فلما جاء محمداً »[« وحي السماء وهو في غار حراء، انطلق إلي بيته خائفا مرتعدا شاحبا، فإذا بلغ حجرة خديجة - زوجه الغالي- أحس باطمئنان.. بدأ يحكي بصوت مرتجف وبث عندها مخاوفه. ضمت خديجة الحنون زوجها إلي صدرها وقالت تهدئه وتزيل مخاوفه »الله يرعانا يا أبا القاسم.. أبشر يابن عم واثبت، فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة، والله لا يخزيك الله أبدا.. إنك تصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل،، وتقري الضيف، وتعين علي نوائب الحق. عندما سمع محمد »[« ما قالت.. اشرق وجهه، وخف روعه.. فما هو بالكاهن ولا به جنة.. فهذا صوت خديجة العذب الحنون ينساب إلي فؤاده فيبث به الثقة والأمن والهدوء. لما أطمأنت خديجة إلي أن زوجها خلد إلي الفراش ورأته مستغرقا في نوم هادئ مطمئن.. تسللت في حذر من جواره وأسرعت الخطي إلي ابن عمها ورقة بن نوفل.. والصبح مازال يفتح ضوءه علي مكة. حكت خديجة لابن عمها ما حدث لزوجها الحبيب، فتهلل وجه ورقة وقال في حماس »والذي نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسي وعيسي وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له ليثبت«. تلقت خديجة زوجها الحبيب من صحوه بين ذراعيها وحدثته بما سمعت من ابن عمها.. نظر محمد »[« إليها في شكر وامتنان من تلك السيدة التي ملأت دنياه حبا وأمنا وسلاما، وقال في تأثر.. انتهي يا خديجة عهد النوم والراحة.. فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس وأن أدعوهم إلي الله وعبادته، فمن ذا أدعو، ومن ذا يستجيب؟ هتفت خديجة.. أنا استجيب يا محمد »[« فادعني قبل أن تدعو أي إنسان وإني لمسلمة لك ومصدقة برسالتك ومؤمنة بربك.. وبعد ان وقفت إلي جوار الرسول الكريم »[« تنصره وتشد أزره وتعينه علي احتمال الأذي والاضطهاد، اسلمت الروح بين يدي زوجها المصطفي »[« الذي أحبته منذ أن التقت به أول مرة.. وهو الذي لم يتزوج غيرها طوال حياتها معه.. وسمي هذا العام عام الحزن.. وبقي وفي لها حتي بعد موتها، فلم يقبل من أحد أن يتحدث عنها بسوء.. فكانت أول حب وأول زوجة وأم أولاده وبناته. رجاء النمر [email protected]