أسعار اللحوم والأسماك والبيض اليوم 10 يونيو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. 10 يونيو    فون دير لاين تعرب عن ثقتها من إعادة انتخابها لولاية أخرى    لأول مرة مقاتلات أوكرانية تضرب عمق المناطق الروسية    ما هو مجلس الحرب الإسرائيلي الذي انسحب منه جانتس وآيزنكوت؟    لجان الثانوية العامة تستقبل أسئلة الامتحانات وتأمين كامل لصناديق نقلها    شاومينج يتحدى التعليم ويزعم تسريب امتحانات التربية الدينية والوطنية    لميس الحديدي: رحلتي لم تكن سهلة بل مليئة بالتحديات خاصة في مجتمع ذكوري    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    تراجع أسعار النفط لثاني جلسة على التوالي في تعاملات اليوم    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    واشنطن تدعو مجلس الأمن إلى التصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة في غزة    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس «اتصالات النواب» يزف بشرى سارة عن مكالمات التسويق العقاري.. وعمرو أديب عن مدرس الجيولوجيا: «حصل على مليون و200 ألف في ليلة المراجعة»    ترامب يطالب بايدن بالخضوع لاختبارات القدرات العقلية والكشف عن المخدرات    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    "سياحة الشيوخ" توصي بضرورة تفعيل المنتج السياحي "العمرة بلس"    الزمالك: شيكابالا أسطورة لنا وهو الأكثر تحقيقًا للبطولات    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    أمر ملكى سعودي باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    دعاء رابع ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللهم اهدني فيمن هديت»    ميدو: مباراة بوركينا فاسو نقطة تحول في مسيرة حسام حسن مع المنتخب    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    تحرير 36 محضرا وضبط 272.5 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بمدينة دهب    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحى ما زال يخضع للتحقيق حتى الآن    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق استقصائى: لعب أطفال بها أشعة قاتلة.. فحص الألعاب الصينية يكشف أنها تعمل بالبطاريات وتشع أضواء وتخرج ذبذبات تؤدى للإصابة بالسرطان
نشر في إيجي برس يوم 28 - 12 - 2013

طبيب مخ وأعصاب: التعرض الزائد لهذه الموجات يؤدى إلى الإصابة بالصداع المزمن والصرع والسرطان والتهاب الأعصاب خاصة المؤدية للعين وزيادة ضربات القلب
بائع ألعاب: «إحنا بنجيب زبالة الصين والحمد لله مفيش رقابة».. وشعبة لعب الأطفال: أول مرة نسمع عن هذا الاختبار وحجم استثماراتنا 2 مليار جنيه سنويا
المواصفة الأخيرة للعب الأطفال لا تشترط على المستوردين إجراء الاختبارات.. والرقابة على الصادرات لا تمتلك معملا لفحص الأشعة وتكتفى بالاختبارات الكيميائية والميكانيكية
صراخ طفلى الصغير.. لا يوقفه سوى تلك الدمية التى تتمايل أمامه يمينا ويسارا وهى تشع ضوءًا جميلا.. تتدرج ألوانه بين الأزرق، الأحمر والبنفسجى، فبمجرد أن يسمع هذا المشاغب الصغير الذى لم يتعد عمره الشهر العاشر صوت لعبته، ويرى ألوانها البراقة يظل يقفز من شدة السعادة بتلك الشخصية الكارتونية التى تعد واحدة من أشهر شخصيات عالم ديزنى لاند، وهى الدب «بو» الذى يقود موتوسيكلا فائق الجمال، لكن «بو» المصنوع من البلاستيك بلونيه الأصفر والأحمر، كان فى الوقت ذاته مصدر إزعاج بالنسبة لى، نظرا لصوته الصاخب وألوانه المشعة التى لا أقوى على النظر إليها أكثر من دقيقة واحدة.. إذن فكيف لهذا الصغير أن يتحملها؟.. وما مصدر هذه الأضواء المنبعثة منه، وخطورة الأشعة التى تنجم عنها على طفلى ومن هم فى عمره؟ وإذا كانت ضارة فكيف يُسمح باستيرادها وبيعها؟ – خاصة أن هذه اللعبة مستوردة من الصين كحال العديد من المنتجات التى تغزو الأسواق المصرية – وهل هناك جهات رقابية تفحص هذه اللعب، وكيف تتم عملية الفحص؟ وهل لدينا فى مصر معامل لفحص لعب الأطفال وإجراء الاختبارات لها كما يحدث فى الدول الكبرى؟
معرفة الإجابة عن تلك التساؤلات دفعتنا فى «اليوم السابع» إلى التقصى حول مخاطر لعب الأطفال المستوردة التى تنبعث منها مثل تلك الأشعة، فعلى مدار أسبوعين تبين خلالهما أن هذه الأشعة هى أشعة كهرومغناطيسية، وأن مصر لا تمتلك معملا لإجراء الاختبارات الخاصة بهذه الأشعة، فضلا عن عدم تفعيل قرار وزير الصناعة رقم 542 لسنة 2012 بشأن الفحص على الموجات الكهرومغناطيسية وسط غياب التنسيق والتضارب بين هيئتى المواصفات والجودة والرقابة على الصادرات والواردات فى الرقابة على لعب الأطفال على الرغم من أن حجم تجارتها يصل إلى 2 مليار جنيه سنويا.
