مرة أخرى يتأكد دور المواقع الاجتماعية على شبكة الانترنت وما أصبحت عليه من أهمية كبرى لمرتاديها ومتنفسا لايمكن الاستغناء عنه ونافذة لطرح الآراء والمبادرات أو القاء الصرخات فبعد ساعات على كارثة سقوط الطائرة الأثيوبية قبالة شاطئ خلدة في لبنان ، برز موقع «فايسبوك» بصفته متنفساً مهماً لتعبير المواطنين عن مشاعرهم، ولوحظ أن أغلب الأعضاء اللبنانيين (ومن جنسيات أخرى أيضاً) غيّروا صورهم التعريفية في صفحاتهم واستبدلوها بصورة علم لبنان وقد غطى زاويته شريط أسود للتعبير عن حدادهم على أرواح الضحايا، وأضافوا إلى صفحتهم عبارات منها تضامنية مع الأهالي وأخرى تعبر عن عاطفتهم فيها الدعاء بالرحمة لأرواح الركاب. من أبرز المجموعات، كانت R.I.P victims of plane crash in Lebanon، وهي المجموعة الأكثر استقطابا للمتصفحين. فعدد أعضائها وصل إلى ستين ألفاً وأربعمئة وتسعة وثمانين لغاية كتابة هذه السطور. أسسها كل من إليز خيرالله وميشال معوض وشيرين الحاج وراي قازان، فحملت آلاف التعليقات وصور الضحايا المأخوذة من حياتهم اليومية والأخرى المستقاة من وكالات أنباء. هنا تدور النقاشات والتكهنات حول أسباب سقوط الطائرة وتكثر عبارات التعاطف مع ذوي الضحايا. إضافة إلى هذه المجموعة، برزت أخرى أسستها إيمان الأطرش وحملت عنوان «صرخة احتجاج ضد وقف عملية البحث عن المفقودين في الطائرة الأثيوبية». ومع ان أحداً لم يتكلم عن عملية وقف البحث عن المفقودين عند إنشاء المجموعة، إلا انها جمعت المئات، الذين توجهوا بصرخة احتجاج ضد وقف محتمل لعملية البحث عن المفقودين!: «يجب على الشعب اللبناني ان يصرخ بأعلى صوته أين قيمة الإنسان» حسب ما كُتب على صفحتها الرئيسية. تحمل المجموعة صورة لعلم لبنان على زاويته شريط أسود وداخل الأرزة شمعة مضاءة، وقد كتب على العلم «شمعة لكل من فقد في حادثة الطائرة». تتنوع العبارات والآراء على صفحة المجموعة إلا ان اغلبها تمحور حول مواساة العائلات المنكوبة «الله يصبرهم وعم نبكي معهم» بالإضافة إلى آيات قرآنية، مع عبارات تشد على أزر أهالي الضحايا، وأصدقاء يتحدثون عن مزايا أحبابهم الذين فقدوهم. في مجموعة ثالثة، تدخل التعليقات إلى تفاصيل حياة الركاب: «ما إلها شهر مزوجة.. بعد ما تهنوا» (عند الحديث روان الوزنة وزوجها ووالدتها)، بينما تتعاطف أم مع الضحايا الأطفال «ألله يصبر قلوب أمهاتهم».. مع توالي التعليقات، تحتدم لغة الحوار أحيانا، فهناك من يعترض على نشر صور شخصية للضحايا «صارت بدار الحق، لا تنشروا صورها الخاصة»، بينما يرد آخر «كانت متل القمر ومحبة، ليش بدنا نخبيها؟». تنفلت الأعصاب وهي تشرح معنى «حرمة الميت» وما إذا كان يجوز نشر صوره، وفي هذا الوقت يقفز عدد أعضاء المجموعة مع كل ثانية، وتبقى في الصدارة أحرف RIP أي «ليرقدوا بسلام».