كثيرة هى الأسرار خلف أسوار السجون، ويزيد ما يتكشف منها إثارة أن يتعلق الأمر بشخصية مشهورة أو سياسى بارز، ولأن السجون تضم بين جنباتها حاليا أشخاصا كانوا فى يوم من الأيام ملء السمع والبصر، فإن الحماس يزداد للبحث عن أسرار هؤلاء ويومياتهم داخل السجون، فمن بينهم من كانوا حكاما أو أبناء حكام أو وزراء أو رجال أعمال مشهورين أو قيادات لجماعات وحركات سياسية. «اليوم السابع» نجحت فى الاقتراب من تفاصيل وأحداث عاشها بعض هؤلاء على مدى الأيام الماضية من شهر رمضان المبارك، ومن بينهم الرئيس المعزول محمد مرسى وقيادات جماعة الإخوان، وعلاء وجمال نجلا الرئيس الأسبق حسنى مبارك والمتهم بارتكاب مجزرة رفح عادل حبارة. التهنئة من داخل القفص
فى صبيحة يوم السبت الموافق 28 يونيو الماضى وقبيل حلول شهر رمضان الكريم بيوم واحد اجتمع الرئيس السابق محمد مرسى بقيادات جماعة الإخوان قبل بدء جلسة محاكمتهم بالقضية المعروفة إعلاميا ب«الهروب الكبير»، وتبادل مرسى مع قيادات جماعته التهنئة بشهر رمضان، حيث بادرت القيادات الإخوانية ومع دخول مرسى قفص الاتهام بتهنئته بصوت مرتفع قائلين «كل سنة وانت طيب ياريس.. رمضان كريم»، فرد مرسى «الله أكرم كل عام وأنت طيب يا مولانا» موجها حديثه للمرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، والذى رد بابتسامة قائلا «وأنت طيب»، وأثناء الاستراحة فى جلسة محاكمة قيادات الإخوان، تطرق الحديث إلى بعض القضايا على الساحة السياسية، وتساءل المعزول عن المظاهرات المرتقبة فى ذكرى عزله «3 يوليو» وكيفية الحشد لها فى رمضان، وقال «ربنا يعين الناس اللى هتخرج فى مظاهرات فى رمضان فى الجو ده»، فرد البلتاجى «الناس مش هيهمها حر أو برد.. الناس عايزة حرية».
وبدوره قال المرشد العام لجماعة الإخوان «كان الله فى عونهم»، فرد مرسى: «إن شاء الله يكون الحشد كويس أنا بسمع فى التليفزيون المصرى إن الحشد قليل الأيام اللى فاتت»، فسارع البلتاجى إلى القول وقد ظهرت عليه علامات الغضب «وهو حد يصدق التليفزيون المصرى»، وقال صفوت حجازى «والله عندك حق.. دول مسخرة الناس بتنزل فى كل مكان وهما فى عالم تانى».
ليلة رمضان الأولى
فى الساعة الثانية عشرة بعد منتصف اليل من مساء يوم السبت 28 يونيو الماضى، قام الحراس المسؤولون عن تأمين مرسى داخل سجن طرة الذى تم نقله للمبيت فيه، بإحضار وجبة السحور المكونة من «طبق فول، ورغيفين عيش، وطبق جبنة، وزجاجة مياه» داخل الزنزانة الخاصة بمرسى، فسأل مرسى الحرس قائلا «إيه ده»، فرد أحد الجنود «ده السحور يا فندم»، فقال مرسى «سحور إيه اللى الساعة 12 ده»، فقال أحد الجنود «ده ميعاد السحور هنا يا فندم»، فرد مرسى فى غضب «الميعاد ده عندكوا انتوا مش عليا أنا.. انتوا هتأكلونى على مزاجكوا.. وإيه ده فول وجبنة أعمل بيهم إيه دول.. شيل الأكل ده من هنا»، فرد أحد الجنود قائلا «هوده الموجود هنا واللى كلنا بناكله»، فقال مرسى «كلكو تاكلوه أنا لا.. أنتوا هتعاملوا رئيس جمهورية زى أى حد»، ونظر الجنود بغضب لمرسى ولم يعلق أحد على حديثه، فعلا صوت مرسى قائلا «والله منا واكل.. حسبى الله ونعم الوكيل».
