قرار الإعتقال الذي أصدرته محكمة وستمنستر البريطانية بحق تسيبي ليفنى وزيرة خارجية اسرائيل السابقة لارتكابها جرائم حرب يفتح طريقا جديداً أمام العرب لاتخاذ إجراءات مماثلة ضد قادة إسرائيليين. هذا هو رأي الخبراء القانونيين كما أوردته جريدة"المصري اليوم" كما نقلت رأي الدكتور عماد جاد، الخبير بالشؤون الفلسطينية الإسرائيلية يقول: أنه من حق المواطنين العاديين رفع قضايا ضد القادة الإسرائيليين، ومن حق المنظمات الحقوقية المطالبة بمحاكمتهم جنائيا، إلا أن الأمر سيقف بهم فى النهاية عند ذلك الحد. أيضا كتب راكان المجالي في جريدة"الدستور" الأردنية يقول: هنالك فرصة لدى الفلسطينيين والعرب وأحرار اوروبا لرفع قضايا ضد مجرمي الحرب في اسرائيل خاصة ما توثق في الغرب عبر الاعلان وغيره من تأكيد لمحرقة غزة الهمجية والقاضي البريطاني الذي اصدر حكما باعتقال ليفني طبقاً لاثباتات تؤكد هول المجازر الجماعية التي ارتكبت بغزة والتي تقدم بها بعض الناشطين البريطانيين والعرب في لندن ، هذا القاضي لم يأبه بكل التهديد والترهيب فأصدر حكماً جازماً بحق ليفني. وما يعنينا هنا هو ان نشير الى ان قادة اسرائيل سيجدون انفسهم محاصرين في اوروبا في المستقبل اذا استمر سيل القضايا المرفوعة كما يقول السفير الاسرائيلي في بريطانيا. والسؤال هو لماذا لا يقاطع العرب قادة الكيان الصهيوني وذلك اضعف الايمان؟ ليفي بررت الغاء زيارتها الى العاصمة البريطانية، لندن بأن هذا الأمر كان مقررا من اسبوعين وأن لاعلاقة له بصدور قرار باعتقالها ومحاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، قائلة «أعتز بما فعلته فى الحرب على غزة» كانت ليفني ستتوجه أمس الأول، إلى لندن، للمشاركة فى مؤتمر ينظمه الصندوق القومى اليهودى . ونعود "للمصري اليوم" التي تحدثت عن تاريخ ليفنى، التى ولدت فى تل أبيب عام 1958، والتى تنحدر من أسرة لها تاريخ عريق فى الإجرام والإرهاب حيث إن والديها كانا من أعضاء حركة «أرجون» التى كانت لها اليد فى مجازر «دير ياسين» وغيرها من قتل وتفجير وترحيل للفلسطينيين عن أراضيهم، تسير على نفس الدرب حيث قالت: أنا أؤمن، كوالدى، بحق اليهود فى كل أرض إسرائيل. وتشربت ليفنى منذ نعومة أظفارها التطرف السياسى من إيتان والدها، وهو كان عضو الكنيست الإسرائيلى (البرلمان) عن حزب الليكود بين السنوات 1973 و1984، وقائداً سابقاً لشعبة العمليات فى المنظمة الإرهابية «أتسل» التى كان يقودها مناحيم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، قبل عام 1948، والذى اشتهر بشكل خاص فى تخطيطه وإشرافه على تنفيذ عمليات تدمير البنى التحتية ل«العدو»، مثل تدمير شبكات الكهرباء والهاتف ومخازن الحبوب والمواد الغذائية، فضلا عن مسؤوليته المباشرة عن تنفيذ العديد من المجازر التى ارتكبت فى تلك الفترة ضد الفلسطينيين، وعلى رأسها مجزرة «دير ياسين»، التى خطط لها وحصل على موافقة بيجن لتنفيذها، والذى أصبح فيما بعد نائبا فى الكنيست عن حركة «حيروت» التى تعتبر نواة حزب «الليكود» اليمينى. واشتهر ايتان بين زملائه ب«إيتان الرهيب» كناية عن عنفه وإرهابه، وعدم إبدائه أى قدر من الرحمة تجاه القرويين الفلسطينيين الذين كان يبطش بهم. وانضمت ليفنى عندما كانت صبية