لأن التعليم قضية رأي عام وحق من حقوق الانسان فمن حق الرأي العام متابعة ودراسة وتحليل تحركات وزير التعليم الجديد للتأكد من ان قراراته للصالح العام وللتأكد من ان حق المواطن في التعليم مازالت الدولة ترعاه. ورغم ان التعليم لا يحقق المردود الادبي والمادي كما كان في عهود سابقة الا ان الشعب يعيش علي أمل الاصلاح ونحدد الاصلاح قبل التطوير ولو صلح التعليم في امة لصلح حالها وارتقت ثقافتها وقيمها الايجابية اذا وجدت القدوة في رموز الدولة وهذا يحتاج لرؤية فلسفية جديدة محددة القيم لمواجهة التحولات العالمية والتعددية الثقافية لتشكيل المجتمع العصري معتمدة علي التعلم متعدد المصادر بجوار التربية والتعليم الموجه مع وضع اهداف واضحة وشاملة مرنة تحققها مناهج غير تقليدية تستوعب مختلف التيارات الفكرية والاجتماعية في المجتمع لها فلسفة ديمقراطية التعليم تتعايش مع القيم المرغوبة لاعداد المواطن الواعي ولاعداد شعب مثقف ديمقراطي اذا كان النظام يريد ذلك. ولتحقيق فلسفة هذا المنهج لابد من معلم عصري ومدرسة عصرية قادرة علي مواجهة المجتمع وتدرك الواقع العالمي، وتعني بالقيم الديمقراطية للمشاركة المجتمعية والمواطنة. عموما الاصلاح يحتاج الي أهل الخبرة والتخصص في الدراسات والبحوث التربوية خاصة انني اري ان وزارة التربية والتعليم كان لها ساقان ساق التربية بترت فأصبحت وزارة عرجاء ثم اصيبت ساق التعليم فاصبحت وزارة كسيحة ويحلم المواطنون ان تسترد انفاسها في وقت ظهر فيه شبح الاستثمار في كل شيء حتي في التعليم بقرارات تقليص اعداد المقبولين بالجامعات الحكومية تلاها شبح تقليص عدد الناجحين في الثانوية العامة والمواطنون يحلمون بتفعيل تصريحات الرئيس بأنه لا مساس اطلاقا بمجانية التعليم لارتباطها باستقرار المجتمع وتحقيق تقدمه ولأن المساس بها دعوة للارهاب وزعزعة للامن وتهديد السلام الاجتماعي لذا فالرأي العام يتابع جولات الوزير الجديد للتعليم ويهاجمه في أول متابعة للمدارس لتحقيق الانضباط للتعليم الغائب نصف عام تاركا التعليم البديل بالدروس الخصوصية مما سبب غرق الاهالي في الديون. والمتابعة المستمرة والانضباط وتقييم الوضع ضرورة لاصلاح المسار ولوضع دراسة لخطوات العملية الادارية: التخطيط والتنظيم »الهيكل التنظيمي والتنفيذي« والرقابة والتوجيه والمتابعة، والتقييم ثم اعادة تقويم حلقات المنظومة الادارية. وسواء متابعة الوزير كانت للميدان أو لديوان الوزارة أو مراكزها القومية لتطوير الامتحانات والمناهج والبحوث والابنية التعليمية يعتبرها الرأي العام تصفية حسابات وكشف الاخطاء السابقة بالوزارة ويعتبرها الوزير ضربا للتسيب والفساد وعلينا ان نحلل المواقف وننتظر النتائج حتي بكائية ومأتم الثانوية العامة وخاصة ان صعوبة بعض الامتحانات ألقت الضوء علي تصريحه السابق باستغرابه من حصول الطلاب علي 001٪ ولمح بكفاية نسبة 58٪ مما جعل المعلمين يؤكدون انها سياسة الدولة لتشجيع الجامعات الاستثمارية وتقليص التعليم الحكومي واندفعت الجماهير تؤكد انها حكومة من اجل الاغنياء وقد يكون الرأي العام صادقا في توقعاته ولكن علينا ايضا ان ننتظر لنري النتائج فقد يكون تصريحه بقصد الدافعية والتحفيز للطلاب والمعلمين وهو اسلوب اداري لاستفزازهم لتحقيق الجودة ونعرف ان تاريخ الفكر الاداري تطور مع الادارة العلمية من عهد فريدريك تايلور »6581 - 5191«، ثم مباديء هنري فايول »1681 - 9191« حيث وصل عدد المدارس الفكرية سبع مدارس مع تنوع الاساليب وفي العصر الحديث اهدانا بيتر دراكر ابو الادارة الحديثة فلسفته »الادارة بالاهداف« 4591 بتحديد الاهداف للعاملين والتحفيز علي تحقيقها. وهناك اسلوب الادارة التحفيزية »الاستفزازية« بتحدي قدرات العاملين ومدي استطاعتهم تحقيق الاعمال أو تحقيق الاهداف فيجتهد العاملون ويحققون المطلوب اضافة الي طريقة ادارية ظهرت اخيرا باليابان بعيدا عن البيروقراطية وهي بتجوال المدير في المواقع للتوجيه اسمها »الادارة بالتجوال«. فربما يكون الوزير قصد الدافعية والتحفيز بل لوحظ انه يحقق بعض المباديء الادارية ل »فايول« مثل مبدأ توزيع الاختصاصات »عدم التدخل في وضع الامتحانات أو تصحيحها« ثم مبدأ المساواة »كل فرد يأخذ حقه« ثم مبدأ القرارات للصالح العام. اضافة ان له بعض صفات الاداري الفعال مثل الذكاء والمرونة مع المواقف الحرجة مع المسئولية والالتزام. هذا التحليل لجوانبه الايجابية ونضع في الاعتبار ان اختياره منذ ستة اشهر وانها مدة لا تسمح بالتقييم بل ننتظر النتائج لنحللها ونحدد السلبيات وأحقية أولياء الامور بتدخل الرئيس أم يطمئنون الي ان قضية التعليم مسئولية الوزير ويهمه نجاحها ونتائج الثانوية العامة ستسعد كل من اجتهد لكن بالعدل وبالجهد وليس بالغش أو التزوير ولن تصل للشارع مثل صراع القضاة والمحامين ومثل رفض رئيس الكنيسة لاحكام القضاء المدنية. وان كان الرأي العام سيظل يتابع ويتساءل هل ما يتابعه من اخبار التعليم العام والعالي؟ هل هي سياسة الوزير لاصلاح التعليم؟ أم هي سياسة الدولة لتشجيع الاستثمار؟ هل هي لتحسين التعليم واعداد انسان الغد علي أسس قيمية؟ أم هي سياسة لدفع الاهالي الكادحين للبحث عن اماكن لابنائهم سواء في الجامعات المفتوحة والاسثتمارية أو علي المقاهي التي ملأت الأرصفة وامتلأت بالعاطلين خريجي الجامعات؟!! هل هذا بناء علي تعليمات ال .....؟ أم بناء علي تعليمات السيد الضمير؟ كاتب المقال : باحث وخبير تربوي