييق علي الراغبين في التعليم. لكن، في نفس يوم النشر اتصل بي الدكتور هاني هلال، نافيا بشدة الغاء الانتساب لكن فوجئنا بقرار من المجلس الأعلي للجامعات برفع رسوم الانتساب للكليات النظرية - الآداب والتجارة والحقوق -من 005 جنيه الي 0005 جنيه. والعملية -العلوم - من 005 جنيه الي 0008 جنيه. وكان ذلك تنفيذا عمليا لتصريح الوزير، الذي نفاه. وأكبر دليل علي الإلغاء، هو عدم التحاق أي طلاب.. اللهم عدد قليل جدا. وبينما تفتح الدول، التي تحب ابناءها، وتفتح أمامهم كل فرص التعليم المتواصل طول العمر، للاستزادة أو لتغيير الاتجاه للحصول علي فرص عمل أفضل.. صدرت تصريحات من مسئولين جامعيين عندنا، تنطوي -مع الأسف- علي كراهية واستخفاف عجيب، برغبات الأبناء من طلاب العلم، قال أحدهم: »لقد اتحنا لهم فرصة التعليم الجامعي المجاني مرة.. فلماذا يطلب فرصة أخري«. إذن فليدفع هذا بالنسبة للحاصلين، مثلا، علي بكالوريوس التجارة، ويريدون الانتساب لكلية الحقوق.. لأن فرصتهم في عالم المحاسبة لم تكن ناجحة، ويريدون التغيير للحصول علي فرصة عمل وحياة أفضل. لكن أغلبية الذين ينتسبون للجامعة ليسوا هم الذين سبق لهم الحصول علي شهادة جامعية، وانما الذين لم تتح لهم فرصة مواصلة التعليم العالي. غالبا لظروف اجتماعية، اضطرتهم لترك التعليم، والعمل لمساعدة أسرهم علي الحياة. وهؤلاء عادة من الفقراء. ولعل عدم إقدام هؤلاء الآن علي طلب الانتساب، بعد التسعيرة الجديدة، هو بسبب فقرهم، وعدم قدرتهم علي دفع هذه المبالغ الكبيرة. إنه دليل جديد علي توجهات الوزير وزملائه لحرمان ابناء الشعب، المكافحين في الحياة وطلب العلم، من حق كفله لهم الدستور. مسئولية وزرائنا في كل بلاد الدنيا، إذا أخطأ موظف كبير، أو ارتكب جريمة.. وأصبح خطأه أو جريمته واضحا.. يسارع الوزير أو المسئول الأكبر عن هذا الموظف الي الاستقالة.. وفي بلد كاليابان قد ينتحر الوزير.. رغم ان الوزير ليس متورطا في الخطأ أو الجريمة. لكن في العالم الديمقراطي، أو البلاد ذات القيم الاخلاقية الصارمة.. يعتبر الوزير أو المسئول الأكبر نفسه مسئولا عن سلوك وتصرفات مرؤءسيه. لأنه هو الذي اختارهم، وهو الذي يفترض ان يتابع عملهم. فإذا حدث منهم شيء. فإنه يشعر انه اساء الاختيار. أو لم يتابع سلوك وأداء مرءوسيه. أما وزراؤنا فلا يعنيهم ذلك. واذا أخطأ أو أدين أحد كبار مساعديه، تنصل من المسئولية.. وغسل أيديه منه.. وبراءة الأطفال في عينيه، وعجبي!