على الجانب الآخر رفض المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع وجبة السحور من قبل الجنود قائلا، «اتسحروا أنتوا أنا معايا الأكل بتاعى»، وتناول بديع وجبة السحور فى تمام الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وكانت مكونة من «طبق جبنة رومى، ولانشون، وبسطرمة بالبيض، وطبق صغير من الفول، وكوب زبادى، وزجاجة لبن صغيرة»، فيما تسلم البلتاجى وجبته من الجنود فى تمام الثانية عشرة بعد منتصف اليل، قائلا «يعنى فلوسنا وجايبين لنا فول.. أمال لو كنتوا بتصرفوا علينا من جيبكوا كنتوا عملتوا إيه»، فرد أحد الجنود فى سخرية، «مكناش جبنا حاجة ليك»، فقال البلتاجى «مانتوا لازم تعملوا كده.. ناس قتلت مش هتسرق»، ولم يعره أى من الجنود اهتماما وانصرفوا وتركوا وجبته بجانبه.
واستقبل نائب المرشد العام لجماعة الإخوان خيرت الشاطر الجنود أثناء تقديم وجبة السحور له بثورة غضب قائلا: «اطلعوا بره مش عايز منكوا حاجة سحور إيه اللى جايبينه أنتوا تعرفوا رمضان ولا دين»، ولم يتسلم وجبته، فيما طلب مؤسس حزب «الراية» الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل والموضوع بسجن شديد الحراسة طرة من الجنود، بيضتين وجرجيرا مع وجبة السحور، إلا أن الجنود أخبروه أن الوجبة عامة على جميع المساجين ولا يزيد عليها شىء، فضحك أبوإسماعيل بسخرية قائلا «يعنى المأمور هياكل زى كده»، فرد أحد الجنود بسخرية أيضا «أكيد ياعم الشيخ»، وقبل كل من صفوت حجازى وباسم عودة وباقى قيادات الإخوان، وجبات السحور مع طلبهم بزيادة عدد أرغفة العيش مع الوجبة.
علاء وجمال، أبنا الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لم يتسلما وجبة السحور من الجنود، مكتفين بما لديهما من طعام أتاهما من الخارج، وقاموا بتوزيع بعض الطعام الفائض منهما على الجنود.
كعادته فى سب الجنود والحراس، دار حوار ساخن بين المتهم الرئيسى فى أحداث مذبحة رفح الثانية، عادل حبارة وبين أحد الجنود الذين قدموا له وجبة السحور، حيث قال حبارة «سحور؟! دا على أساس أنكم بتصوموا يا كفرة»، فرد الجندى «والله بصوم وبصلى وعارف ربنا»، فقال حبارة «بتصوم وتقتل أخواتك وتغتصبهم وتقولى مسلم أنت عارف أصلا أن لبسك للزى ده يفتيلى أنى أقتلك»، فرد الجندى «تقتلنى أو متقتلنيش دى أعمار ربنا»، فقال حبارة «ربنا وإنتوا تعرفوا ربنا يا ولاد....»، فقال الجندى فى غضب هتاخد الوجبة ولا أمشى، فرد حبارة «سيبها أنا بصوم وبتعب مش زيكوا».
وفى موعد صلاة الفجر، طلب مرسى من الحراس السماح له بالصلاة مع قيادات الإخوان، بحجة أنها الليلة الأولى فى رمضان وأنه شهر رحمة، إلا أن الحراس رفضوا طلب مرسى بشدة فقال لهم «حتى فى رمضان إنتوا أيه معندكوش دم»، ولم يعره أحد انتباها، حتى أتى موعد الصلاة وصلى مرسى بمفرده داخل محبسه بطرة.