مازالت التحقيقات مستمرة في قضية الموسم: سرقة لوحة »زهرة الخشخاش« للفنان العالمي فان جوخ. في كل يوم تتكشف حقائق يشيب لها الولدان! أجهزة معطلة، وكاميرات خربانة، وأفراد أمن غير مؤهلين لحماية أغلي وأثمن ثرواتنا الفنية، ومسئولون ليسوا علي مستوي المسئولية الرفيعة التي كلفوا بها! الاهمال يا سادة أصبح الرذيلة المتفشية في قلب المجتمع المصري والإتقان أضحي الفضيلة الغائبة في مجتمع يتغني بالفضائل، ويتفاخر بأنه يحافظ علي روح الإسلام، ويعمل بتعاليمه. الإسلام وكتاب الله يوصينا بالإتقان، ويوقظ فينا صحوة الضمير الإسلام والقرآن الكريم ينص علي أن نتقن أعمالنا، نبتعد عن آفة اسمها الإهمال فيما يقع في نطاق مسئولياتنا. »إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه«. وكارثة سرقة لوحة »زهرة الخشخاش« تجسد صورة صارخة للإهمال من قمة هرم المسئولية »وزارة الثقافة« إلي قاعدة الهرم الموظفين وأفراد الأمن من صغيرهم إلي كبيرهم! دوائر مفتوحة تحتاج إلي روابط تجمعها، وتحكمها، وتسيطر عليها بين مستويات القيادة المختلفة، وعندما تقع الكارثة يبادر كل مسئول بإلقاء المسئولية علي شخص آخر أقل منه في الهرم الاداري أو أعلي منه في ذلك الهرم. لكن لا احد تحديدا يشرح لنا »الآلية« آلية سير العمل من فوق إلي تحت. من القمة إلي القاعدة. من يقرر؟ من ينفذ؟ من يتابع التنفيذ؟ من يرفع التقارير؟ المدي الزمني الذي يجب خلاله اتخاذ القرارات بشأن التقارير المرفوعة والملاحظات والطلبات المفروضة؟ لذلك اسعدني - بقدر ما اتعستني الكارثة - ان يتدخل النائب العام، وينزل بنفسه إلي مسرح الجريمة ليرصد العورات الكثيرة التي أدت إلي سرقة اللوحة في وضح النهار. نزل المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام بنفسه ليعاين المتحف، ويضع يديه علي مواطن الفساد الإداري الصارخ فيه. أسعدني كذلك تدخل الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيسة الدكتور جودت الملط لرصد الثروة الفنية التي تملكها مصر في متاحفها المختلفة، وتسجيلها، ومراجعتها. فأنا شخصيا أثق في اداء هاتين المؤسستين الرفيعتين: النيابة العامة بقيادة المستشار عبدالمجيد محمود، والجهاز المركزي للمحاسبات برئاسة الدكتور جودت الملط. الجهة الثالثة التي يجب أن تتدخل لعلاج هذه الآفة الخطيرة، آفة الاهمال الذي تفشي في الشخصية المصرية هي المؤسسة الدينية التي تدعو الناس إلي التمسك بروح الإسلام، وتعاليمه وفضائله. ائمة المساجد، والدعاة، ومقدمو البرامج الدينية في التليفزيون والاذاعة، وخاصة اذاعة القرآن الكريم. فرصة أننا في شهر رمضان الكريم. فرصة ان نحث الناس جميعا علي مراعاة الضمير في اعمالنا، لو زرعنا هذه المباديء في وجدان المسلمين.. الصائمين.. المصلين الذين يبتغون وجه الله، ويطلبون المغفرة، فسوف نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في العلاج.. لن نكون خير أمة الا بالعمل.. بالاتقان.. بيقظة الضمير.. باتباع القول المأثور: اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. وقل اعملوا فسيري الله عملكم.. ورسوله والمؤمنون. وكل عام وأنتم متقنون!