البداية كانت على موقع جوجل للبحث حول ماهية تلك الأشعة، فكان العديد من المقالات يتحدث عن خطورة ما أسمته «الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهواتف النقالة واللاسلكية وبعض لعب الأطفال»، وما نعرفه عن الأشعة الكهرومغناطيسية هى تلك الأشعة المنبعثة من الأجهزة التى تعمل بالكهرباء أو بالبطاريات وهى معلومة درسناها قديما فى كتب العلوم.
التجول داخل الأسواق المشهورة ببيع لعب الأطفال كان الخطوة الثانية، ففى محافظتى القاهرة والجيزة تنتشر محال لعب الأطفال ذات الأشكال الجميلة والأضواء المبهرة، والتى تعمل بالبطاريات، داخل منطقة «العتبة» كان أحد البائعين ينادى على الزبائن «عندنا الحصان الطاير.. بيغنى وبينور»، كان الحصان الذى يباع بعشرة جنيهات من أكثر الألعاب التى تهافت عليها الصغار أمام البائع، وتسابقت الأمهات والآباء فى شرائه لكى يدخلوا الفرحة فى قلوب صغارهم، لم نترك البائع إلا ومعنا هذا الحصان الأبيض ذو الأجنحة التى ترفرف بجواره.
البائع الذى طلبنا منه المساعدة بحجة نيتنا التجارة فى لعب الأطفال واستيرادها من الصين، قال «لو هتدخلوا التجارة دى ما تخافوش مكسبها كويس.. ولو عاوزينا نساعدكم ماشى» سارعنا بسؤاله «هى اللعب دى انتم بتجيبوها فرز تالت ولا تانى، «فبضحكة مليئة بالسخرية» يا هانم إحنا بنجيب فرز 15 مش تالت... مفيش جهاز كشف أو مراقبة على الحاجات دى علشان كده تقدرى تقولى إحنا بنجيب زبالة الصين».
على بعد أمتار قليلة، وقف بائع آخر أمام محله، يقوم بإخراج البطاريات من إحدى الألعاب ويضعها فى عربة لتسير على الأرض، فتنبعث منها أنوار وأصوات، يراها طفل لم يتجاوز العشرة أعوام فيتمسك بها، تقف بجواره والدته التى تدخل فى جدال طويل مع البائع، وتتفاوض معه على سعرها وتنجح فى الحصول عليها ب 25 جنيها «ثلاثة دولارات» بدلا من 30 جنيها وهذا ما فعلناه نحن أيضا.
وقتها تذكرت أن لعبة طفلى كان سعرها 54 جنيها، كنت اشتريتها من أحد محلات الأطفال بالجيزة فى شهر رمضان الماضى، وهو ما دفعنا للتوجه إلى ذات المكان. وبداخل قسم لعب الأطفال اشترينا قطارا سعره 70 جنيها، الألعاب الأربعة التى نمتلكها تتشابه جميعها فى الإضاءة والصوت العالى الذى تصدره ولكن لكل منها سعره فبعضها رخيص والبعض الآخر غال.
كانت الخطوة الثالثة هى ضرورة التعرف على الجهات المسؤولة عن إجراء اختبارات لعب الأطفال وبالتحديد على تلك الأشعة، وهل هى فى الحدود الآمنة المسموح بها أم لا؟ وبالفعل جاءت هيئة الرقابة على الصادرات والواردات وهيئة المواصفات والجودة على رأس قائمة الجهات التى تفحص لعب الأطفال، حيث تقوم الأولى بالاختبارات والفحوصات اللازمة، والثانية تقوم بوضع المواصفات القياسية والتى يجب توافرها عند فحص كل ما يتم استيراده وإنتاجه بما فيه لعب الأطفال».
