بعد غد تستضيف مدينة شرم الشيخ الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مما يعد إعترافا دوليا بمكانة مصر والرئيس مبارك الذي شهد إطلاقها الأسبوع الماضي بالعاصمة الأمريكية واشنطون تلبية لدعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ..ولكن السؤال الذي يطرح نفسه علي الساحة العربية هو ..ماذا بعد بدء المفاوضات ؟ وخاصة حول التحديات والواجبات الملقاة علي الأطراف المعنية سواء الإقليمية منها أو الدولية تجاه هذه المفاوضات وعملية السلام ..هو سؤال قديم جديد يطرح في كل مرحلة تبدأ فيها جولة أخري من المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة ..وعن إمكانية نجاح أو فشل هذه المفاوضات ..وعن دور الأطراف المعنية غير المباشرة تجاه هذه المفاوضات وتحديدا الأطراف العربية .. قبل وأثناء وبعد بدء الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة في واشنطن ..كتب وقيل الكثير عن هذه المفاوضات ..بعضها مؤيد وأغلبها معارض وكل لأسبابه وأهدافه وإنتمائه السياسي أو الإيديولوجي ..وقد تثبت نتائج هذه التجربة الجديدة من المفاوضات المباشرة بعد فترة زمنية صواب رأي طرف علي حساب طرف آخر.. أو قد تثبت صواب الطرفين أو خطأ الطرفين معا ..لأن علم المفاوضات جزء لا يتجزأ من علم السياسة والعلاقات الدولية والدبلوماسية الدولية ..والمهم في هذا الأمر يكمن في كيفية إستخدام كل طرف مفاوض للأوراق الضاغطة التي لديه أو التي يمكن توفيرها لمصلحته للتحكم في مسار المفاوضات نحو تحقيق الأهداف المحددة لكل طرف.. وقد برز عنوانان أساسيان لتقوية الموقف الفلسطيني والعربي في المفاوضات المباشرة وعملية السلام مقابل الموقف الإسرائيلي هما..تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وأن السلام لن يتحقق إن لم يكن سلاماً شاملا وعادلا..وذلك إذا أراد الفلسطينيون والعرب إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل علي أسس قوية وصحيحة وشرعية.. ولفهم هذين العنوانين بشكل موضوعي لابد من الإبتعاد بداية عن مدح أو قذف مبدأ المفاوضات المباشرة مع إسرائيل أو حتي عملية السلام والتركيز فقط علي التجربة والخبرة العملية الطويلة التي إكتسبها الفلسطينيون والعرب في مسيرة المفاوضات السياسية بكل أنواعها العلنية والسرية أو المباشرة وغير المباشرة والتي تشير إلي أن الانقسام السياسي للشعب الفلسطيني والإنقسام العربي حول منهجية التفاوض وليس مبدأ التفاوض كانا السببين الرئيسيين لفشل الأطراف العربية ..بمن فيهم الفلسطينيون ..في تحقيق إنجازات سياسية حقيقية ذات بعد إستراتيجي في العملية السياسية والمفاوضات المباشرة مع إسرائيل والأطراف التي وقفت وتقف إلي جانبها في كل المراحل التفاوضية منذ كامب ديفيد مرورا بمؤتمر مدريد وإتفاق أوسلو وصولا للمفاوضات المباشرة. . هذا لا يعني بالتأكيد أن الطرف الآخر وهو إسرائيل ومن وراءها من الأطراف الدولية لم تساهم وبشكل قوي ومباشر في إفشال أو إضاعة العديد من الفرص لتحقيق سلام شامل مع الدول العربية وتحقيق الأهداف الحقيقية من عملية السلام..ولكن المسألة التي تعنينا اليوم والتي نريد بحثها هي ليست فيما يفعله العدو والمحتل الذي نفاوضه من أجل إنهاء الصراع معه علي قاعدة تطبيق القرارات الدولية والذي يجب أن نتوقعه ونعرفه .. ولكن المشكلة في المنهجيات والآليات التي يستخدمها الجانب الفلسطيني والعربي في معالجته للصراع أو إدارته أو حتي إنهائه.. هناك مسألة أخري تتعلق بضرورة وضع خطة عربية تعمل علي دعم الفصائل الفلسطينية في تحقيق الوحدة الوطنية.. وتنسيق عربي متواصل لتقييم تقدم المفاوضات السياسية مع إسرائيل... إن التحديات القادمة كبيرة والواجبات أكبر ولابد من أن تدرس كل الخطوات والقرارات السياسية بشكل ليس آنيا ولكن بشكل إستراتيجي.. وهذا يتطلب عملا جماعيا مركزا.