في الأجازة تتغير رؤيتي للحياة بفعل أمواج الشاطئ التي تغازل مشاعري فتجتاحني الأسئلة الغامضة التي لا أتوقف أمامها عادة بسبب انشغالي .لذا طاردني اليوم إحساس جارف ورغبة ملحة في التعرف علي معني الحب الحقيقي بعد ان بدأت مراحل النضج تقتل جنوني.. وتغتال براءتي بحثا عن مصداقية الفهم الواعي له والذي يبدو أننا سنقضي ما تبقي لنا من العمر بحثا عنه! قلت لنفسي.. نعم ليس من المهم أن تعتقد انك تحب بل المهم ان تعرف معني الحب وتمتثل لشروط الحب، ولارتعاشة الحب، ولعذاب الحب! فالحب ليس نزهة في قارب المشاعر.. والحب ليس قبلة تمنحها لزهرة في الخلاء.. ولا كلمة سر تبوح بها لنجمة في السماء.. أو وعدا قصير المدي تكتبه علي صفحة السعادة أو ورقة تثبت بها تاريخ لقاء! الحب أعمق وأجمل وأكثر انحيازا لجانب المحبوب، والتزاما برغباته، واندماجا في شأنه، والتفاتا لاحتياجاته، وانغماسا في جنونه، وارتياحا لعقله، وارتيادا لطريقه، واحتراما لمشاعره.. الحب هو ان تنصر حبيبك مهزوما، وأن تفرح به منتصرا، وان تخرجه من دوائر الحزن متشائما، وأن تطير فرحا به متفائلا، وأن تقبله كما هو راضيا! الحب قاسي الشروط صعب المراس، شديد التطلب كثير المطلوب.. الحب الحقيقي من شروطه.. العطاء بلا حدود، والتفاني دون انتظار، والصدق دون التفاف، والنقاء دون تلون، والحنان دون انتقاص والحنين رغم القرب، والرغبة رغم المستحيل! الحب ليس مناورة، ولا مقامرة، ولا مغامرة، ولا مظاهرة، الحب احتياج شديد، حنين رائع، وجود ملهم، اندهاش مغرم، استسلام مشهود، احتلال مرغوب مساحات منشغلة، اتفاقات واختلافات مقنعة، وسماوات محلقة، الحب هو فصول العام الأربعة متوالية.. الحب صيف محفز للمشاعر وشتاء دافئ للأحضان وخريف هادئ للاستكانه وربيع متجدد للعواطف! الحب يستحق التعريف، ولكنه لا يعرّف، لأنه ينتمي لحالة الرومانسية التي تجتاح نفسك وعقلك وفكرك ووجودك، وينتمي لنار الشموع الدافئة التي تحرك ساكنك وتشغل خاطرك وتتركك حائرا ساهرا، وينتمي لطائفة الزهور التي تغمسك في خانات الجمال وتنقلك لمزارات الإبداع.. وللأسف أو ربما للحظ فإن كل هذه الإنتماءات هي حالات رمزية غيبية تحتاج لمن يفهم الإشارات ويلبي النداءات، وينساق للإلهامات، ويحسن الاختيارات ويجتاز الاختبارات وينجح بجدارة في الحصول علي جائزة المحبين الكبري.. وهي الحب الحقيقي! مسك الكلام.. كل سنة وأنت طيب بمناسبة الأجازة.. وسؤالي لك فيها: هل حقا تعرف معني الحب؟ فكر جيدا قبل الإجابة!