السبت 6 ديسمبر 2008 غادرنا القاهرة صباحا ووصلنا إلي لوس انجلوس عن طريق باريس الخامسة مساء بتوقيت لوس انجلوس الذي يتأخر 10 ساعات عن توقيت مصر.. وبسبب هذا الفرق في التوقيت يصل القادم من الشرق إلي أمريكا في نفس يوم سفره ويعود من امريكا في الغرب إلي بلاده في اليوم التالي.. بمعني اخر فان المسافر إلي الغرب يسافر ضد الزمن علي عكس المسافر إلي الشرق فإنه يسبق الزمن، اقول الزمن لان هناك فرقا بين الزمن والزمان فالزمن هو الوقت الذي نعيشه، والذين في الشرق والغرب يعيشون في زمن واحد بتوقيتين مختلفين اي ان الزمن توقيت الساعات والأيام والسنين اما الزمان فهو حقب ودهور وتراكمات لهذا غنت أم كلثوم عاوزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يازمان. وقد شغلت بال العلماء ومازالت فكرة اختراق جدار الزمان والسفر فيه إلي الماضي والمستقبل، وربما كان من اوائل هؤلاء الروائي البريطاني هربرت جورج ويلز الذي كتب روايته الشهيرة آلة الزمن وهي رواية خيالية ظهرت أول مرة في نهاية القرن ال19 عن احد العلماء الذي تمكن من السفر إلي المستقبل البعيد وشاهد فيه من المحطة التي وصل إليها ماضي البشرية الذي هو حاضرنا وسنواتنا المقبلة وقد رأي فيه ان كثيرا من البشر سيصبحون حيوانات نتيجة الكوارث التي ستواجهها البشرية بسبب التجاوزات التي ترتكبها بما يخل التوازن الكوني غير مدركة ان هذا التوازن اذا اختل انهارت الحياة. وقد اثبتت الاحداث ان الروائي البريطاني لم يذهب به الخيال بعيدا فبعد أكثر من 100 سنة ثبت ان العالم افسد بمخترعاته توازن الطبيعة وسمعنا عن الاوزون والاحتباس الحراري والغازات المنبعثة واحتمالات غرق اراض في المستقبل ومنها اراضي الدلتا في مصر، وتنبه العلماء إلي الخطر الذي يهدد الكرة الارضية فكان ان بدأوا منذ التسعينيات من القرن الماضي تحريض قادة الدول لاتخاذ اجراءات الحفاظ علي الأرض وهو ما شاهدناه من خلال عدة مؤتمرات دولية بدأت بمؤتمر الارض عام 1992 واخيرا مؤتمر كوبنهاجن ديسمبر2009. ويبدو ان شابا قرأ رواية آلة الزمن فراح يطاردني مؤكدا انه توصل إلي ما يمكنه من رؤية احداث الماضي لانها مختزنة في الفضاء في صورة ذبذبات واشارات يمكن رؤيتها اذا توصلنا إلي جهاز نسافر به بسرعة أكثر من سرعة الضوء التي يسافر بها الزمن ولما كانت سرعة الضوء نحو 300 الف كيلو متر في الثانية الواحدة 299792,5 كيلو متر لما حدده العالم المعروف اينشتاين فإن التوصل إلي كاميرا تسجل الحركة بنفس السرعة يمكنها من رؤية احداث هذا الماضي وقد تصور الشاب انه توصل إلي كشف خطير ويريد مني مساعدته بعد تسجيل النظرية التي تصور انه اكتشفها في تصنيع الوسيلة التي يمكن ان يسافر أو نسافر بها بسرعة الضوء حتي نري ماحدث في الماضي علي الطبيعة كما نري فيلما سينمائيا! واعود إلي مدينة لوس انجلوس وهي مدينة ضخمة وكبيرة جدا ومن ليست لديه سيارة ينتقل بها بين احيائها الممتدة يتوه فمساحة المدينة 1290 كيلو مترا مربعا الكيلو متر المربع الواحد نحو 250 فدانا وهي اكبر مدن ولاية كاليفورنيا وثاني أكبر مدن أمريكا بعد نيويورك ويسكن داخل لوس انجلوس 3,9 مليون اما الذين يسكنون حولها ويشكلون المتروبوليتان أو لوس انجلوس الكبري فيبلغون 13 مليونا عبارة عن خليط من كل انحاء العالم يتحدثون 229 لغة مختلفة من بينها العربية التي يشكل العرب اصحابها ومن بينهم المصريون أكبر جالية في شرق الولايات المتحدة! ولوس انجلوس من أكبر مراكز الأعمال والتجارة والترفيه والثقافة والموضة والإعلام والعلوم والتكنولوجيا وعدد من الجامعات.. ففيها أول مركز لانتاج افلام التليفزيون والسينما والموسيقي وفيها هوليوود مدينة صناعة السينما وفيها منطقة بيفرلي هيلز التي تعتبر منطقة كبار الاثرياء والنجوم. وقد اسس الاسبان لوس انجلوس في 4 سبتمبر 1781 كمدينة للسيدة الملاك المالكة ملكة الملائكة ولهذا اطلقوا عليها لوس انجلوس اي مدينة الملائكة وفي عام 1821 بعد 40 سنة من انشائها عندما استقلت المكسيك عن اسبانيا اصبحت لوس انجلوس جزءا من المكسيك إلا ان امريكا تمكنت عام 1848 من عقد أهم صفقة في التاريخ عندما تمكنت من شراء ولاية كاليفورنيا بكل ما فيها من المكسيك ولنا أن تصور ماذا لو كانت كاليفورنيا 424 الف كم2 تعد اغني ولاية أمريكية تتبع المكسيك حتي اليوم؟! * نقلاً عن جريدة "الأهرام" المصرية