على الموقع الإلكترونى الخاص بهيئة المواصفات والجودة المصرية، كان قرار وزير الصناعة محمود عيسى رقم 542 لسنة 2012 بشأن التزام المستوردين والمنتجين بالمواصفات المحددة من جانب الهيئة لاعتبارات الأمان والصحة والسلامة للمستهلك، وكانت من بين الاختبارات المحددة ضرورة إجراء فحص يسمى طرق قياس الطاقة الكهرومغناطيسية عند تعرض الإنسان للأجهزة الكهربائية المنزلية والأجهزة المشابهة «واختص القرار معملا يسمى «بولى تكنيك» لإجراء اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى»، هذا القرار استوقفنا كثيرا حيث يندرج تحته لعب الأطفال باعتبارها أجهزة تعمل بالبطاريات، ويتعامل معها الإنسان وقد تكون هى الأجهزة المشابهة المقصودة.
التواصل مع بولى تكنيك كان الخطوة التالية والمهمة باعتباره المعمل المتخصص فى هذا النوع من الفحوص، لمعرفة هل فحص لعب الأطفال يدخل ضمن اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى التى اختصها القرار أم لا، الدكتورة سهير فخرى نائب رئيس المعهد القومى للقياس والمعايرة والاستشارى الفنى للمعمل، أكدت أن الأشعة المنبعثة من لعب الأطفال التى اشتريناها هى أشعة كهرومغناطيسية، ويشملها قرار وزير الصناعة المشار إليه سابقا.
التعرف على درجة أمان الأشعة فى الألعاب الأربعة، كانت هى الأساس قبل الانتقال إلى الجهات المسؤولة، وبالتالى كان الحل هو إجراء الاختبارات فى معمل بولى تكنيك بصفته أحد المعامل الألمانية المعتمدة لدى هيئة المواصفات والجودة، والمسجل لديها فى سجل موردى الخدمة المعتمدين فى مجال أداء الاختبارات والقياسات، الخاصة بالتوافق الكهرومغناطيسى.
وكانت نتيجة الفحص هى أن تلك الألعاب الأربعة، تنبعث منها أشعة كهرومغناطيسية أعلى من الحد المسموح به عالميا طبقا للمعيار «37 DBM/M»، حيث وصلت الزيادة فى اللعبة الأولى «بو» بنسبة %55 والقطار يزيد %58، فيما تزيد لعبة السباق %41، أما الحصان الأبيض فقد وصلت الأشعة الكهرومغناطيسية فيه إلى %57، وهى نسب تشكل خطورة بالغة على الأطفال فى حالة تعرضهم لهذه الأشعة لفترة طويلة على حد تعبير الدكتور حسام إبراهيم، أستاذ جراحة المخ والأعصاب، قائلا إن التعرض الزائد لهذا النوع من الموجات يؤدى إلى الإصابة بالصداع المزمن والصرع فى بعض الأحيان والتهاب الأعصاب خاصة المؤدية للعين، إضافة إلى أنه يسرع من ضربات القلب، إضافة إلى أن زيادة انبعاث الأشعة عن الحد المسموح به يؤدى إلى الإصابة أيضا بالسرطان.
وبحسب تقرير صادر عن المشروع الدولى للمجالات الكهرومغناطيسية الذى ترعاه منظمة الصحة العالمية، فيجب اتخاذ التدابير الصحية العمومية اللازمة لحماية العاملين الصحيين والمرضى «وبخاصة الأطفال والحوامل» من هذه الأشعة إذا زادت عن الحد المسموح به.
خلال الحديث مع الدكتورة سهير فخرى الاستشارى الفنى لمعمل «بولى تكنيك» اكتشفنا أن القرار السابق ذكره، والصادر فى يونيو 2012 والذى أمهل المستوردين والمنتجين مهلة 6 أشهر لتوفيق أوضاعهم، لم يُفَعل حتى الآن، ولم ترسل لهم الهيئة أى عينات لإجراء الفحوصات، ولم تقم الهيئتان «الرقابة على الصادرات والواردات والمواصفات والجودة»، بإجراء اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى.
شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال والتى يصل حجم استثمارت المستوردين فيها للعب الأطفال إلى 2 مليار جنيه سنويا، لم تكن هى الأخرى على علم بأن لعب الأطفال تحتاج إلى اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى للتعرف على مدى سلامتها على الأطفال، وهو ما اتضح فى المحادثات التى جرت مع كل من علاء عادل، نائب رئيس شعبة لعب الأطفال بالاتحاد العام للغرف التجارية، والذى قال «أنا معنديش تفاصيل عنها، لكن اللى أعرفه أن الرقابة على الصادرات والواردات بتعمل اختبارات كتيرة على سمية المادة والألوان الصناعية».
نفس الأمر بالنسبة ل أحمد أبوجبل رئيس الشعبة، الذى بمجرد أن سمع باسم الاختبار قال «أنا معنديش فيد باك «خلفية» عن الموضوع دا، لكن ممكن أوصلكم بأحد كبار المستوردين تسألوه يمكن يكون عارف عنها معلومات أكتر منى».
أحمد الفيومى هو أحد كبار المستوردين للأداوات المكتبية ولعب الأطفال، لم تختلف إجابته عن سابقيه، قائلا «لا نجرى مثل هذه الاختبارات ولم أسمع عنها من قبل.. وإذا كانت هذه الاختبارات مفيدة فمن الأفضل إجراؤها»، الفيومى كشف عما اسماه بغياب التنسيق بين الرقابة على الصادرات والوردات والمواصفات والجودة من ناحية، وبين المستوردين للعب الأطفال فى غرفة التجارة الخارجية من ناحية أخرى، قائلا «أنا لا أعرف بقرار الوزير محمود عيسى، القرار الخاص بإجراء اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى» لسبب بسيط هو أن هذه الجهات لا تقوم بإبلاغنا بأحدث القرارات أو القوانين الصادرة عنها، وهذا القصور طالبنا كثيرا بضرورة علاجه، إلا أن أيا من هذه الجهات لم تستجب».
خلال التحقيق تبين أن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات ليس لديها معمل مختص بالاختبارات الكهرومغناطيسية، وأن الاختبارات التى تجريها الهيئة مقصورة على الفحص الكيميائى للتعرف على جودة المادة المصنوع منها اللعبة، ومدى سميتها، والاختبارات الميكانيكية خاصة بمدى قابلية تعرض اللعبة للكسر، أو وجود جوانب حادة قد تؤذى الأطفال، بالإضافة إلى أن هيئة المواصفات والجودة لم تضع حتى الآن فى المواصفة الخاصة بلعب الأطفال ما يلزم بضرورة إجراء هذه الاختبارات.
وبالتالى فإنه بمجرد أن تصل شحنة لعب الأطفال إلى المنافذ الحدودية سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، وعددها 28 منفذا، فإن الشحنة يراها أولا مأمور الجمارك، ليتأكد من صحة أوراقها وبياناتها ثم يقوم مأمور التعريفة بالجمارك بتوصيف عينة الألعاب المأخوذة من الشحنة، حتى تعرض فيما بعد على إحدى جهات العرض المختصة، حسب التوصيف لإجراء الاختبارات «ومن بين هذه الجهات الرقابة على الصادرات والواردات والصحة فى حالة كانت اللعبة تحتوى على أى مواد غذائية»، وذلك طبقا لما قاله مأمور جمارك طلب عدم ذكر اسمه.
وبعرض الألعاب الأربعة على أحد مأمورى التعريفة بالجمارك، فإنه وفقا لبند التعريفة رقم 95/03/00/90/10، فإن الألعاب الأربعة توصف على أنها «لعب أطفال / من لدائن / قد تلامس الفم/ أشكال مختلفة / تعرض على الواردات والحجر الصحى»، وكشف مأمور الجمارك أنه لا يضف كلمة «تعمل بالبطاريات» فى توصيفه، لأنه لا يوجد فى القانون الخاص بالجمارك ما ينص على ذلك، فضلا عن عدم وجود أى قرارات من الصادرات والواردات أو من المواصفات والجودة تلزمهم بذلك، موضحا أن الحالة الوحيدة التى تكتب كلمة تعمل بالبطاريات تكون على عربات الأطفال كبيرة الحجم، وذلك لإجراء اختبارات خاصة بسلامة البطارية نفسها وليس للإشعاع المنبعث منها.