إلى حركة «بيتار» اليمينية وشاركت فى المظاهرات ضد اتفاقية فك الاشتباك بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والتى سعى وزير الخارجية الأمريكى، هنرى كيسنجر، للوصول إليها بعد حرب 1973. ونشطت الطالبة ليفنى وهى فى المرحلة الثانوية فى المظاهرات التى نظمها اليمين الإسرائيلى فى أوائل السبعينيات، وعندما كان بيجن على مقربة من التوقيع على اتفاقية «كامب ديفيد» كانت ليفنى ضمن شبيبة حزب الليكود الذين تحدوا بيجن وتظاهروا ضده، وكان إلى جانبها تساحى هنجبى، رئيس لجنة الخارجية والأمن الحالى. والتحقت ليفنى بدورة ضباط فى الجيش الإسرائيلى، حيث أظهرت تميزا واضحا فى تنفيذ المهام التى أسندت إليها، لكن قبل إنهاء خدمتها العسكرية، تلقت رسالة موقعة من رئيس جهاز الموساد فى ذلك الوقت، شفطاى شفيت، تفيد برغبة الجهاز فى تجنيدها لصفوفه، حيث لفت نظر قادة الموساد إجادة ليفنى اللغتين الفرنسية والإنجليزية، فضلا عن مظهرها الأوروبى، فتقرر إرسالها للعمل ضمن وحدات الموساد العاملة. وكما كانت جولدا مائير وزيرة للخارجية الإسرائيلية فى الستينيات، تسير على خطاها ليفنى، والفارق الوحيد بينهما أنهم كانوا يطلقون على جولدا مائير «الرجل الوحيد فى الحكومة»، بينما ليفنى تستخدم كل الأسلحة ومنها أنوثتها فى خدمة مصالح إسرائيل العليا ولديها مقدرة عالية على الإقناع والتأثير فى السياسيين الذين تلتقى بهم. وتعلق د.عايدة النجار في "الدستور" الأردنية تقول: موقف ليفني يعيد للذاكرة التاريخية نشاطات والديها الأم والأب اللذين ربياها لتكون كما هي "مجرمة حرب". وها هي إسرائيل وجيلها الجديد أبناء العصابات الصهيونية لا يتعلمون ، ولا يعترفون بجرائمهم. وكما هي ليفني وغيرها ممن سيقوم القضاء بملاحقتهم اليوم أو غدا. إنهم يبحثون عن ليفني ليحاكموها لانها قامت بجرائم حرب ضد الانسانية؟ فهل سيفلحون في محاكمة مجرم واحد من المذنبين ليكونوا عبرة؟ لعل وعسى،. ويقول عبد الباري عطوان في "القدس العربي" القوانين البريطانية التي استند اليها القاضي البريطاني اثناء اصداره مذكرة اعتقال في حق ليفني اصدرها اليهود انفسهم، وفرضوها على جميع الدول الاوروبية بعد الحرب العالمية لحماية بني جلدتهم، ولملاحقة مجرمي الحرب النازيين الذين شاركوا في المحرقة (الهولوكوست) والانتقام منهم. لم يخطر في بال هؤلاء وقادة الدولة الاسرائيلية انهم سيشربون من الكأس نفسه، ويواجهون العدالة نفسها، وبالتهم نفسها، وفي الدول نفسها، لانهم ارتكبوا جرائم وحشية، ترتقي الى مستوى جرائم النازية في حق اناس ابرياء عزل، سرقوا ارضهم وشردوهم في المنافي ومخيمات اللجوء، ثم لاحقوهم بقنابل الفوسفور الابيض، بعد ان فرضوا عليهم حصارا تجويعيا بموافقة 'العالم المتحضر' ومساندته. ويضيف: فإذا كان من حق اليهود والاسرائيليين ان يقيموا 'مركز روزنتال' لمطاردة مجرمي الحرب النازيين ويقدموهم الى العدالة، وينفذوا فيهم احكاما بالشنق (ايخمان عام 1961) حتى لو تجاوز بعضهم الثمانين عاما (جون ديمانيوك الذي يحاكم حاليا في المانيا)، فانه من حق العرب والمسلمين، وكل انصار العدالة في العالم ان يطاردوا مجرمي الحرب الاسرائيليين، سياسيين كانوا او جنرالات، وتقديمهم الى العدالة، وتلقي جزاء شرورهم وجرائمهم.