أوشك الشهر الفضيل علي الانتهاء، ثلاثون يوما من العبادة والطاعة بعيدا عن الشياطين، عسي الله ان يتقبل منا ومنكم، ورغم محاولات الافلات من حصار مسلسلات وبرامج رمضان الا انني كنت حريصة علي متابعة مسلسل الجماعة للكاتب الكبير وحيد حامد، الحقيقة انني اعتبر ان هذا المسلسل من افضل ما عرض في شهر رمضان، فقد فرض مسلسل »الجماعة« نفسه بقوة علي الدراما التليفزيونية خلال شهر رمضان لكونه يتناول قصة مثيرة لجماعة الاخوان المحظورة الاكثر جدلا في التاريخ منذ ان اسسها الشيخ حسن البنا. وعلي الرغم من انه لم يكن قد تجاوز الحلقة العاشرة بعد، الا ان الجدل حوله فاق جميع الاعمال الدرامية التي تعرض هذا الشهر والتي تحمل ايضا قضايا ساخنة ومثيرة. بداية اقول ان الدراما ليست توثيقا تاريخيا، حتي ولو اتخذت شكل العمل التاريخي أو تعامل معها الجمهور علي انها كذلك، فتلك ليست مسئولية المبدع، الذي من حقه ان يطرح رؤيته الخاصة للواقعة التاريخية التي يعالجها، كما ان من حقه ان يضيف أو يحذف في شخصيات تلك الواقعة أو يضخم أو يهمش دور البعض، ويبقي الحكم للجمهور والنقاد في تقدير ما اذا كان المبدع امينا في التعامل مع التاريخ أم انه قدم صورة مشوهة وغير موضوعية ام انه تجاوز التاريخ كلية ليطرح معالجة خيالية، التاريخ فيها مجرد مدخل أو سياق تدور داخله عناصر العمل الدرامي، وكل هذه الاشكال الدرامية واردة في التعامل مع التاريخ. الكاتب الكبير وحيد حامد انطلق في كتابة المسلسل من بداية جذور »الجماعة« المبكرة، فهو يعود الي طفولة الشيخ حسن البنا بداية القرن الماضي، ويمر علي الظروف السياسية التي حدثت خلال اثنين وثمانين عاما من عمر »الجماعة« وتظهر في المسلسل العديد من الشخصيات مثل الملك فؤاد والملك فاروق ومحمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات. ويلاحظ هنا ان وحيد حامد فضل ان يكتب دراما تاريخية مباشرة، ولم يقم بتمرير الاحداث التاريخية في اطار اجتماعي، كما يحدث في بعض الاعمال التاريخية، وهو ما مكنه من تركيز فكرته وتقديمها بشكل مكثف. والحقيقة ان المسلسل مكتوب بحيادية شديدة حيث احتوي علي مشاهد تنتقد الحزب الوطني احيانا حتي لا يتهم الكاتب بعدم الحيادية والموضوعية. تحية للمسلسل وفريق العمل به ولسة بدري يا شهر الصيام...