عدم وجود معمل حكومى لهيئتى الرقابة على الصادرات والواردات والمواصفات والجودة، حاول قرار وزير الصناعة 542 لسنة 2012 التغلب عليه، عن طريق الاستعانة بالمعامل غير الحكومية المعتمدة لدى المواصفات والجودة، والتى تدرجها الرقابة على الصادرات والواردات على جدولها مثل بولى تكنيك وانترتك الذى يأتى وسط قائمة تضم 6 شركات للفحص والمراجعة، وتعتمد عليها الهيئة فى إجراء الفحوصات التى لا تمتلك لها معامل داخل البلاد، وعلى الرغم من أن الصادرات والواردات تستعين بها فيما يتعلق بفحص النسيج والملابس، إلا أنها لم تحاول إرسال عينة لعب أطفال لإجراء اختبارات الطاقة الكهرومغناطيسية، وذلك حسب كلام المهندس ياسر محمد المدير التنفيذى لانترتك فى الشرق الأوسط «لم ترسل لنا الهيئة أى عينات لفحصها والحالة الوحيدة التى نجرى فيها الاختبارات، تكون لبعض التجار الذين يرغبون فى تصدير بضاعتهم لبعض الدول التى تشترط تلك ذلك لخطورتها على الأطفال».. إجراء اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى على لعب الأطفال ليس رفاهية بل هو أساس يجب الانتباه إليه، خاصة إذا عرفنا أن عددا كبيرا من الدول بدأ فى الالتزام بهذه الاختبارات منذ تسعينيات القرن الماضى على سبيل المثال أقرت استراليا فى 1992 هذه المواصفات تحت عنوان « الاتصالات اللاسلكية»، ونفس الأمر بالنسبة لدولة كندا فى 1996، أما الاتحاد الأوروبى، فقد أقر إجراء هذه الاختبارات فى مبادرة الاتحاد الأوروبى 2004 EU Directive
2004/108/ECD، وفى حالة المخالفة وعدم الالتزام بإجراء كل الاختبارات الموجودة فى المواصفة، فإن العقوبة تصل إلى فرض غرامة 70 مليون يورو على كل من المصنع والمصدر والمستورد والموزع بالإضافة إلى وضعهم فى القائمة السوداء، ووقف نشاطهم، فى حالة عدم الالتزام بتطبيق هذه الاختبارات، أما الولايات المتحدة أقرتها فى تشريعاتها الخاصة بلجنة الاتصالات الفيدرالية، وتبدأ العقوبة بدفع غرامة 33 مليون دولار.
وفى المقابل خلت المواصفة القياسية المصرية التى تحمل عنوات «الاشتراطات الأساسية لأمان لعب الأطفال» والتى تم اعتمادها من قبل هيئة المواصفات والجودة تحت رقم 7093/ لعام 2013، من فرض اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى، بل اكتفت المواصفة بشرح طرق الاختبارات الكيميائية والميكانيكية، وكل ما تم ذكره بالنسبة للأشعة الكهرومغناطيسية جاء فى بند صغير خاص بالنشاط الكهربى، وجاء فيه «ضرورة أن تصمم وتصنع اللعب الكهربية بحيث يكون المجال الكهربى والمغناطيسى والكهرومغناطيسى أو أى إشعاعات أخرى متولدة عن طريق تشغيل اللعبة، مقتصرا عند الحد الضرورى لتشغيل اللعبة، ويجب التشغيل عند الحد الآمن بالتطابق مع المواصفات القياسية الصادرة بهذا الشأن».
رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات المهندس علاء عبدالكريم الذى تولى منصبه منذ عدة أشهر، كشف عن أن الهيئة لا ترى وجود فائدة اقتصادية من إنشاء هذا المعمل، حيث قال «اقتصاديا ملهاش أى معنى إنى أفتح معمل علشان كل 3 شهور يجيلى رسالة أو شحنة أعمل لها اختبارات كهرومغناطيسية».
