ظهر الانقسام بين قيادات حركة "حماس" الموجودين في غزة والذين يعيشون في المنفى حول الإستراتيجية المستقبلية للحركة في ظل ثورات "الربيع العربي" وما ترتب عليها من نجاح الأحزاب الإسلامية. وبينما يؤكد القيادي خالد مشعل الذي يعيش في دمشق التحول نحو المظاهرات السلمية، أكد القيادي محمود الزهارفي غزة عدم وجود أي تغيير في تفكير الحركة تجاه الصراع الذي لم يعترف به أحد في العلن والذي نشأ عندما أيّد مشعل التظاهرات السلمية خلال اجتماع جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل ستة أسابيع، وذكرت مصادر مطلعة أن "الرجلين بحثا المصالحة بين حركتي حماس وفتح المتنافستين قبل الانتخابات المقبلة". وذكر محللون دوليون أن "مصادر أمنية داخل حماس وافقت للمرة الأولى منذ إنشاء الحركة في العام 1987 على الانتقال للمقاومة السلمية". لكن الزهار أكد في مقابلة أجريت في غزة أن "المقاومة الشعبية احتضنت الجانبين العسكري والمدني طالما كان النهجان مدعومين من قِبل غالبية السكان"، وأضاف أن "حماس لن تنكر حق المقاومة بالوسائل كلها". وقال الزهار إن "غزة لم تعُد تحت الاحتلال مما يجعل المقاومة المدنية "غير ذات معنى"، ولكنه أكد أن "السكان لا يزالون في حاجة للدفاع عن أنفسهم ضد العدوان الخارجي". ويرى المحلل المستقل مخيمر أبو سعدة أن "هناك خلافات واضحة" بين الزهار ومشعل على الاتجاه المستقبلي للحركة". فكان مشعل "واضحًا كالشمس" في اختيار المقاومة السلمية، وأشار إلى "الثورات في مصر وتونس"، في حين وجد الزهار "صعوبة في ابتلاع الأمر لاسيما في الوقت الحرج الذي يتحدث فيه الناس عن الانتخابات ولا ترغب حماس فيه بصورة المتخلي عن الكفاح المسلح". هذا وقال نائب وزير الخارجية الفلسطيني المنتمي لحماس غازي حمد إن "على الجماعة أن تضع استراتيجية جديدة "مع الأشقاء في مصر وتونس وليبيا". ويقول المحلل ابراهيم إبراش إن "جماعة الإخوان المسلمين المصرية قد طلبت من حماس بشكل خاص وقف الأنشطة العسكرية والاهتمام بالعمل في السياسة من أجل الحفاظ على هدوء الوضع". وبينما يُظهِر القادة خارج غزة "استجابة أكبر لتغيرات المنطقة للتخلص من عبء العزل السياسي، فإن قادة الداخل يفضلون تعزيز المكانة المحلية". ويفسر أبو سعدة الوضع من خلفية "رفض حماس لدعم النظام السوري ضد المظاهرات المعارضة له، وهو ما يغضب رعاة الحركة في سورية وإيران، ويجعل الأحزاب الإسلامية الصاعدة في الدول العربية ملاذًا سياسيا لحماس". ويرى أبو سعدة أن "خالد مشعل يعاني من موقف حرج سيضطره عاجلاً أو آجلاً لمغادرة دمشق، على العكس من القادة داخل غزة الذين يشعرون بالأمان لموقفهم تمامًا". وقال رئيس الوزراء الفعلي لقطاع غزة إسماعيل هنية خلال اجتماع حاشد للاحتفال بالذكري ال 24 لتأسيس حماس إن "المقاومة المسلحة هي الخيار الإستراتيجي والطريق الوحيد لتحرير الأراضي الفلسطينية من البحر إلى النهر". مما جعل المحللون يعتقدون في "مساندة هنية لموقف الزهار المتشدد". والتزمت حماس إلى حد كبير منذ انتهاء الحرب في غزة قبل ثلاث سنوات بوقف إطلاق النار، وحاولت منع الجماعات المسلحة الأخرى من إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، لكن يعتقد أنها تُعيد تسليح وتدريب قواتها استعدادًا لهجوم جديد يستهدف إسرائيل. ويعتقد المحللون أن "الحركة ستسلك مسارًا مزدوجًا يجمع بين عدم نبذ العنف مع احتضان التظاهر السلمي".