كلمات عبدالكريم تتنافى تماما مع حجم الاستثمارات التى تعتمد عليها تجارة لعب الأطفال والتى تصل سنويا إلى 2 مليار جنيه طبقا لتصريحات أحمد أبوجبل رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال، ويكذبها عدد الشحنات الواردة إلى مصر بداية من أول يناير 2013 والتى تصل وفقا لرصد الصادرات والواردات إلى 4726 رسالة، وزنها 47433 طنا، وتتعارض أخيرا تلك النظرة الاقتصادية لرئيس الهيئة مع وجود معمل للطاقة الكهرومغناطيسية سوف يفيد فى اختبارات عديدة ليست مقصورة فقط على لعب الأطفال بل على جميع الأجهزة الكهربائية المنزلية التى تحتاج لمثل هذا النوع من الفحص.
عبد الكريم تحدث باستفاضة عن الاختبارات الكيميائية والميكانيكية التى تجرى للعب الأطفال داخل معامل الهيئة فى قرية البضائع بمطار القاهرة والذى سمح ل«اليوم السابع» بزيارته، وأضاف عبدالكريم قائلا «غالبا لعب الأطفال ليس بها طاقة كهروماغنطيسية.. الأشعة دى موجودة فى التليفونات».
عدم التنسيق بين هيئتى المواصفات والجودة والرقابة على الصادرات والواردات تبين من خلال الحديث مع رئيسى الهيئتين اللذين ألقى كل منهما المسؤولية على الآخر، ففى الوقت الذى تبرأ الدكتور حسن عبدالمجيد، رئيس الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، من عدم إجراء اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى على لعب الأطفال بقوله إن المواصفات ليست هى الجهة المعنية بتنفيذ الاختبارات المتعلقة بالسلع المستوردة، ولكن الأمر يتعلق بهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، جاء رد علاء عبدالكريم بأنه جهة تنفيذ لما تحدده هيئة المواصفات والجودة من مواصفات، فضلا عن أن المواصفة الأخيرة للعب الأطفال لا تشتمل على اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى، قائلا «إذا كانت هناك مواصفة وقتها هيكون من حقى أعمل المعمل دا ولكن طالما مافيش مواصفة هقيس إزاى».
المفارقة الأخرى أنه على الرغم من أن رئيس المواصفات والجودة أكد أنه قرر إنشاء معمل حكومى خلال الفترة القادمة لإجراء اختبارات التوافق الكهرومغناطيسى على لعب الأطفال والأجهزة الكهربية، فإن رئيس الصادرات والواردات فوجئ بهذا القرار، وأضاف قائلا «من الناحية القانونية فالصادرات والواردات هى التى تملك حق الفحص لأى سلعة، ولكن قبل الإنشاء يجب أن يكون للمعمل سند اقتصادى، خاصة أن ما يعرض علينا كجهة رقابية لا يتعدى ال %20 من إجمالى السلع المستوردة».
إلى أن تتخذ الهيئتان موقفا موحدا تجاه اختبارات الأشعة الكهرومغناطيسية للعب الأطفال، وإلى أن تضع المواصفات والجودة، مواصفة جديدة تلزم جميع المستوردين والمنتجين بذلك.. وإلى أن يطلع المسؤولون على المواصفات القياسية العالمية فى هذا المجال، وإلى أن يستوعب هؤلاء خطورة هذه الأشعة.. لا يدفع الثمن سوى أطفالنا الصغار، وستبقى هذه الألعاب الضارة فى أيدى صغارنا دون أى رقابة وفحص لها، والحل هو الاستعانة بالمعامل المتخصصة فى إجراء هذه الاختبارات داخل كليات العلوم وبحوث الالكترونيات، كما يقول الدكتور محمد على، أستاذ النانو تكنولوجى بكلية العلوم جامعة القاهرة، والذى يقترح أيضا توحيد الجهات الرقابية تحت مظلة واحدة لكى يتفادى المجتمع النتيجة السيئة للتضارب وغياب التنسيق.
اقتراح أستاذ النانو تكنولوجى يتلاقى مع ما خرجنا به من حلول من هذا التحقيق، ألا وهى ضرورة أن تسير الهيئتان فى طريق واحد، وأن يحدث التوافق بينهما فى التنسيق فيما يتعلق بإنشاء المعمل وإلى أن يخرج المعمل للنور ويصبح قادرا على إجراء الاختبارات، يجب استغلال الهيئتين لكل المعامل المتاحة فى الدولة، سواء كانت معامل تابعة لكليات العلوم، أو معامل دولية أو معامل خاصة، ومعتمدة لديهما لإجراء هذه الاختبارات على كل السلع.. لأن فى النهاية صغارنا هم الضحايا ولا أحد سواهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.